النافلة في الأحاديث الضعيفة والباطلة

Abu Ishaq al-Huwaini d. Unknown

النافلة في الأحاديث الضعيفة والباطلة

النافلة في الأحاديث الضعيفة والباطلة

Penerbit

دار الصحابة للتراث

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤٠٨ هـ - ١٩٨٨ م

Genre-genre

النافلة في الأحاديث الضعيفة والباطلة لأبي إسحاق الحويني

Halaman tidak diketahui

كلمة الناشر إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ (١) . ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ (٢) . ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ (٣) . أما بعد..... فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وأحسن الهدي هدي محمد ﷺ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. وهذا كتاب ﴿النافلة في الأحاديث الضعيفة والباطلة﴾ . وتتشرف دار الصحابة للتراث بنشره، بعد أن تفضل علينا الأخ المكرم / أبو أسحاق الحويني الأثري بنشره. وهو رسالة مباركة بإذن الله تعالى نتعهد بنشره تباعًا إن شاء الله على هيئة أجزاء كل جزء مائة حديث. وفقنا الله لما يحبه ويرضاه.

(١) سورة آل عمران: ١٠٢. (٢) سورة النساء: ١. (٣) سورة الأحزاب: ٧١.

1 / 7

بسم الله الرحمن الرحيم مقدمة المؤلف إن الحمد لله تعالى، نحمده ونستعين به ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهد الله تعالى فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى وأحسن الهدي هدي محمد ﵌، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. * ... * ... * فهذا كتاب ﴿النافلة في الأحاديث الضعيفة والباطلة﴾ أحد كتبي التي بدأت في تسطيرها قديمًا، منذ نحو عشر سنوات، وهو عبارة عن أحاديث مختلفات في معناها ومرامها، كنت أُسأل عنها، فأضطر إلى تحقيق القول فيها، فإن كان صحيحًا أو ضعيفا احتفظت به في «مضبطة» عندي. ثم راودتني نفسي أن أجمع الضعيف وحده. فصرت كلما حققت حديثا ألحقته بما سبق لي تحقيقه، وجعلت ألحق ما أجده من زيادات مناسبة، فأضعها في موضعها حتى تجمع لديَّ - وقتها - أكثر من خمسمائة حديث، كنت أتوخى أن لا يكون قد سبقني إليها شيخنا، حافظ الوقت ناصر الدين الألباني في كتابه ﴿سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة﴾ وقد صدر منها.

1 / 8

المجلد الأول والثاني والثالث ٠ ثم قدر الله ﷿ وانصرفت عن الكتاب لمشاريعي الأخرى والتي منها: ١- ﴿بذل الإحسان بتقريب سنن النسائي أبي عبد الرحمن﴾ . ٢- ﴿مسيس الحاجة إلى تقريب سنن ابن ماجة﴾ . ٣- ﴿غوث المكدود بتخريج منتقى ابن الجارود﴾ . ٤- ﴿صحيح كتاب الأدب المفرد﴾ للبخاري. ٥- ﴿صحيح كتاب أخلاق النبي﴾ لأبي الشيخ. ٦- ﴿جنة المستغيث بشرح علل الحديث﴾ لابن أبي حاتم. مع أشياء أخرى يطول الأمر بذكرها وإني أسأل الله تعالى أن يجلعها خالصة لوجهه، ولا يجعل فيها شيئا. فهذه المشروعات وغيرها كانت - وما زالت - تلتهم كل وقتي - إلا ما لابد منه لتستقيم أمور الحياة - فلذاك صرفت عن أعمال مشروعي «النافلة» وفي مساء يوم من شهر المحرم سنة (١٤٠٥هـ) زارني في بيتي الأستاذان: محمد عامر رئيس تحرير جريدة النور، وعبد الفتاح الشوريجي وكيل حزب الأحرار، برفقة الأخ الصديق الدكتور أحمد نور الدين - أكرمه الله ورعاه، فهو صاحب الفضل الأول في نشر هذه المقالات، وبعد الفضل الإلهي - وفاتحني رئيس التحرير برغبته في أن أكتب مجموعة من المقالات أرد بها على الكاتب عبد الرحمن الشرقاوي في تهجمه على أعلام المسلمين من الصحابة أمثال «عثمان بن عفان» ﵁ وكذا «السيدة عائشة» أم المؤمنين في كتابه «علي إمام المتقين» . فقلت له: هذا مطلب لا يسعني التخلف عنه، ولا سيما والكاتب من أجهل الناس، وإن لم أقل أجهلهم بالمنقول، وكيفية قبوله ورده، ومعروف أن أخبار من مضى إنما عمدتنا في معرفتها عن طريق النقل، فقد رأيت الكاتب المذكور أورد في كتابه أخبارًا، وحكايات، هي من جنس المنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة،

