Harapan dan Utopia dalam Falsafah Ernst Bloch
الأمل واليوتوبيا في فلسفة إرنست بلوخ
Genre-genre
ثالثا: مدخل إلى فلسفة بلوخ ومفاهيمها الأساسية
قبل البدء في عرض فلسفة بلوخ يتعين طرح الأفكار والمقولات الأساسية التي تعد مفتاح فلسفته اليوتوبية ونسقها المفتوح، والتي يصعب فهمها قبل إلقاء الضوء عليها وتناولها بالشرح بالقدر الذي يجعلها واضحة وميسورة الفهم حين يرد ذكرها في موضعها من هذا البحث. وينبغي التنويه في البداية أن مقولات بلوخ تختلف اختلافا أساسيا عن المقولات التقليدية في التراث الفلسفي. إنها ترتبط بالأفكار الرئيسية في فلسفته الجدلية المتفتحة على الجديد، وبالوجود الذي لم يكتمل بعد، وبالنزوع الموضوعي - الكامن في الموضوع والذات على السواء - الذي تحاول الإمساك به وبلورته بطريقة تصورية. وقد أدرك بلوخ أن المقولات التقليدية عاجزة عن أن تقول شيئا عن عملية الصيرورة الشاملة، وأن المقولات التي تلائم فلسفته لا يمكن أن تكون سكونية ولا معتمدة على التجربة، ولا مجرد قوالب توضع فيها مادة هذه التجربة، وإنما يجب أن تكون مطابقة لتدفق الصيرورة الواقعية. ولذلك لا يستغرب منه أن يؤكد باستمرار أن مقولات الصيرورة لا بد أن تكون هي نفسها في صيرورة، وأن الثابت الوحيد هو أنها تعبر عن العلاقات التي تربط الموجود بالماهية، وأنها تقوم في مجموعها على المقولة الأصيلة المعبرة عن العلاقة السابقة بين الوجود وبين الماهية في داخل الوجود الواقعي وفي داخل هذا العالم.
وأول ما نلاحظه عن المقولات هو أنها تحاول أن تدل على العلاقة بين «الموجود» الكائن بالفعل وبين «الممكن» الذي يسعى إليه هذا الموجود، أو بعبارة أوضح أنها تشير إلى «النزوع» الكامن فيه نحو الوجود الذي لم يتحقق بعد، أو الوجود الذي ما يزال في طريقه إلى التحقق. ومع ذلك فإن انفتاح هذه المقولات على «ما سوف يصير» لا يعني أنها تنصب على الصيرورة المتدفقة فحسب، وإنما يعني أنها تنصب كذلك على الأشكال التي تبدعها هذه الصيرورة، أي أن نهر الصيرورة الجياش لا يصح - على حد تعبير بلوخ نفسه - أن يتجاهل «موانئ» المقولات التي ينبغي أن تحتويه عندما يرسو فيها.
72
والملاحظة الثانية التي ينبغي تأكيدها كذلك منذ البداية هي أن المقولات في فلسفة بلوخ لا تقتصر وظيفتها على التصور والمعرفة، وإنما تشارك بطريقة خلاقة في تكوين أشكال جديدة ومتجددة للوجود. فهي تبلور العناصر المادية البارزة من أحداث الصيرورة، ثم تقوم بعملية التوسط الجدلي بتحديد النزوع الموضوعي الكامن في هذه العناصر والهدف الذي تتجه إلى تحقيقه وتردها مرة أخرى إلى عملية الصيرورة، وبذلك تتدخل بطريقة تصورية في هذه العملية المتدفقة بحيث ترفع التضاد القائم بين الذات والموضوع وبين النظرية والتطبيق. ومعنى هذا أن المفهوم (أو التصور) ليس مجرد تصور تأملي بعيد عن الموضوع، إذ يتقرر مضمون الصدق المحتوى فيه طبقا للصلة التي تلائم بين الذات والموضوع وتربط بينهما كما يربط الجسر بين ضفتي النهر. ف «اللا» الكامنة في الموضوع والتي تعبر عن افتقاره إلى التحقيق وتدفعه إليه باستمرار، تؤدي إلى المواءمة بين مقاصد الذات ونوازع الموضوع، وبين الوظيفة اليوتوبية في الإنسان والنزوع الموضوعي في العالم، مع العلم بأن هذا التواؤم بينهما ليس أمرا بسيطا وبديهيا، لأنه يحتاج باستمرار إلى تدخل العامل الذاتي وتوجيهه، لأن تطور العالم وصيرورته محكومان بالوضع الطليعي للإنسان وقدرته على المعرفة الموضوعية الواقعية وعلى التدخل بطريقة تصورية في توجيه تلك الصيرورة، وبعبارة أخرى فإن «تجربة العالم» لا تستغني عن الإنسان الواعي والعارف الذي يقف موقف «الطليعة» من مسيرة العملية الكونية. وإذا كانت المقولات تتحدد في رأي بلوخ بالشروط التاريخية والاجتماعية فإنها لا ترد إليها تماما، لأنها لا تخرج في النهاية عن أن تكون محاولات مفتوحة ومستمرة لاستخلاص أشكال الوجود وأساليبه بصورة موضوعية وواقعية.
73
هكذا تكون المقولات عند بلوخ أحكاما عامة عن العملية الكونية المفتوحة وعن اتجاهات نزوعها نحو المستقبل. وإذا كان الحديث هنا عن العام والعمومية، فليس ذلك بالمعنى المفهوم في نماذج التفكير الاستنباطي التقليدية التي تتحدث عن المفاهيم العقلية العامة والجزئيات الواقعية الخاصة التي تندرج تحتها أو تستبعد منها إذا كانت لا تدخل في قوالبها. ذلك لأن فلسفة بلوخ لا تتجاهل التغيرات التي تلحق بالخاص أو بالجزئيات الخاصة. ويلجأ بلوخ إلى فلسفة ليبنتز التي يرى أنها توضح العلاقة بين العام والخاص. فالعام عند هذا الأخير لا يقع «قبل» الجزئي أو الفردي الخاص ولا «خارجه» وإنما يكمن في داخله. ولا يوجد عند ليبنتز شيئان متشابهان ومختلفان من جهة العدد وحده، لأن الفردي عنده هو كذلك العام من الناحية المنطقية، أي أن كل الجزئيات الفردية أو المونادات مترابطة من حيث إنها تعكس الكون وتعبر عنه تعبيرات مختلفة وغير متناهية، على نحو ما ينعكس الوجه الواحد انعكاسات لا آخر لها في مرايا مختلفة، وكان التغيرات التي تطرأ على المونادات الفردية في جملتها ليست إلا لحظات من المجموع الكلي المتغير على الدوام.
74
إن المقولة هي حكم عام على الخاص، أو هي حكم على الخاص المتكثر كثرة لا نهائية من خلال العام المشترك، وهي - أي المقولات - تعبر على المستوى الفكري عن أعم التصورات العلاقية. وبذلك تعكس أعم أشكال الوجود المتحرك وأنحائه. وإذا كان من الممكن قيام علاقة بين الوجود والماهية، فإن هذه العلاقة نفسها هي المقولة الأساسية وسائر المقولات تفريعات لها. والمهم في هذا كله أن المقولة الأساسية هي التي تعبر عن العلاقة بين الوجود القائم الذي لم يكتمل، وبين الماهية أو الجوهر الذي سيتحقق أو في طريقه إلى التحقق في المستقبل. فما هي إذن طبيعة هذه المقولة؟ وماذا يعني بها بلوخ؟ (1) ال «ليس-بعد»
Not-yet
Halaman tidak diketahui