ثم أقبلت سحابة أخرى أعظم من الأولى وأنور وأسمع فيها صهيل الخيل وخفقان الأجنحة وكلام الرجال حتى غشيته، فغيب عن وجهي أطول وأكثر من المرة الأولى، فسمعت مناديا ينادي وهو يقول: طوفوا بمحمد -صلى الله عليه وآله وسلم- المشرق والمغرب وعلى مواليد النبيين وأعرضوه على كل روحاني من الجن والإنس والطير والسباع، وأعطوه صفاء آدم -عليه السلام-، ورقة نوح، وخلة إبراهيم، ولسان إسماعيل، وجمال يوسف، وبشرى يعقوب، وصوت داود، وصبر أيوب، وزهد يحيى، وكرم عيسى صلوات الله عليهم أجمعين، واغمروه في أخلاق الأنبياء -عليهم السلام-.
ثم تجلت عنه في أسرع من طرفة العين، فإذا أنا به قد قبض على حريرة خضراء مطوية طيا شديدا، ينبع من تلك الحريرة ماء معين، فإذا قائل يقول: بخ بخ قبض محمد على الدنيا كلها، لم يبق خلق من أهلها إلا جعل في قبضته طائعا بإذن ربهم إن شاء الله تعالى، ولا قوة إلا بالله.
Halaman 36