1 / 9

مع أشياء أخرى لا يعول عليها من شم ريح العلم ولو مرة في حياته، فكم من مؤلف خاطب ليل، وجارف سيل، لا يميز بين الصحيح والضعيف، ويظن كل مدور رغيفًا!! . فرأيته يأتي بأباطيل وأوابد. قد نص على بطلانها بعض من نقلها كالذهبي وابن كثير يعتنون بنقد الروايات. ولكن نقد كتابه أمر يطول، والوقت أعز من أن أنفقه في الرد على رجل، جل مؤلفاته تمشي على هذه الوتيرة، ثم ليس هو وحده بل هناك عشرات مثله، لذلك رأيت أن أختار نماذج من كتابه، وأنقدها، وعليها يقيس القارئ بقية الكتاب. لكن هذا يحتاج مني إلى وقت أتدبر فيه النماذج التي سأنتقيها، وليس ذلك قبل ثلاثة أشهر فقال لي: وحتى تنعم النظر في الكتاب، نرجوا أن تهيئ لنا بعض المقالات من الأحاديث الصحيحة مع شرح شيق يستفيد منه غالب القراء، ويحببهم في السنة النبوية، على صاحبها الصلاة والسلام. فقلت له: نعم، غير أني أرى أنه من تمام الفائدة أن تنشر لفيفًا من الأحاديث الضعيفة والموضوعة تحذيرًا ونصحًا، والأمر ذلك كما قال الشاعر: عرفت الشر لا للشر لكن لتوقيه ومن لا يعرف الخير من الشر يقع فيه فوافق الرجل، وهكذا بدأت أنشر مقالين: الأول: «النافلة في الأحاديث الضعيفة والباطلة» . الثاني: «الأجوبة الصريحة عن معاني الأحاديث الصحيحة» . وكان الأستاذ رئيس التحرير قد قال لي أكثر من مرة إن الأستاذ «الحمزة دعبس» رئيس مجلس الإدارة يريد أن يوقف هذه المقالات، لأنها ليست مفهومة بالنسبة لعامة الناس. فقلت له: هب أنها غير مفهومة لعامة الناس، ولكن يوجد من يفهمها ممن يتجهون معنا هذه الوجهة، ومن الخير أن يستفيد الجميع من «الصحيفة» على اختلاف مذاهبهم ولقت بعث هذه المقالات -

1 / 10

على قلة مساحتها - روحا علمية في نفوس كثير ممن قابلوني ورغبوا في المزيد، فما الذي يضر، أن تكون الصحيفة لعامة الناس إلا نصف عمود فهو للمتخصصين، وبهذا تجمع بين الحسنيين. مع أن هذه المقالات كان كثير من خطباء المساجد والمدرسين يستفيدون منها، لأني أكتب درجة الحديث في أوله، فكان الواحد منهم يعرف درجة الحديث الذي يريده بكلمة واحدة، وهي تغنيه عن قراءة ما لا يحسن فهمه. فبهذا عمَّ نفعها والحمد لله. ثم قلت له: أرجو أن تبلغ كلامي إلى الأستاذ «الحمزة» ثم لم يمض وقت حتى ترك الأستاذ محمد عامر رئاسة تحرير جريدة النور، وبهذا توقفت المقالات. ثم جدد الأخ الدكتور أحمد نور الدين سعيه في إعادة نشر المقالات، مع رئيس التحرير الجديد، فكان الجواب أن الأستاذ «الحمزة» هو الذي يأبى نشرها فصرفت النظر عنها. حتى أخبرني أخ لي أنه كلم الأستاذ المذكور بالهاتف في شأن امتناعه عن نشر مقالات الأحاديث الضعيفة مع عظيم أثرها. فكان الجواب: أنا ما عندي مانع، والأخ الحويني هو الذي امتنع، فليس عندنا مقالات له، ولم يعد يراسلنا. هكذا قال!! ويعلم الله أن مقالاتي ما زالت عندهم حتى الآن لم آخذها فألح أخونا على ضرورة إرسال عدة مقالات لعل المقالات الأولى ضاعت. فأعطيت الأخ الدكتور أحمد نور الدين مقالًا واحدًا ليعطيه لرئيس التحرير، ففوجئ بالرفض، وأن الأستاذ «الحمزة» هو الذي يمتنع عن نشرها، فوضح لي أن الأستاذ المذكور - مع فعله الذي أشرت إليه - مستبد برأي نفسه فهو لم يبد أية حجة في امتناعه، وإذا كلمه أحد وافق، ثم يعطي تعليماته بعدم الموافقة. فلذلك أعرضت عنه وإنما حدا بي إلى ذكر حقيقة ما حدث، أن كثيرًا من إخواننا يحملونني تبعة توقف المقالات، وأن التقصير كان من جهتي ولعل الواقف على كلامي يلتمس لي العذر. والله تعالى يوفقنا إلى مرضاته.

1 / 11

أما موضوع الكتاب، فخطره جليل ذلك أن الله ﷿ قال لنبيه ﵌: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ ...﴾ فصارت السنة بهذه الآية - وبغيرها - هي المبينة في القرآن مما يلتبس على إفهام الناس. ويعلم كل عارف بالتاريخ كم أدخل الوضاعون - على اختلاف مذاهبهم - في السنة من الأباطيل والمناكير، بل وشارك في ذلك كثير من الصالحين الذين لم يكن ضبط الحديث من همتهم، فصار الدخن كثيرًا. غير إن كثرة الأئمة العارفين بهذا الشأن كان يهون من الخطب حتى قيل لابن المبارك - شيخ الإسلام: - «الأحاديث الموضوعة؟! قال: تعيش لها الجهابذة» . وقال الدارقطني يومًا: «يا أهل بغداد! لا يظنن أحدكم أنه يقدر أن يكذب على رسول الله ﷺ وأنا حي» وذلك لسعة دائرة حفظة وإدراكه. ودون الناس الكتب فمنهم من كان يتحرى الصحيح وحده كالشيخين، ومنهم من كان يجمع الصحيح والضعيف دون الموضوع؛ كأصحاب السنن الأربعة (١) وغيرهم، ومنهم من جمع كل ما وقع بإسناد فدونها حفاظًا لها من الضياع، فخلفوا لنا ثروة هائلة، فجزاهم الله خيرًا، فدار الزمان، وقبض العلم بقبض العلماء كما في الحديث الصحيح: «إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من الناس، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، فإذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤوسًا جهالًا، فسئلوا، فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا» . أخرجه الشيخان وغيرهما، فلما قل العارفون بهذا الشأن، تضاعفت المصيبة بعد أن صار الناس - ومنهم من يتصدر للتدريس والوعظ - يلوكون هذه الأحاديث

