Amthal al-Hadith al-Marwiyat an al-Nabi ﷺ
أمثال الحديث المروية عن النبي ﷺ
Penyiasat
أحمد عبد الفتاح تمام
Penerbit
مؤسسة الكتب الثقافية
Nombor Edisi
الأولى
Tahun Penerbitan
1409 AH
Lokasi Penerbit
بيروت
Genre-genre
٥٦ - أَخْبَرَنَا الْحَضْرَمِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، ثنا أَبِي، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «مَثَلُ الَّذِي يَتَكَلَّمُ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا» الْأَسْفَارُ: وَاحِدُهُمَا سِفْرٌ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿بِأَيْدِي سَفَرَةٍ كِرَامٍ بَرَرَةٍ﴾ [عبس: ١٦] . السَّفَرَةُ: الْكَتَبَةُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، وَيُقَالُ إِنَّهُمْ مَلَائِكَةُ السَّمَاءِ الدُّنْيَا الَّذِينَ يُحْصُونَ أَعْمَالَ الْعِبَادِ وَقَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ - يُعَيِّرُ قَوْمًا بِالرِّوَايَةِ دُونَ الدِّرَايَةِ:
[البحر الطويل]
زَوَامِلُ لِلَأْسَفَارِ لَا عَلِمَ عِنْدَهُمُ ... بِجَيِّدِهَا إِلَّا كعلمِ الْأَبَاعِرِ
لَعَمْرُكَ مَا تَدْرِي الْمَطِيُّ إِذَا غَدَا ... بِأَحْمَالِهِ أَوْ رَاحَ مَا فِي الْغَرَائِرِ
⦗٩٠⦘
وَهَذَا مَثَلٌ لِمَنْ شَهِدَ الْجُمُعَةَ بِجِسْمِهِ، وَلَمْ يَشْهَدْهَا بِقَلْبِهِ، فَجَهِلَ مَا يَجُوزُ مِنْ ثَوَابِهَا بِحُضُورِهِ إِذَا أَنْصَتَ وَاسْتَمَعَ وَلَمْ يَلْغُ، فَهُوَ كَالْحِمَارِ الَّذِي لَا يَعْقِلُ. وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ﴾ [الجمعة: ٥] . وَضَرَبَ اللَّهُ هَذَا مَثَلًا لِلَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ وَلَمْ يَحْمِلُوا مَا فِيهَا مِنَ الْأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي، فَصَارُوا بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَمْ يَحْمِلْهَا لِعَدِمِ الِانْتِفَاعِ بِهَا، وَخَصَّ الْحِمَارَ بِهَذَا الْمَثَلِ لِأَنَّهُ الْمَذْمُومُ عِنْدَ الْعَرَبِ مِنَ الدَّوَابِّ، وَالْغَايَةُ فِيمَا يُسْتَبْهَمُ، وَهُمْ يَقُولُونَ لِلْإِنْسَانِ الْمَذْمُومِ: كَأَنَّهُ حِمَارٌ، أَوْ كَأَنَّهُ عِيرٌ. أَنْشَدَنَا ابْنُ عَرَفَةَ، أَنْشَدَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ:
[البحر الطويل]
دُفِعْتُ إِلَى شَيْخٍ بِجَنْبِ فِنَائِهِ ... هُوَ الْعِيرُ إِلَّا أَنَّهُ يَتَكَلَّمُ
وَقَالَ الْفَرَزْدَقُ:
[البحر الطويل]
