Harapan dan Utopia dalam Falsafah Ernst Bloch

Catiyat Abu Sucud d. 1450 AH
46

Harapan dan Utopia dalam Falsafah Ernst Bloch

الأمل واليوتوبيا في فلسفة إرنست بلوخ

Genre-genre

والأهم مما سبق أن هذا الجانب من اللاوعي في الحياة النفسية والعقلية لا يتعلق بالماضي وحده، وإنما الماضي والحاضر وحدة واحدة، وهذا هو الذي عبر عنه بوجه خاص في كتابه عن «المونادولوجيا» كما عبر عنه في كتابه «رسائل جديدة عن العقل الإنساني» في قوله: «... بل نستطيع القول بأن الحاضر، بفضل هذه الإدراكات الضئيلة، يحمل المستقبل في أحشائه كما يمتلئ بالماضي، وأن كل شيء مرتبط بكل شيء.»

37

ويمكن القول إن علاقة «اللاوعي» - أو بالأحرى ما لم يتم الوعي به - بالمستقبل واستشرافه أقوى من علاقته بالماضي وإعادة تذكره، ولهذا يصح السؤال عن السبب الذي جعل الباحثين بعد ليبنتز يصرفون اهتمامهم إلى الماضي الذي لم يعد الإنسان يدركه أو يعيه بدلا من الانتباه إلى هذا الجانب المتعلق بالمستقبل. وكانت النتيجة ضياع فكرة الكلية التي تضم الماضي والحاضر والمستقبل، وتركيز الاهتمام على «ما لم يعد هناك وعي به»، أي بالرواسب والآثار الماضية «المكبوتة» في اللاوعي، أكثر بكثير من الانتباه إلى أهمية «ما لم يتم الوعي به بعد» أو بالوعي المسبق، أي بالرؤى والحدوس المستقبلية التي توجه الوعي إلى الجديد اليوتوبي الذي يتخلق في أحشاء الواقع الموضوعي، وقد حدث هذا على الرغم من تأكيد ليبنتز المستمر في نصوصه العديدة على أن الحاضر ينطوي في ذاته على المستقبل، وأن الله الذي يرى كل شيء يرى كذلك ما سوف يكون فيما هو كائن، وأنه يمكن من الناحية المنطقية الخالصة أن نستنبط من المعرفة التامة بموضوع واحد المعرفة الشاملة بكل شيء، هذا فضلا عن مبدأ «النزوع» الكامن في كل المونادات أو الجواهر البسيطة، والذي يدفعها على الدوام إلى المزيد من الكمال في الإدراك، أي يدفعها إلى التغير. ولا شك أن هذه العناصر كلها قد أثرت تأثيرا كبيرا على فلسفة بلوخ، سواء في ذلك فلسفته في الوعي أو فلسفته في المادة. وإذا كان بلوخ لم يكتشف فكرة اللاوعي وعلاقته بالوعي، فيبقى له الفضل في التوسع في مفهومها وإلقاء الضوء على العلاقة بينهما، وتحليل دور اللاوعي السابق للوعي في تحسس المستقبل القادم والإعداد له والتوجه نحوه.

إن ما يسبق الوعي يتعلق على الدوام بما لم يوجد بعد، ومعنى هذا أنه يتعلق دائما بالواقع. والأمران مرتبطان ارتباطا لا تنفصم عراه، فالكلام عن الوعي مرتبط بالوجود والعكس أيضا صحيح، وما قبل الوعي هو الوجه النفسي لما «لم يوجد بعد» وينتظر التحقيق عن طريق الوعي والإرادة البشرية. ولذلك لا يمكن الانتباه إلى ما قبل الوعي ولا يتيسر الوعي به إلا إذا نضجت الظروف المادية التي تتيح ذلك. وليست كل الحدوس والأفكار ولا كل الأعمال ممكنة في كل الأوقات، وكثيرا ما تتم الأعمال العظيمة التي تسبق عمرها بغير قصد واع من أصحابها، وربما تم إنجازها ثم تعجبوا بعد ذلك كيف أمكنهم إتمامها ولم يصدقوا أنها كانت أصلا ممكنة التحقيق. وهذا يوضح أن الإنسان يلقي على نفسه دائما تبعات ومهام «يمكنه» أن يحققها في المستقبل، كما يمكنه أيضا أن يهملها أو يتهرب منها إذا خانته الإرادة أو تسرع في أدائها قبل أن تتهيأ الظروف التي تساعد على نضجها.