(١) ولا ينقص هذا وجود بعض الأحاديث الموضوعة في بعضها كسنن ابن ماجة والترمذي فالاجتهاد في شروط قبول الرواية يتفاوت ولعل الموضوع في نظر غيرهم كان فقط في نقدهم وهذا هو اللائق بهم لما عرف من سيرتهم إذا أنهم ذكروا الحديث الموضوع نهوا عليه والله اعلم

1 / 12

الباطلة، والتي لا أصل لها صحيح إطلاقًا، فيعلمونها للناس، ويأخذونهم بلازمها، بل ويعرضون عن الحديث الصحيح - أحيانًا - لأنه يناقض أحد هذه الأحاديث الضعيفة أو الموضوعة. وذلك عن جهل بعدم ثبوتها. ولست أنسى أنني دخلت في أحد المساجد المشهورة، فصعد الخطيب وصار يزمجر ويندد بالذين يهاجمون مشايخ الطرق الصوفية، أصحاب الكرامات، ثم ساق للناس هذه القصة مساق الدليل على صحة دفاعه فقال: خرج أحد المريدين يقصد شيخه، فأعترضته امرأة في الطريق، فقالت له: أن ابني في الجندية وقد أرسل لي رسالة، فهلا قرأتها عليَّ؟! فوافق الرجل المريد وذهب معها إلى البيت، ولا يوجد فيه أحد!! فدخلت المرأة بيتًا في دارها، فتزينت ثم خرجت للرجل وقالت له: هيت لك! وإلا صرخت ورميتك بالفاحشة!! فقال الرجل: لكني أريد أذهب إلى الغائط (دورة المياه) فأذنت له، فدخل ثم صار يدعو الله باسمه الأعظم!! فبينما هو كذلك، إذ رأى سُلمًا، فنْزل عليه إلى الشارع!! وذهب إلى شيخه فقال له: أين كنت يا بني لقد تأخرت؟! فقال: عرضت لي حاجة، فقال الشيخ: يا بني لا تخجل، أنا الذي نصبت لك السلم؟!!! وما أن، انتهى الخطيب من هذه الحاكية حتى هاج الناس، وبكى بعضهم من التأثر، وخلع بعضهم العمائم إعجابًا. ومع بطلان هذه القصة، وما في معناها من المخالفات الشرعية فإن الناس طربوا لها، مع كون الخطيب ساق عدة آيات وأحاديث صحيحة فما اهتز وجدان أحد، فضلًا عن إثارتها لدموعه. والسبب في ذلك شرحه يطول، وقد شرحته في غير هذا الموضع (١)، فانظر إلى هذا المثال، وألوف مثله يلقيها الواعظون، والمعلمون، فما بالك بغيرهم؟!! مما يدل على ضرورة تبصير الناس بهذا المسلك الخطر.

(١) في جزء لي في شرح حديث «إن الله لا يقبض العلم ينتزعه انتزاعًا ٠٠) يسر الله طبعه

1 / 13

وإذا كان ابن الجوزي ﵀ وكان يعيش في القرن السادس تمثل - لقلة العالمين بفن نقد الأسانيد - بقول القائل: وكانوا إذا عُدُّوا قليلًا ... فقد صاروا أقل من القليل فما الذي يقال في زماننا وفقد صار المحسنون لهذا الشأن لا يتجاوزن أصابع اليد الواحدة إن لم يكن أقل من ذلك؟!! وكان شخينا حافظ الوقت، الشيخ الإمام، حسنة الأيام، ناصر الدين الألباني حفظه الله وأمتع المسلمين بطول حياته قد بدأ قديما بنشر مقالات في الأحاديث الضعيفة والموضوعة في مجلة التمدن الإسلامي ثم جمعها ونشر منها مجلدات حتى الآن (١) وقد ذاع هذا كتابه جدًا - كسائر كتبه - وكان عظيم النفع والأثر لما أحيا به الروح العلمية القوية، التي غابت بموت المحسنين لهذا الفن، حتى يصدق فيه أنه مجدد شباب الحديث في القرن الخامس عشر، لا ينازع في هذا إلا من ينادي بما يكره. والأحاديث التي أذكرها كنت اشترطت ألا يوجد فيها شيء سبقني الشيخ إلى تحقيقه فيما نشر حتى الآن من «السلسلة الضعيفة»، وإن كان قد حققه في المجلدات الأخرى، والتي ما صدر شيء منها، وكنت بدأت في تهذيبها وإعادة تحقيقها تحقيقًا مختصرًا حتى يلائم المساحة المسموح لي بها في «جريدة النور» فأهملت الرد التفصيلي على العلل الموجودة في الأحاديث، رجاء الاختصار، وليس عن غفلة مني، وأهملت أيضًا البديل الصحيح - إلا نادرًا - لنفس الغلة السابقة. ثم طلب مني الكتاب للنشر، فدفعت بالمائة حديث الأولى على الاختصار السابق مع إضافة شيء يسير سمح به وقتي، ولعل الله ﷿ يوفقني بعد ذلك في الوفاء بما ألمحت إليه، مع ذكر

