أبو الحسن :
كنت مشغولا يا بني بتهيئة طعام الأميرة.
بثينة :
جزاك الله خيرا يا عم ومد لنا عمرك.
أبو الحسن (يأخذ مجلسه ويقول) :
الحمد لله يا ولدي على هذا التلاقي الذي هو من توفيق الأقدار، فاليوم جمعكما هذا البيت على أثر الكارثة وفي أعقاب النكبة، كما يجمع الشاطئ الغريقين سالمين بالرمق، من انكسار الفلك ومن ثورة الريح وطغيان الماء، لقد تعارفتما بالأمس فنشأت بينكما الألفة وأنست الروح الروح، وانعطف القلب على القلب، وقديما يا أميرة صاهرت الملوك والرعية، وأبوك لطف الله به وبنا جميعا فيما حل علينا من قضائه وقدره، أسمح من سن هذه السنة، فرفع على عرش إشبيلية امرأة من رعاياه هي الرميكية خيرة الملكات، وأم العقائل من البنين والبنات.
بثينة :
أراك يا عم قد بالغت في مؤاساتي حتى أنكرت يد الدهر وما نالت منا، وإلا فأين أبي مني اليوم؟ وأين من أبي ملكه؟ وهل نحن اليوم إلا سوقة نتنصف؟!
أبو الحسن :
هوني عليك يا أميرة! إن أباك لم يخلعه قومه ولكن خلعه المغيرون، فهو في نفوسنا معشر الإشبيليين حاضر الجلالة ماثل المهابة مرتسم الكرامة، يومه كأمسه وغده كيومه، وإن اختلف به اليوم والغد وتصرفت به الأيام. وأنت أيتها الأميرة فما زلت بنت الملك المعتمد ابن عباد، فهل تنزلين إلى القبول بابني هذا حسون زوجا؟
Halaman tidak diketahui