86

Anis Fudala

أنيس الفضلاء من سير أعلام النبلاء

قال الذهبي: لم يرد أنه ^ كتب شيئا، إلا ما في صحيح البخاري من أنه يوم صلح الحديبية كتب اسمه "محمد بن عبد الله" . واحتج بذلك القاضي أبو الوليد الباجي ، وقام عليه طائفة من فقهاء الأندلس بالإنكار وبدعوه حتى كفره بعضهم(1). والخطب يسير، فما خرج عن كونه أميا بكتابة اسمه الكريم ، فجماعة من الملوك ما علموا من الكتابة سوى مجرد العلامة، وما عدهم الناس بذلك كاتبين، بل هم أميون ، فلا عبرة بالنادر ، وإنما الحكم للغالب . والله تعالى فمن حكمته لم يلهم نبيه تعلم الكتابة حسما لمادة المبطلين كما قال تعالى: ?وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون? [العنكبوت:48] ومع هذا فقد افتروا ?وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وعشيا? [الفرقان:5] فانظر إلى قحة المعاند ، فمن الذي كان بمكة وقت المبعث يدري أخبار الرسل والأمم الخالية ؟ ما كان بمكة أحد بهذه الصفة أصلا . ثم ما المانع من تعلم النبي ^ كتابة اسمه واسم أبيه مع فرط ذكائه ، وقوة فهمه ، ودوام مجالسته لمن يكتب بين يديه الوحي والكتب إلى ملوك الطوائف؟

...ثم هذا خاتمه في يده ونقشه محمد رسول الله . فلا يظن عاقل أنه عليه السلام ما تعقل ذلك ، فهذا كله يقتضي أنه عرف كتابة اسمه واسم أبيه . وقد أخبر الله بأنه صلوات الله عليه ما كان يدري ما الكتاب . ثم علمه الله تعالى ما لم يكن يعلم .

Halaman 86