(١) ثم نشر المجلد الثالث ورأيت فيه بعض الأحاديث التي سبق تحقيقها على اعتبار أنها كانت محجوبة قبل ذلك فلم أحذفها من كتابي رجاء أن تحصل بها فائدة زائدة والله الموفق

1 / 14

البديل إن وقفت إلى وجدانه. والله المستعان. ثم إني أنبه إلى أمور منها: ١- هو أن التحقيق في هذا المجال، يستلزم مناقشته بعض الأئمة من السالفين أو المعاصرين في بعض ما ذهبوا إليه، فلا يقعن في روع أحد أن ذلك هو من الحط عليهم، وعدم ذكرهم بالجميل، فضلًا عن أن يكون اغتيابا لهم، وكان يقال: «اعف عن ذي قبر» ! فإنا نبرا إلى الله العظيم من ذلك. وكيف يكون تعقبنا لكبراء شيوخنا وعلماء سلفنا هو من الطعن عليهم: «.. وبهم ذكرنا، وبشعاع ضيائهم تبصرنا، وباقفاء واضح رسومهم تميزنا، وبسلوك سبيلهم عن الهمج تحيزنا، وما مثلنا إلا كما ذكر أبو عمرو ابن العلاء قال: ما نحن فيمن مضى إلا كبقل في أصول نخل طوال ...» (١) . بل من أنعم النظر، وأعمل الفكر وجد أن بيان ما أهملوا، وتسديد ما أغفلوا، هو غاية الإحسان إليهم فإن هؤلاء الأئمة يوم وضعوا الكتب، أو تكلموا في العلم إنما كانوا يريدون بيان وجه الحق، فإذا أخطأ الواحد منهم كان هذا نقيض ما أحب وقصد، فالتنبيه على خطئه من أجل إعادة الأمر إلى قصده ومحبوبه واجب على كل من له حق عليه، إذ لم يكن أحد من هؤلاء الأئمة معصومًا من الزلل، وآمنا من مقارفة الخطل، وإن كان ما يتعقب به عليهم لا يساوي شيئًا في جنب ما أخروه من صواب، فشكر الله مسعاهم، وجعل الجنة مأواهم، وألحقنا بهم بواسع إحسانه ومَنِّهِ. وحسبنا أن نسوق على كل مسالة دليلها العملي، حتى لا نرمي بسوء القصد، أو شهوة النقد. وإني على يقين من وقوع الخطأ في بعض ما أذكره. والسبب واضح لكون

(١) من مقدمة «موضح الأوهام» للخطيب (١/٥) .

1 / 15

المرء غير معصوم، فإن كان السالفون مع علمهم وروعهم وقع منهم بعض الخطأ لهذه العلة، فنحن أحق بذلك منهم، وإنما حدا بي إلى إطالة القول في ذلك أمران: الأول: إعذارًا، وحتى لا يتعقب على لإغفاله. الثاني: أن بعض إخواننا - جزاه الله خيرًا - أنكر علي أنني أتعقب بعض كبار الأئمة وأتخذهم غرضًا (١) فقال: «أين هو من فلان الإمام»؟! وصرح بأشياء كرهتها له، مع مسامحتي إياه في قولها، والجواب من وجهين: الأول: أننا إذا أخذنا بعض المآخذ على الأئمة، فلا يعني أننا صرنا مثلهم في علمهم فضلا عن أن نرتفع عليهم؛ لأن الجزئيات في العلم لا تكاد تتناهى، ولو أراد أي عالم في الدنيا إلا يخطئ في شي من العلم، لمات وعلمه في صدره، فليس إلى العصمة من الخطأ سبيل. الثاني: أن يكون تعقيبي على ضربين. ١- إما أن أكون مصيبًا في قولي، فما المانع أن يُقبل مني؟! ٢- أن أكون مخطئا، فعلى المعترض أن يبين ذلك بالدليل، فليس قويمًا ولا في ميزان العدل كريمًا، أن يقبل القول من إنسان لمجرد أنه قديم، وأن يُهتضم حق المصيب لكونه حديثًا ولله در من قال: قل لمن لا يرى المعاصر شيئًا ... ويرى للأوائل التقديما إن ذاك القديم كان حديثًا ... وهذا الحديث سيبقى قديما نقول هذا الكلام ونحن والحمد لله من العارفين لأقدار العلماء، وإن بدرت مني عبارة قد تبدو جافة، فإني معتذر عنها، إنما قد يكون ذلك من حظ العلقة التي هي في قلب ابن آدم. ٢- الأمر الثاني: أن الحكم على الأحاديث بما يناسبها إنما تخضع

(١) أما اتخاذهم غرضا فاني أبرا من ذلك ولحوم العلماء مسمومة وقل رجل ولع في أعراضهم بغير حق إلا هتك الله ستره ففضحه في خلقه نسأل الله السلامة

