وما أصدق ما قاله أحد هؤلاء القساة القلوب: دانو نزيو الشاعر الإيطالي مهد السبيل للحركة الفاشستية، وكتاب الأسبان وشعراؤهم مهدوا السبيل للجمهورية الإسبنيولية، فلا يجب أن تكون الزعامة في الأمة للسياسيين وحدهم إذن، ولا الصحافيين والسياسيين فقط، بل يجب أن يشترك معهم ويتقدمهم الأدباء والشعراء الحقيقيون الذين يفرحون بما يضمحل من شخصياتهم في سبيل الشخصية الوطنية القومية الكبرى.
أما الشعراء والأدباء الذين يعيشون لأنانيتهم يدللونها؛ ويكتبون وينظمون لتمجيدها؛ ضمنا أو صراحة ويتخيلون أنفسهم من «الأولمب» أبناء الآلهة، أو المندوبين عنهم فينا، ويظنون أن الأمة لا تنهض إذا لم تحلم أحلامهم، وتردد قوافيهم فتحزن لحزنهم، وتبكي لبكائهم، وتضفر بعد ذلك أكاليل المآتم لها ولهم، فلهؤلاء الشعراء والأدباء نقول: إننا في هذا الزمن العصيب لفي غنى عن شعركم وأدبكم، ولو كان الأمر لنا لسخرناكم والله للعمل المفيد في أمة تنشد الأعمال المفيدة.
إخواني أنتم فاسمعوا لوجه الإخاء هذه الكلمة، إنكم لذو تبعة لأنكم أذكياء وذكاء المرء محسوب عليه، فلو تشيعتم لحق وطني قومي، وناضلتم عنه بكل ما أوتيتم من قوة ومن علم وبيان، لتجددت فيكم الآمال، ولعادت إليكم لذة الحياة الكبرى - لذة العمل الصالح المفيد للوطن.
لقد أنكرتم علينا القول: إن زينة الحياة القوة، فقلتم وقد فاتكم ما شمل من كلامنا: إن في الحياة غير القوة مما يستوجب الرعاية والإجلال، أي: إن فيها للعبقريين من رقة الشعور، وعذوبة الأرواح، ما يتألف منه روعة الفن وطهارة الدموع، وأمام تلك الرقة والعذوبة وعند قدمي الروعة والطهارة، يجب أن نخر ساجدين.
وإني أقول لكم: إن من ينشدون فنا لا وطن له يمسون ولا فن لهم ولا وطن.
وإن عظموا كيوان عظمت واحدا
يكون له كيوان أول ساجد
القوة ثم القوة ثم القوة!
2
القوة العقلية العلمية، والقوة الروحية اللاطائفية، والقوة المادية الاقتصادية.
Halaman tidak diketahui