سَوَاسَيَةٌ سُودُ الْوُجُوهِ كَأَنَّهُمْ ... حَمِيرُ بَنِي ذَكْوَانَ إِذْ ثَارَ صَيْقُهَا،
وَالصَّيْقُ: الْغُبَارُ وَضَرَبَ اللَّهُ لِلْمُعْرِضِينَ عَنِ الذِّكْرِ النَّائِينَ عَنْهُ مَثَلَ الْحَمِيرِ الْمُسْتَنْفِرِةِ مِمَّنْ يُقْسِرُهَا وَيَقْهَرَهَا، قَالَ: ﴿كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ﴾ [المدثر: ٥٠]
⦗٩١⦘، وَكَذَلِكَ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «أَمَا يَخْشَى الَّذِي يَرْفَعُ رَأْسَهُ قَبْلَ الْإِمَامِ أَنْ يُحَوِّلَ اللَّهُ رَأْسَهُ رَأْسَ حِمَارٍ؟» . وَيُرْوَى «وَجْهَهُ وَجْهَ حِمَارٍ»، وَاعْتَرَضَ بَعْضُ مَنْ يَتَحَلَّى بِالْخِلَافِ عَلَى الْأَثَرِ وَيَطْعَنُ عَلَى أَهْلِهِ فَقَالَ: وَكَيْفَ لَحِقَ هَذَا الذَّنْبِ الْيَسِيرِ مِثْلُ هَذَا الْوَعِيدِ الْعَظِيمِ فَقَالَ فِيهِ قَوْلًا قَبِيحًا؟ وَإِنَّمَا الْمَعْنَى: أَمَا يَخْشَى مَنْ جَهِلَ الِاقْتِدَاءَ بِإِمَامِهِ، وَقَدْ قَامَ مَقَامَ الْمُقْتَدِي أَنْ يُشْرِكَ الْبَهِيمَةَ فِي صُورَتِهِ كَمَا شَرَكَهُ فِي جَهْلِهِ؟ وَهَذَا عَلَى الْمُبَالَغَةِ فِي ذَمِّ الْجَهْلِ، وَأَهْلِهِ، وَخُصَّ الْحِمَارُ بِذَلِكَ لِمَا قَدَّمْنَا الْقَوْلَ فِيهِ، وَلَأَنَّ الْعَرَبَ تَجْعَلُهُ الْغَايَةَ فِيمَا تَسْتَبْهِمُ وَتَذُمُّ وَتَسْتَجِهِلُ، حَتَّى ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ بِفَسَادِ الدِّينِ، كَمَا قَالَ الْأَخْطَلُ:
[البحر المتقارب]
فَدِينُكَ عِنْدِي كَدِينِ الْحِمَارِ ... بَلْ أَنْتَ أَكْفُرُ مِنْ هُرْمُزِ
وَلِهَذَا قَالَتِ الْإِخْوَةُ مِنَ الْأَبِ وَالْأُمِّ لِعُمَرَ حِينَ أَسْهَمَ لِلْإخْوَةِ مِنَ الْأُمِّ دُونَهُمْ: هَبَ أَنَّ أَبَانَا كَانَ حِمَارًا. وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ حِينَ بَالَغَ فِي ذَمِّ الدَّهْرِ، وَصَرْفِهِ الْأُمُورَ عَنْ جِهَتِهَا، وَإِجْرَائِهَا عَلَى غَيْرِ حَقَائِقِهَا:
[البحر الوافر]
فَلَوْ ذَهَبَتْ سِتَارُ الدَّهْرِ عَنْهُ ... وَأُلْقِيَ عَنْ مَنَاكِبِهِ الدِّثَارُ
لَعَدَّلَ قِسْمَةَ الْأَيَّامِ فِينَا ... وَلَكِنْ دَهْرُنَا هَذَا حِمَارُ
وَقَالَ حَيَّانُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ مَالِكٍ:
[البحر الطويل]
إِذَا حَلَّ أَهْلِي بِالشَّرِيَّةِ فَاللِّوَى ... فَلَيْسَ عَلَى قَتْلِي لَبِيدٌ بِقَادِرِ
وَلَا تَقْتُلُونِي وَاقْتُلُوا بِأَخِيكُمُ ... حِمَارًا مَهِينًا مِنْ حَمِيرِ قَرَاقِرِ
1 / 89