1 / 16

فيه للقوانين العامة التي حددها علماؤنا مصطلح الحديث، مع إعمال النظر والاستفادة من استقراء الأئمة المحسنين لهذا الشأن، ولا مجال لما يسميه بعض الأغمار «النقد عن طريق الكشف»، فإن معنى الأخذ بها أن يصير الباطل حقًا، والحق باطلًا. قال العجلوني في «كشف الخفاء» (١/١٠): «وفي الفتوحات المكية للشيخ الأكبر قدس الله سره (!) ما حاصله: فرب حديث يكون صحيحًا من طريق رواته يحصل لهذا المكاشف أنه غير صحيح لسؤاله لرسول الله ﵌، فيعلم وضعه ويترك العمل به، وإن عمل به أهل النقل لصحة طريقه. ورب حديث ترك العمل به لضعف طريقه من أجل وضاع في رواته، يكون صحيحًا في نفس الأمر لسماع المكاشف له من الروح حين إلقائه على رسول الله ﷺ.» أ. هـ. قلت: لقد أساء العجلوني جد الإساءة وكتابه، أنه نقل هذا الباطل ولم يقدح فيهِ! وهل في إقراره هذا الكلام إلا هدم لكتابه كله إذ هو قائم على القواعد المعروفة عند أهل الحديث؟! لقد ظننت أن تحت القبة شيخًا!! وليس هذا الكلام بأول شيء مرق بهِ ابن العربي على الإسلام وأهله، حتى لقد كفَّره جماعة من العلماء، وحرموا النظر في كتبه؛ لأن قولُهُ هذا يتمشى مع زعمه أن للشريعة ظاهرًا وباطنًا، أما الظاهر فهوَ لعامة الناس، الذين هم علماء الملة، فلا يرونهم على شيء لا من العلم ولا من التقوى. لأن ذلك لمن أدركوا علم الباطن!! وهذا القول ساقط بأدلة كثيرة طرفًا منها في جزء لي سميته: «كشف المخبوء، بثبوت حديث التسمية عند الوضوء» وهو قيد الطبع. ٣- الأمر الثالث: أن ما ذكرته في كتابي إنما هو بحسب ما ظهر لي بعد إعمال القاعدة العلمية، ولا شك أنه قد وقع في خلل بعض ما ذهبت إليه، فأنا لا أؤكد الثقة به، وكل من عثر على حرف منه، أو معنى يجب تغييره فإني أناشده الله في إصلاحه، وأداء حق النصيحة فيه، وما أبرأ من العثرة والزلة ^١٧

1 / 17

وما أستنكف من الرجوع إلى الصواب عن الغلط، فإن هذا الفن لطيف، وابن آدم إلى العجز، والضعف، والعجلة أقرب، فرحم الله أخًا نظر فيه نظرة تجرد وإنصاف، ودعا لي بظهر الغيب على صواب وفقني الله إليه، واستغفر لي زلاتي الكثيرة فيه. «والله أسال أن يجعله زادًا لحسن المصير إليه، وعتادًا ليمن القدوم عليه، إنه بكل جميل كفيل، وهو حسبي ونعم الوكيل» . وهذا أود الشروع فيما له قصدت، وعلى الله العظيم توكلت.

1 / 18

١- «اقرَءوا القُرآنَ بِلُحونِ العَرَبِ وَأصواتِها، وإيَّاكُم وَلُحُونَ أهلِ الكِتابِ، وَأهلِ الفِسقِ، فإنَّهُ سَيجيءُ مِنْ بَعدِي قَومٌ يُرجِّعوُنَ بِالقرآنِ تَرجِيعَ الرَّهبانِيةِ، وَالنَّوْحِ وَالغِناءِ، لا يُجاوِزُ حَناجِرَهُم، مَفتونَةٌ قُلوبُهُم، وَقُلُوبُ الذينَ يُعجِبُهُمْ شَأنُهُمْ» . (١)

