الليلة الافتتاح، والجمهور كثير، والأضواء هي الأضواء، والسيرك هو السيرك، ولكنه زمان، في أول إنشائه كان سيركا متلألئا، صاخب الجمهور، غني الأضواء. كان فعلا ذلك المكان الذي قصد بالسيرك أن يكونه. المكان الذي تدخله ليخلب لبك، لتعيشه تماما، تنسى نهائيا أن في الخارج حياة وأحياء ومشاكل.
وأيضا كان السيرك للاعبين حلبة صراع، أمام جمهوره الحافل تتفجر بطولاتهم، يغامرون حتى بالحياة وهم يتأكدون أن الموت في غمرة المجد والأضواء وإحساس النفس المصرية الممتد بالبقاء والخلد، شيء بالمرة، لا يخيف.
ونحن الآن في سيرك رمضان عام 72.
أنا شخصيا لم أكن أريد الدخول، ولكن لأنه على الأقل أمتع بكثير من مسرحيات الصيف التي تنفرد كل منها برائحة نتنة خاصة، فليكن السيرك.
ولكن أي سيرك!
إنك أحيانا لا تحس بالشيخوخة والكبر إلا حين تقابل زميل دراسة سابقا أو صديقا له نفس سنك. وحين دخلت الخيمة لم يكن في كل ما رأيته شيء سخيف أو عجوز أو غير عادي. المشكلة أن كل شيء كان طبيعيا وعاديا وكأنك داخل إلى ديوان حكومة أو تعبر حديقة عامة.
لم يدهمني ذلك الإحساس أنك انتقلت فجأة من عالم مطفي أو قليل البطولة والنور إلى عالم مليء بالوهج، بالخوارق، بالمعجزات، عالم يبهرك ويحفزك إلى الخوارق والبطولات.
فكأني فعلا انتقلت من شارع مزدحم إلى ميدان صغير مزدحم بالكراسي هذا صحيح، كثير الجمهور هذا صحيح، ولكن شيئا ما حدث للكشافات فجعلها مسلطة أساسا على الجمهور، تنير الحلبة، ولكنها بإضاءتها للمشاهدين تجعل من تلك الوجوه جزءا من العرض.
وأي وجوه؟
نفس الوجوه.
Halaman tidak diketahui