172

Anis Fudala

أنيس الفضلاء من سير أعلام النبلاء

* وكان المتوكل على الله العباسي مشغوفا بقبيحة لا يصبر عنها، فوقفت له وقد كتبت على خدها بالغالية: اسمه "جعفر"، فتأملها، ثم أنشأ يقول:

وكاتبة بالمسك في الخد جعفرا * بنفسي محط المسك من حيث أثرا

لئن أودعت سطرا من المسك خدها* لقد أودعت قلبي من الحب أسطرا

(12/33).

ومما قيل في الحب:

وما الحب من حسن ولا من سماحة * ولكنه شيء به الروح تكلف(1)

* ومنه قصيدة الشاعر أبي المرهف النميري:

متى يتألف الشمل الصديع * وآمن من زماني ما يروع

وتأنس بعد وحشتنا بنجد * منازلنا القديمة والربوع

ذكرت بأيمن العلمين عصرا * مضى والشمل ملتئم جميع

فلم أملك لدمعي رد غرب * وعند الشوق تعصيك الدموع(2)

وقال الكميت:

والحب فيه حلاوة ومرارة * سائل بذلك من تطعم أو ذق

ما ذاق بؤس معيشة ونعيمها * فيما مضى أحد إذا لم يعشق

(5/389).

طرائف من الشعر وأخبار الشعراء

وإنهم يقولون ما لا يفعلون!:

قال مالك: أتى فتيان إلى عمر بن عبد العزيز وقالوا: إن أبانا توفي وترك مالا عند عمنا حميد الأمجي، فأحضره عمر، فلما دخل قال: أنت القائل:

شربت المدام فلم أقلع * وعوتبت فيها فلم أسمع

حميد الذي أمج داره * أخو الخمر ذو الشيبة الأصلع

أتاه المشيب على شربها * وكان كريما فلم ينزع

قال: نعم. قال: ما أراني إلا سوف أحدك، إنك أقررت بشرب الخمر، وأنك لم تنزع منها. قال: أيهات! أين يذهب بك؟ ألم تسمع الله يقول: (والشعراء يتبعهم الغاوون) إلى قوله: (وأنهم يقولون ما لا يفعلون)[الشعراء:224-225].

فقال عمر: أولى لك يا حميد، ما أراك إلا قد أفلت. ويحك يا حميد! كان أبوك رجلا صالحا، وأنت رجل سوء. قال: أصلحك الله، وأينا يشبه أباه؟ كان أبوك رجل سوء، وأنت رجل صالح.

Halaman 172