كما ذكر آنفا.
وفي الإشراف: اختلفوا في الأذان والإقامة فقال أبو حنيفة والشافعي ومالك رحمهم الله تعالى: هما سنتان، وقال أحمد١: هما فرضان على أهل الأمصار على الكفاية إذا قام بهما بعضهم أجزأ عن جميعهم.
واتفقوا على أنه إن أجمع أهل البلد على ترك الأذان والإقامة قوتلوا على ذلك لأنه من شعائر الإسلام فلا يجوز تعطيله.
وقيل: إنه واجب. وعن عطاء٢ ﵀: من ترك الإقامة أعاد الصلاة كذا في مجمع الفتاوى.
روي عن أبي محذورة مؤذن مكة أنه قال علمني رسول الله ﷺ الأذان تسع عشرة كلمة والإقامة سبع عشر كلمة "بدايع".
الإقامة: مصدر أقام بالمكان إقامةً، والهاء عوض عن عين الفعل لأن أصله إقوامًا.
وأقام الشيء أي: أدامه من قوله تعالى: ﴿وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ﴾ [سورة البقرة: آية ٣] كذا في الصحاح.
وتخالج في روع الفقير أن يكون الإقامة المتعارفة من أقام الشيء بمعنى أدامه، لكن المرئي من سياق الجوهري من أقام بالمكان. وعلى هذا التقدير تكون الإقامة بمعنى القيام لأن أقام في أقام بالمكان لازم، يشم روح التعدية في الإقامة لأنه إعلام للحاضرين لأن يقوموا إلى الصلاة وإعلام القيام إلى الصلاة ينزل بمنزلة الإقامة لها فتأمل.
وفي الكافي: الأولى أن يتولى العلماء أمر الأذان. وفي مجمع الفتاوى: وينبغي أن يكون المؤذن مهيبًا ويتفقد أحوال الناس ويزجر المتخلفة عن الجماعة. وسنة الأذان في
_________
١ أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني حامل لواء السنة وإمام المحدثين. ولد سنة أربع وستين ومائة وتوفي سنة إحدى وأربعين ومائتين. انظر طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى الحنبلي ١/٤ وما بعدها ووفيات الأعيان ١/٢٠ وما بعدها وشذرات الذهب ٢/٩٦ وما بعدها.
٢ أبو محمد عطاء بن أبي رباح، كان من كبار التابعين وفقهاء مكة وزهادها، وإليه وإلى مجاهد انتهت فتوى مكة. توفي سنة خمس عشرة ومائة وقيل غير ذلك. انظر وفيات الأعيان ١/٤٠١ وشذرات الذهب ١/١٤٧ وما بعدها وصفة الصفوة ٢/٢١١ وما بعدها.
1 / 22