ولما وصلنا إلى البيت دخلنا إلى غرفة المكتب، وأخرج السيد أحمد سيجارة فأشعلها ثم جلس وأشار إلى كرسي قريب منه لأجلس عليه. ثم صفق وأمر الخادم أن يأتي لنا بفنجانين من القهوة.
ثم التفت إلي قائلا: هيه يا سيد أفندي.
فقلت في تردد: لست أدري السبب في طردي يا سيدي، ولم أجرؤ أن أراجعك عندما كنت غاضبا، والحق أن دهشتي أيضا جعلتني لا أفكر في مراجعة، ولكن من حسن حظي أني أمر من هنا في اللحظة التي تخرج فيها من المحلج.
واحمر وجهي عندما قلت هذه الكذبة، ولكنه كان ناظرا إلى الأمام مستندا بظهره على الكرسي الطويل فلم ينظر إلى وجهي.
وقال في بطء: المسألة بسيطة يا سيد أفندي.
فقلت في سري: بسيطة!
وخفق قلبي عنيفا. إنه هادئ كأنه جدار مصمت! وقلت له متمالكا نفسي: هي طبعا بسيطة، ولا ينبغي أن تؤثر في مودتي لك، ولكني لا أعرف السبب في طردي. لا أعرف سببا يدعو إلى غضب في هذا اليوم بالذات لأني كنت لا أنتظر فيه إلا الشكر. أظنك لم تعرف أني وقفت حائلا بين العمال وبين تدمير المحلج.
فرفع جانبيه وهو يلتفت إلي قائلا: تدمير المحلج؟
فقلت في حماسة: نعم تدمير المحلج، ولست أعجب لأنك لم تعرف الحقيقة؛ لأن مصطفى عجوة يتعمد دائما أن ينقل إليك أخبارا مشوهة عني.
ونظرت إلى وجهه لعلي ألمح عليه شيئا يدلني على حقيقة شعوره ولكنه كان هادئا كالصورة المعلقة أمامي على الجدار.
Halaman tidak diketahui