إن ما قبل الوعي هو الوعي المسبق بوجود في طريقه إلى التحقق. وهو يتمثل في خواطر ورؤى وحدوس تلمع كالبرق الخاطف في أحلام اليقظة التي تحلق بصاحبها إلى آفاق المستقبل، وتكمن الصعوبة الحقيقية في اجتياز مراحل الطريق الذي يؤدي بالإنسان إلى الوعي بما لم يتم الوعي به وتحقيق الجديد الذي لم يوجد بعد، وتحقيق هذا الجديد يستند إلى «ممكن واقعي» ألم به إلمامة خاطفة في صورة الرؤى والحدوس التي سبق ذكرها؛ ولذلك يمكن القول إن ما لم يتم الوعي به بعد هو الوعي المسبق بالجديد القادم، أو هو «المكان النفسي» - إذا صح هذا التعبير - الذي تتم فيه ولادة الجديد. أما أنه لا يزال في مرحلة الوعي المسبق، فلأنه هو نفسه ينطوي على مضمون شعوري لم يظهر له تمام الظهور، ولأن الجديد الذي يكمن في هذا المضمون لا يزال يشبه بزوغ الفجر الذي ستنشق عنه شمس الجديد. لذلك يكون حلم اليقظة دائما في حالة إحساس مسبق وغير واع تمام الوعي بالجديد الذي بدأ يتخلق في الوعي وفي الواقع الموضوعي على السواء؛ مما يدل على اتجاه الحلم إلى المستقبل. ويفترض الوعي المسبق بالجديد، أو ما يسميه بلوخ بوعي ال «ليس-بعد» تجربة الواقع والتأثر به، وهذا التأثر يشتد عادة في مرحلة الصبا والشباب من حياة الإنسان التي يكثر فيها الاسترسال في أحلام اليقظة والتحليق على أجنحة الشوق والتمني.

ويشتد الوعي بال «ليس-بعد» في عصور معينة يمكن أن نسميها بالعصور الشابة التي تتطلع للتغيير والتجديد. وعصر النهضة مثال واضح على هذا التغيير الشامل في جانبه الأيديولوجي والعلمي والثقافي على وجه الخصوص؛ إذ صاحبه تحول المجتمع الإقطاعي إلى مجتمع برجوازي حديث، أي رحيل مجتمع وتوقع آخر جديد. كما اشتد الوعي بال «ليس-بعد» في حركة العصف والدفع

38

الأدبية في ألمانيا في أواخر القرن الثامن عشر، وهي حركة عبرت عن انطلاقة متفجرة للعبقرية الفردية وعصر الأماني المشرقة. «لم يعد اللاوعي متناهي الصغر ولا ضئيلا مثل اللحميات الصغيرة التي أشار إليها ليبنتز.»

39

بل ارتفع صوته وعبر عن نفسه بحماس الشباب، ففترة الشباب في السنوات الخضراء المليئة بالقوة والحيوية المتطلعة إلى الحياة والحرية، وهي سنوات التغيير والحلم المتطلع إلى الأمام. والتغيير الذي حدث في هذه الفترة ليس شعورا فسيولوجيا فحسب، ولكنه فترة جيشان مفعمة بالانفعال، يشعر فيها الشاب أنه مدعو لشيء ما يحدث داخله وكأن سحابة راعدة تبدو حبيسة داخله وتتوق للخروج من سجن الاطراد والسأم في العالم الخارجي الخانق. ويرى بلوخ في جوته الشاب أعظم مثال على هذا، خاصة في مسرحية «بروميثيوس» والنسخة الأولى من فاوست المعروفة باسم «فاوست الأولى» ورواية «سنوات الطلب لفهلم ميستر»

Halaman tidak diketahui