على أن ده موسه ولامارتين وفكتور هوغو مدينون بشيء من روح الشعر الجديدة لشاعر تقدمهم هو ألفريد ده فيني “de Vigny”
وقد كان شعره فلسفيا رومنطقيا معا، وإن ده فيني في مغالبة الزمان، والصبر على آلام الحياة لشبيه بالمعري أبي العلاء.
4
ومن من شعراء أوروبه نظير هينه “Heinrich Heine”
في ما قاساه من الآلام؟ فقد ظل هذا الشاعر اثنتي عشرة سنة طريح الفراش، وهو في تلك السنين المرة يكتب النثر وفيه روعة نادرة، وينظم الشعر وفيه السحر الخالد.
وبالرغم من آلامه وأوصابه كلها، قلما نجد في شعره أنة مزعجة، أو دمعة لا تصحبها نكتة أو ابتسامة؛ ذلك لأنه كان خفيف الروح، حلو المزاج، وذا فكر فوق ذلك طواف محيط، فقد تغلغل في بحث الحياة، وأمعن في أغوارها وأنجادها، فأضحكته فيها المتناقضات، وشحذت الأوهام قوة التهكم منه، كما جلت روح الحق روحه الثائرة الساخرة، الممزوجة بالطريف من المزاح.
أعيد ما أسلفت قوله، وهو أن الألم يرفع بالشعراء الكبار إلى أوج المعرفة؛ فيرون الحياة كاملة بما ظهر منها، سابغة بما اتضح، ويرون كذلك الشعلة الإلهية التي تنير لبها وحواشيها.
ولكن الألم غير الدموع، ومن السهل على من لا يفكرون تفكيرا صحيحا علميا أن يخلطوا بين الاثنين، ولا تظنن أيها القارئ العزيز أن الدموع هي التي طهرت فرنسه من أدران الظلم والفساد، كما قال أحد الأدباء الدمعيين: بل هي الثورة التي ولدتها الآلام.
الدموع تسكن القوى، والآلام تثيرها.
والشعراء الكبار، مثل أبي العلاء وهينه وده موسه، قاسوا من آلام الحياة أشدها وأنواعها، لما كان في زمانهم من جهل وظلم، ووهم وفساد، ولكنهم لم يبكوا لا بل لم يذرفوا الدموع، بل كانوا ثائرين متمردين، داعين للثورة والتمرد، داعين لجهاد الظلم والظالمين.
Halaman tidak diketahui