التوسط والاقتصاد
التوسط والاقتصاد
Penerbit
دار ابن القيم للنشر والتوزيع
Nombor Edisi
الأولى
Tahun Penerbitan
١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩ م
Lokasi Penerbit
الدمام
Genre-genre
وأما "الثاني": فالقلب إذا كان معتقدًا صدقَ الرَّسول، وأَنَّه رسول الله، وكان محِبًَّا لرسول الله معظِّمًا له، امتنع مع هذا أن يلعنَه ويسبَّه فلا يُتَصَّور ذلك منه إلاَّ مع نوعٍ من الاستخفاف به وبحرمَتِه، فَعُلِم بذلك أنَّ مجرَّد اعتقاد أَنَّه صادق لا يكون إيمانًا إلاَّ مع محبَّته وتعظيمه بالقلب» (١) .
وقال أيضًا: «قوله: ﴿مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَليْهِمْ غَضَبٌ مِنْ اللهِ وَلهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (١٠٦) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلى الآخِرَةِ وَأَنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (١٠٧) أُوْلئِكَ الذِينَ طَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُوْلئِكَ هُمْ الْغَافِلُونَ (١٠٨) لا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمْ الْخَاسِرُونَ (١٠٩) (٢)﴾، فقد ذكر تعالى من كفر بالله من بعدِ إيمانِهِ وذكر وعيدَه في الآخرة، ثم قال: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلى الآخِرَةِ﴾ وبَيَّن تعالى أَنَّ الوعيد استحقوه بهذا (٣) . ومعلومٌ أَنَّ باب التَّصديق والتَّكذيب والعلم والجهل ليس هو من باب الحبِّ والبُغْضِ، وهؤلاء يقولون إِنَّما استحقُّوا الوعيدَ لزوال التَّصديق والإيمان من قلوبهم، وإِنْ كان ذلك قد يكون سببه حبَُ الدُّنيا على الآخرة، والله ﷾ جعل استحبابَ الدُّنيا على الآخرة هو الأصل الموجب للخُسْران. واستحباب
_________
(١) انظر "مجموع الفتاوى" (٧/٥٥٧-٥٥٨) .
(٢) سورة النحل: ١٠٦- ١٠٩.
(٣) أي استحقوا الكفر بسبب حبِّ الدُّنيا على الآخرة ٠
1 / 50