(١) ١- منكر. أخرجه الطبراني في (الأوسط» - كما في «المجمع» (٧/ ١٦٩) - وابن عدي في (الكامل» (٢/ ٥١٠-٥١١)، والجوزقاني في «الأباطيل» (٧٢٣)، وابن الجوزي في «الواهيات» (١/ ١١٨) من طريق بقية بن الوليد، عن الحصين بن مالك الفزاري، عن أبي محمد، عن حذيفة مرفوعًا.. فذكره. وعزاه التبريزي في «المشكاة» (١/ ٦٧٦) للبيهقي في «شعب الإيمان»، ولرزين في كتابه. وعزاه القرطبي في «تفسيره» (١/ ١٧) للحكيم في «نوادر الأصول» ووقع عنده: «وأهل العشق» بدل: «الفسق» . قلت: وإسناده تالف، مسلسل بالعلل: الأولى: تدليس بقية، فقد كان يدلس التسوية، فتحتاج منه أن يصرح لنا بالتحديث في كل طبقلت السند، وكنت ذهلت عن هذا قديمًا، فكنت أجعل عنعنته كعنعنة الأعمش ونحوه ممن يدلسون تدليس الإسناد. وقال لي شيخنا حافظ الوقت ناصر الدين الألباني حفظه الله تعالى، وأمتع المسلمين بطول حياته: «إنه يقع لي تدليس بقية هو من التدليس المعتاد» أ. هـ. لكن ثبت أن بقية بن الوليد يدلس التسوية، فذكر ابن أبي حاتم في «العلل» (١٩٥٧) من طريق إسحاق بن راهويه، عن بقية، قالَ: حدثني أبو وهب الأسدي، قالَ: حدثنا نافع، عن ابن عمر، قالَ: لا تحمدوا إسلام امرئ، حتى تعرفوا عقدة رأيه. وقال أَبي: هذا الحديث لهُ علة، قل من يفهمها.!! روى هذا الحديث عبيد الله ابن عمرو، عن إسحاق بن أبي فروة، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليهِ وعلى آله وسلم. وعبيد الله بن عمرو، وكنيته أبو وهب، وهوَ أسدي. فكأن بقية بن الوليد كنى عبيد الله بن عمرو، ونسبه إلى بني أسد لكيلا يتفطن بهِ، حتى إذا ترك إسحاق بن أبي فروة من الوسط لا يهتدى لهُ ٠!! وكانَ بقية من أفعل الناس لهذا، وأما ما قالَ إسحاق في روايته عن بقية، عن أبي وهب: «حدثنا نافع» فهوَ وهوَ ... إلخ) . قلت: فقول أبي حاتم: «... حتى ترك إسحاق من الوسط لا يهتدي إليه» هذه هي صورة تدليس التسوية، ثم وصفه بأنه كان: «من أفعل الناس [ويرى ابن حبان في «المجروحين» أن بقية ابتُليَ بتلاميذ سوء كانوا يسوون حديثه، وهذا لا يمنع أنه كان يفعله] . وهذا يعني أنه صار معروفًا به ولا يغنى في دفع هذا التدليس ما قاله ابن عدي: سمعت الحسين [يعني ابن عبد الله العطار] يقول: سمعت محمد بن عوف [وقع في «الكامل»: «عون» وهو خطأ. والنسخة المطبوعة من الكامل سيئة للغاية، لكثرة التصحيف فيها. فالله المستعان] يقول: روى هذا الحديث شعبة، عن بقية» أ. هـ. فيفهم من سوق ابن عدي لهذه المقالة أن شعبة كان يشدد النكير على المدلسين، ويتحرى منهم السماع، فهذا يرجح أنه لم يأخذ من بقية إلا ما علم= =أنه سمعه. والجواب عن ذلك أن يقال: إننا لا ندري من شيخ بقية الواقع في طريق شعبة، فلعل بقية دلس اسم شيخه، وصرح عنه بالتحديث، فقنع شعبة منه بذلك. هذا أولًا. ثانيا: يحتمل أن شعبة لم يكن يعلم بتدليس أصلًا، ويؤيده أنهم لم ينقلوا عن شعبة أنه أنكر على بقية تدليسه، ولو علم لما ترك النكير أبدًا. ثالثًا: قد صح عن شعبة أنه قال: «كفيتكم تدليس ثلاثة: الأعمش، وقتادة، وأبي إسحاق السبيعي» رواه البيهقي في «المعرفة» . وليس بقية من أولئك [ثم رأيت الحافظ في «التلخيص» (٢/ ٤٠) اتهم بقية بتدليس التسوية، وأقره الشيخ الألباني كما في الإرواء (٣/ ٨٩) والله أعلم. العلة الثانية: شيخ بقية «حصين بن مالك» . قال الجوزقاني: «مجهول» وقال الذهبي: «ليس بمعتمد» . العلة الثالثة: الراوي عن حذيفة، وهو: «أبو محمد» مجهول أيضًا كما قال وابن الحوزي، وكذا الهيثمي لكنه قال في «المجمع» (٧/ ١٦٩): «فيه راو لم يسم» ووقع في «الميزان»: «... حصين بن مالك، عن رجل، عن حذيفة» فلعل الذهبي أخذ الإسناد من «المعجم الأوسط» للطبراني. والله أعلم ٠ وقال الجوزقاني: «هذا حديث باطل وأبو محمد شيخ مجهول، وحصين أيضًا مجهول، وبقية بن الوليد ضعيف. قلت: أما أن بقية ضعيف، فلا، إنما ضعفه من روايته، لا من نفسه. والله أعلم. وقال ابن الجوزي: «هذا حديث لا يصح، وأبو محمد مجهول، وبقية يروي الضعفاء ويدلسهم.» أ. هـ. وقال الذهبي: «الخبر منكر» . أما القراءة بالألحان، فقد اختلف فيها العلماء. والأكثرون على المنع، فقد حكى ابن أبي حاتم عن أبيه أن السماع يكره ممن يقرأ بالألحان، ونص مالك في المدونة على أن القراءة في الصلاة بالألحان الموضوعة والترجيع ترد به الشهادة، حكاه السخاوي في «فتح المغيث» (١/ ٢٨١) . وقال الحافظ في «الفتح» (٩/ ٧٢): «وحكى عبد الوهاب المالكي عن مالك تحريم القراءة بالألحان، وحكاه أبو الطيب الطبري، والماوردي. وابن حمدان الحنبلي، وجماعة من أهل العلم، وحكى ابن بطال وعياض والقرطبي من المالكية، والماوردي، والبندنيجي والغزالي من الشافعية، وصاحب «الذخيرة» من الحنفية الكراهة. واختاره أبو بعلي وابن عقيل من الحنابلة، وحكى ابن بطال عن جماعة من الصحابة والتابعين والجواز ... ومحل هذا الخلاف إذا لم يختل شيء من الحروف عن مخرجه، فلو تغير، قال النووي في «التبيان»: أجمعوا على تحريمه» أ. هـ. وقال السخاوي في «فتح المغيث» (١/ ٢٨١): «والحق في هذه المسألة أنه إن خرج بالتلحين لفظ القرآن عن صيغته بإدخال حركات فيه، أو إخراج حركات منه، أو قصر ممدود، أو مد مقصور، أو تمطيط يخفى به اللفظ، ويلتبس به المعنى، فالقارئ فاسق، والمستمع آثم وان لم يخرجه اللحن عن لفظه، وقراءته على ترتيله فلا كراهة لأنه بألحانه في تحسينه» أ. هـ. ... = =قلت: وقد تبغ بعض أهل الأهواء من قرأة زماننا، فزعموا أن المراد بالألحان هو أن يقرأ القرآن مع لحن الموسيقى!!، وصار يطالب بحق الأداء العلني فيه أسوة بالمغنين والمغنيات، فلا حول ولا قوة إلا بالله، وهذا الذي ذهب إليه هذا القارئ لم يقل به أحدًا أصلا. بل اللحن المقصود هو تحسين الصوت بالقرآن وتحزينه، لا ما تعارف عليه الناس في هذه الأزمنة المتأخرة من أن التلحين إنما يكون بالموسيقى!! وإذا كان العلماء يحرمون، أو يكرهون أن يمطط القارئ في قراءته، وأن يزيد في تحسين صوته عن طريق الإغراق في التلحين الذي هو من كسب حنجرته، ويرد به مالك الشهادة، بل يُفسق كما وقع كلام السخاوي، فكيف إذا سمعوا ذلكَ الذي يطالب بقراءة القرآن على لحن الموسيقى؟! ولا شك أنهم إما أن يُكفروه، لأن الاستحلال ظاهر من قولُهُ ودعوته فإن لم يكن، فأحسن أحواله أن يكون فاسقًا. وقدْ صح عن النبي ﵌: أنه قالَ: «بادروا بالأعمال خصالًا ستا..» فذكر منها: «ونشوا يتخذون القرآن مزامير، يقدمون الرجل ليس بأفقههم، ولا أعلمهم، ما يقدمونه إلا ليغنيهم» . أخرجه أحمد (٣/ ٤٩٤)، والطبراني في الأوسط (ج١/ رقم ٦٨٩) وغيرهما، وانظر «الصحيحة» (٩٧٩) لشيخنا الألباني حفظه الله تعالى.

