مطلب الكلام عَلَى مادة نسأ وقوله تعالى ﴿مَا نَنْسَخْ﴾ [البقرة: ١٠٦] الآية. ﴿إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ﴾ [التوبة: ٣٧] الآية
قَالَ أَبُو إِسْمَاعِيل بْن القاسم البغدادى: قرأ أَبُو عمرو بْن العلاء: ما ننسخ من آيةٍ أو ننسأها.
عَلَى معنى أو نؤخرها.
والعرب تَقُولُ: نسأ اللَّه فِي أجلك، وأنسأ اللَّه أجلك، أي أخر أجلك.
وقَالَ النَّبِيّ ﷺ: من سَرَّه النَّساء فِي الأجل، والسعة فِي الرزق، فليصل رحمه والنساء: التاخير، يُقَال: بعته بنساء وبنسيئة، أي بتأخير، وأنسأته البيع.
وقَالَ اللَّه ﷿: ﴿إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ﴾ [التوبة: ٣٧]، والمعنى فِيهِ عَلَى ما
حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بن الأنبارى، ﵀: أنهم كانوا إذا صدروا عَنْ منى قام رَجُل من بنى كنانة يُقَال لَهُ: نعيم بْن ثعلبة، فقَالَ: أَنَا الذى لا أعاب، ولا يرد لى قضاء، فيقولون لَهُ: أنسئنا شهرًا، أى أخر عنا حرمة المحرم فاجعلها فِي صفرٍ، وذلك أنهم كانوا يكرهون أن تتوالى عليهم ثلاثة أشهر لا تمكنهم الإغارة فيها، لأن معاشهم كَانَ من الإغارة، فيحل لهم المحرم ويحرم عليهم صفرا، فإذا كَانَ فِي السنة المقبلة حرم عليهم المحرم وأحل لهم صفرا، فقَالَ اللَّه ﷿: ﴿إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ﴾ [التوبة: ٣٧]، وقَالَ الشاعر:
ألسنا الناسئين عَلَى معد ... شهور الحل نجعلها حراما
وقَالَ الآخر:
وكنا الناسئين عَلَى معد ... شهورهم الحرام إِلَى الحليل
وقَالَ الآخر:
نسئوا الشهور بها وكانوا أهلها ... من قبلكم والعز لم يتحول
مطلب الكلام عَلَى مادة لحن وقوله تعالى ﴿وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ﴾ [محمد: ٣٠]
قَالَ أَبُو بَكْر الأنباري، ﵀: معنى قوله ﷿: ﴿وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ﴾ [محمد: ٣٠] أى فِي معنى القول، وفى مذهب القول وأنشد للقتال الكلابى:
ولقد لحنت لكم لكيما تفهموا ... ووحيت وحيا لَيْسَ بالمرتاب
1 / 4