وروى عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه كعب١ أنه كان إذا سمع النداء يوم الجمعة ترحم لأسعد بن زرارة، فقلت له: إذا سمعت النداء ترحمت لأسعد بن زرارة. قال: لأنه أول من صلى قلت كم كنتم يومئذ؟ قال أربعون.
وأما أول جمعة جمعها رسول الله ﷺ لأصحابه على ما ذكر أهل السير: "أن النبي ﷺ لما قدم المدينة مهاجرا نزل قباء على بني عمرو بن عوف، وذلك يوم الاثنين اثنتي عشرة خلت من شهر ربيع الأول حين امتد الضحى، فأقام بقباء يوم الاثنين والثلاثاء والأربعاء ويوم الخميس وأسس مسجدًا، ثم خرج من بين أظهرهم قاصدًا المدينة فأدركته الجمعة في بني سالم بن عوف في بطن واد لهم قد اتخذ القوم في ذلك الموضع مسجدا فجمع هناك وخطب.
نقل من اختلفوا في صدر البحث إلى هنا من معالم التنزيل للإمام البغوي٢ ﵀.
والمسجد الجامع وإن شئت قلت: مسجد الجامع بالإضافة كقولك: الحق اليقين وحق اليقين، بمعنى: مسجد اليوم الجامع وحق الشيء اليقين لأن إضافة الشيء إلى نفسه لا تجوز إلا على هذا التقدير.
وكان الفراء يقول: العرب تضيف الشيء إلى نفسه لاختلاف اللفظين.
وقال صاحب الدرر: وهي فرض لقوله تعالى: ﴿فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾ . [سورة الجمعة: آية ٩] . والأمر بالسعي إلى الشيء خاليا عن الصارف لا يكون إلا لإيجابه.
_________
١ كعب بن مالك بن أبي كعب الأنصاري الخزرجي السلمي. كان أحد شعراء رسول الله ﷺ الذين كانوا يردون الأذى عنه. شهد العقبة الثانية. وهو أحد الثلاثة الأنصار الذين تخلفوا عن غزوة تبوك ثم تاب فتاب الله عليه. توفي زمن معاوية سنة خمسين وقيل سنة ثلاث وخمسين. انظر أسد الغابة ٤/٤٨٧ وما بعدها والاستيعاب ٣/١٣٢٣ وما بعدها والإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر ٣/٣١٤.
٢ أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد المعروف بالفراء البغوي الفقيه الشافعي المحدث المفسر توفي في شوال سنة ست عشرة وخمسمائة. من أشهر مؤلفاته: شرح السنة، والتهذيب، والمصابيح. انظر: وفيات الأعيان ١/١٨٢ وما بعدها، وتذكرة الحفاظ ٤/١٢٥٧ وما بعدها، وطبقات الشافعية ٧/٧٥ وما بعدها، وشذرات الذهب ٤/٤٨ وما بعدها.
1 / 38