1 / 19

٢- «لا تَسأَلِ الرَّجُلَ، فِيمَ ضَرَبَ امرَأتَهُ، وَلا تَنَمْ إلا عَلَى وِترٍ» . (١)

(١) ٢- ضعيف. أخرجه أبو داود (٦/ ١٨٥- عون)، والنسائي في «عشرة النساء - من الكبرى» كما في «أطراف المزي» (٨/١١) -، وابن ماجه (١/ ٦٢)، وأحمد (١/ ٢٠)، والطيالسي (ص -١٠)، والطحاوي في «المشكل» (٣/٢١١)، والحاكم (٤/١٧٥)، والبيهقي (٧/ ١٠٥)، من طريق داود بن عبد الله الأودي، عن عبد الرحمن المسلي، عن الأشعث بن قيس، عن عمر بن الخطاب، فذكره مرفوعًا. ووقع عند ابن ماجه: قال الأشعث:.. ضفت عمر ليلة، فلما كان في جوف الليل، قام عمر إلى آمراته يضربها، فحجزت بينهما ٠!! فلما أوى إلى فراشه قال لي: يا أشعث احفظ عني شيئًا سمعته من رسول الله ﵌: «لا يسأل الرجل فيم ضرب امرأته، ولا تنم إلا على وتر، ونسيت الثالثة» أ. هـ ووقع في رواية الحاكم أن الثالثة: «ولا تسأله عمن يعتمد من أخواته ومن لا يعتمدهم «قال الحاكم «صحيح الإسناد» ووافقه الذهبي!! قلت: وهما ذلك، لا سيما الذهبي، فإنه ذكر عبد الرحمن المسلى - بضم الميم وسكون السين- في «الميزان» (٢/ ٦٠٢): «لا يعرف إلا حديثه عن الأشعث، عن عمر، تفرد عنه داود بن عبد الله والأودي» أ. هـ. فكيف يصح إسناده؟!! وأيضًا ضعفه أبو الفتح الأزدي وَقَالَ: «فيهِ نظر» . ثمَّ أورد لهُ هَذَا الحديث. والعجب من الحافظ، إذ يقول فيهِ «مقبول»، وَكَانَ الأولى أن يقول: «مجهول» لأَنَّهُ لم يرو عَنهُ سوى واحد، وَقَدْ غمزه الأزدي:!! ... = = وأما الشيخ الحدث العلاقة أبو الأشبال أحمد بن محمد شاكر فاعل الحديث بعلة أخرى، فقال في «تخريج المسند» (١/ ٢٠٩): «إسناد ضعيف، داود بن يزيد الأودي: ليس بقوى، يتكلمون فيه» . وهذا وهم من الشيخ، نتج عن سبق النظر، فالذي في الإسناد هو: «داود بن عبد الله الأودي» وهو ثقة والله المستعان. تنبيه وقع الإسناد عند الطحاوى هكذا: «... أبو وضاح بن عبد الله الأزدي ...» . وهو خطأ، نتج عن تصحيف، وصوابه: «... وضاح عن داود بن عبد الله الأودي» .

1 / 21

٣- «بَادِرُوا بالأعمالِ سبعًا: هَل تَنْتَظِرونَ إلا فَقرًا مُنسيًا، أو غِنى مُطغيًا، أو مَرَضًا مُفسِدًا، أو هَرَمًا مُفيِّدًا، أو مَوتًا مُجهِزًا، أو الدَّجالَ؟!، فَشرُّ غَائِبٍ يُنتظَرُ، أو الساعَةَ؟! فالسَّاعةُ أدهَى وأمرُّ» . (١)

