١٢ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَعْدَانَ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ، ثنا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنِي بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «مَثَلِي وَمَثَلُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ مِنَ الْهُدَى وَالْعِلْمِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَصَابَ الْأَرْضَ، فَكَانَتْ مِنْهَا طَائِفَةٌ قَبِلَتِ الْمَاءَ فَأَنْبَتَتِ الْكَلَأَ وَالْعُشْبَ الْكَثِيرَ، وَكَانَتْ مِنْهَا أَجَادِبُ أَمْسَكَتِ الْمَاءَ، فَنَفَعَ اللَّهُ بِهَا النَّاسَ فَشَرِبُوا وَرَعَوْا وَسَقَوْا، وَأَصَابَ طَائِفَةً أُخْرَى مِنْهَا الْمَاءُ، وَهِيَ قِيعَانٌ لَا تُمْسِكُ مَاءً وَلَا تَنْبُتُ كَلَأً، فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ فَقِهَ فِي دِينِ اللَّهِ وَنَفَعَهُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ فَعَلِمَ وَعَلَّمَ، وَمَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذَلِكَ رَأْسًا وَلَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللَّهِ الَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ» قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: الْغَيْثُ اسْمٌ عَامٌّ لِلْمَطَرِ يُغِيثُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ، وَيُصِيبُ بِهِ مَوَاقِعَ النَّفْعِ لَهُمْ، تَقُولُ مِنْهُ: غَيَثَتِ الْأَرْضُ فَهِيَ مُغِيثَةٌ ⦗٢٩⦘، وَالْكَلَأُ: الْحَشِيشُ، قَالَ صَاحِبُ كِتَابِ الْعَيْنِ: هُوَ اسْمٌ لِرَطْبِهِ وَيَابِسِهِ. قَالَ: وَالْعُشْبُ لَا يَكُونُ إِلَّا رَطْبًا وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ: الْكَلَأُ كُلُّهُ مَا دَامَ رَطْبًا عُشْبُهُ وَبَقْلُهُ، وَهُوَ مَهْمُوزٌ، وَالْجَمْعُ الْأَكْلَاءُ مَمْدُودٌ، يُقَالُ: أَكْلَأَتِ الْأَرْضُ فَهِيَ مُكْلِئَةٌ، وَأَكْلَأَتِ الْأَرْضُ وَأَعْشَبَتْ، وَأَكْلَأَ الْمَالُ وَأَعْشَبَ، وَالنَّاسُ مُكْلِئُونَ وَمُعْشِبُونَ، وَقَدْ بَدَأَ الْإِكْلَاءُ وَالْإِعْشَابُ وَالْإِبْقَالُ، فَأَمَّا ذَكَارُ الْكَلَأِ فَعُشْبٌ وَهُوَ مَا غَلُظَ مِنْهُ وَعَظُمَ، وَالْبَقْلُ مَا لَانَ مِنْهُ وَدَقَّ وَهَذَا مَثَلٌ لِلنَّبِيِّ ﷺ فِي إِبْلَاغِهِ عَنِ اللَّهِ ﷿، وَدُعَائِهِ إِلَى سَبِيلِهِ، وَأَنَّهُ بُعِثَ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ لِيُخْرِجَهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ، وَيَهْدِيَهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ، وَمَثَّلَ ذَلِكَ بِالْغَيْثِ الَّذِي يَنْشُرُ اللَّهُ بِهِ رَحْمَتَهُ فِي الْأَرْضِ وَيُحْيِي بِهِ الْأَنْعَامَ وَالْحَرْثَ، وَالَّذِينَ اسْتَمَعُوا قَوْلَهُ وَشَاهَدُوا أَمْرَهُ فِي اخْتِلَافِ مَذَاهِبِهِمْ وَطَرَائِقِهِمْ بِبِقَاعِ الْأَرْضِ الَّتِي يَخْتَلِفُ تُرْبُهَا وَأَمَاكِنُهَا، فَمِنْهَا ذَاتُ الرِّيَاضِ الْمُعْشِبَةِ الْكَثِيفَةِ الَّتِي يَكْثُرُ خَيْرُهَا وَيَعُمُّ نَفْعُهَا، وَمِنْهَا الْأَمَاكِنُ ذَاتُ الْغِيَاضِ وَالْغُدْرَانِ وَالنُّقْرِ وَالْقِلَاتِ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْأَمَاكِنِ الَّتِي يَسْتَنْقِعُ فِيهَا الْمَاءُ فَيَرِدُ إِلَيْهَا النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ، وَمِنْهَا مَا لَا يَتَعَلَّقُ مِنَ الْمَطَرِ إِلَّا بِمُرُورِهِ عَلَيْهِ، وَهُوَ مَثَلٌ لِمَنْ فَقِهَ عَنِ اللَّهِ ﷿ وَتَفَقَّهَ لِمَا أَمَرَ بِهِ الرَّسُولُ ﷺ فَعَلِمَ وَعَلَّمَ وَعَمِلَ، وَمَثَلٌ لِلْحَامِلِ ⦗٣٠⦘ عَلِمَهُ إِلَى مَنْ هُوَ أَوْعَى مِنْهُ، كَمَا قَالَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ «فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ» وَمَثَلٌ لِلسَّامِعِ الْمُعْرِضِ الْمَحْرُومِ. وَالْأَجَادِبُ - فِيمَا أَحْسَبُ - جَمْعُ أَجْدَابَ، أَوْ يَكُونُ جَمْعًا لِأَجْدَبَ، وَهَذَا - فِيمَا أَحْسَبُ وَلَا أُحَقِّقُ - سَمِعْتُ الزَّجَّاجَ يَقُولُ: جَدَبَتِ الْأَرْضُ وَأَجْدَبَتْ إِذَا لَمْ تُنْبِتْ شَيْئًا وَسَمِعْتُ ابْنَ دُرَيْدٍ يَقُولُ: أَرْضٌ جَدْبَةٌ إِذَا كَانَتْ قَلِيلَةُ النَّبَاتِ
1 / 28