(١) ٣- ضعيف. أخرجه الترمذي (٢٣٠٦)، والعقيلي في «الضعفاء» (٢١٥/١) . وابن عدي في «الكامل» (٢٤٣٤) /٦) . وابن الجوزي في «مشيخته» (١٩٧/ ١٩٨) من طريق محرز بن هارون، عن الأعرج، عن أبي هريرة مرفوعًا ... فذكره.. قلت: ومحرز بن هارون قالَ فيه البخاري والنسائي: «منكر الحديث» . وهذا في اصطلاح البخاري يعني: لا تحل الرواية عنه. وقال ابن حبان: «يروي عن الأعرج ما ليس من حديثه، لا تحل الرواية ولا الاحتجاج به» . لكن قال العقيلي: «وقد روى هذا الحديث بغير الإسناد، من طريق أصلح من هذه» . قلت: يشير العقيلي بذلك إلى ما أخرجه الحاكم (٤/ ٣٢٠- ٣٢١) من طريق معمر بن راشد، عن سعيد المقبري، فالحديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه» ووافقه الذهبي. قلت: لم يسمع معمر من المقبري، وقد أشار الترمذي إلى ذلك بقوله: «وروى معمر هذا الحديث عمن سمع سعيدًا المقبري، عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ نحو هذا» . وهذا الذي ذكره الترمذي قد أخرجه ابن المبارك في «الزهد» (٧)، والبغوي في «شرح السنة» (١٤/ ٢٢٤- ٢٢٥) . ثم وقفت الواسطة عن أبي هريرة بنحوه. قال الحاكم: «إن كان معمر بن راشد سمع من المقبري؛ والحمد لله. فإذا هو محمد بن عجلان. أخرجه الخطيب في «السابق اللاحق (١٠٢- ١٠٣) من طريق محمد بن حميد الرازي، ثنا إبراهيم بن المختار، عن إسرائيل، عن إبراهيم بن أعين، عن معمر بن راشد، عن ابن عجلان، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة مرفوعًا بهِ. وابن عجلان، ولكن في الطريق إليه محمد بن حميد الرازي وهوَ واه، بل كذبه بعضهم. وإبراهيم بن المختار: فيهِ نظر» . وهذا جرح شديد عنده. وقال ابن معين: «ليس بذاك» . ووثقه ابن حبان وقال: «يتقي من حديثه ما كان من رواية ابن حميد عنه» وهذا منها. والله أعلم.

1 / 22

٤- «مَا أكرَمَ شَابٌ شَيخًا عِندَ سِنِّهِ، إلا قَيَّضَ اللهُ ﷿ مَنْ يُكرِمُهُ عِندَ سِنِّهِ» . (١) ٥ - «مَنْ خَرجَ في طَلبِ العلمِ، فَهُو في سَبيلِ اللهِ حَتى يَرجعَ» . (٢)

(١) ٤- ضعيف. أخرجه الترمذي (٦/١٦٦- ١٦٧ تحفة)، وأبو القاسم القشيري في «الرسالة» (ص ٦٣٣) ويعقوب بن سفيان في «المعرفة» (٣/ ٤١١)، والعقيلي في «الضعفاء» (ق ٢٣٠/١)، وابن عدي في «الكامل» (٣/ ٨٩٨-٧/ ٢٧٣٣)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (٢٧٧/ ١)، وابن السمعاني في «أدب الإملاء (ص- ١٣٥)، والبغوي في «شرح السنة»، (١٣/ ٤٠)، والشجري في «الأمالي» (٢٤٤/٢) من طريق يزيد ابن بيان العقيلي، حدثنا أبو الرحال، الأنصاري، عن أنس مرفوعًا.. فذكره قال العقيلي: «يزيد ابن بيان لا يتابع عليه، ولا يعرف إلا به» وقال ابن عدي: «وهذا لا يعرف لأبي الرحال، عن أنس غير هذا، ولا أعلم يرويه عنه غير يزيد بن بيان) . قلت: فتتلخص علة الحديث في أمرين: الأول: ضعف يزيد بن بيان. قال البخاري: فيه نظر. وهذا جرح شديد عنده. وقال ابن حبان:.. لا يجوز الاحتجاج به» الثاني: أبو الرحال - بتشديد الراء والحاء المهملتين - اسمه خالد بن محمد الأنصاري. قال البخاري: «عنده عجائب» . وقال أبو حاتم: ليس بقوي، منكر الحديث» . وقال ابن عدي: أنكرت عليه هذا الحديث» . (٢) ٥- ضعيف. أخرجه الترمذي (٧/ ٤٠٥- ٤٠٦- تحفة)، والطبراني في «الصغير» (١/ ١٣٦)، والعقيلي في «الضعفاء» (ق ٦٣/ ١)، وابن عبد البر في «الجامع» (١/ ٥٥) من طريق نصر بن علي الجهضمي، حدثنا خالد بن يزيد اللؤلؤي، عن أبي جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس عن أنس بن مالك مرفوعًا فذكره. قال الطبراني: لا يروي عن أنس إلا بهذا الإسناد، تفرد به أبو جعفر الرازي وخالد بن يزيد» . قلت: خالد بن يزيد قال أبو زرعة: «لا بأس به» . ولكن قال العقيلي: «لا يتابع على كثير من حديثه» . وأبو جعفر الرازي سيئ الحفظ كما قدمت قبل ذلك في حديث القنوت: قال الترمذي: «حديث حسن غريب، وقد رواه بعضهم فلم يرفعه» أ. هـ. وهذا أحد أوجه ضعفه أيضًا. والله أعلم.

1 / 23

٦- إنَّ أولَ مَا دخلَ النقصُ على بني إسرائيلَ كانَ الرجلُ يَلقى الرجلَ فيقولُ: يا هذا،! اتَّقِ اللهَ وَدَعَ ما تَصنعُ، فإنَّهُ لا يَحِلُ لَكَ، ثُم يَلقاه مِنَ الغَدِ، فَلا يَمنَعُهُ ذَلكَ أنْ يَكونَ أكيلَهُ، وَشَرِيبَهُ، وَقَعِيدَهُ، فَلمَّا فَعلوا ذَلِكَ ضَرَبَ اللهُ قُلوبَ بَعضِهِم بِبعضٍ. كَلا واللهِ، لتأمُرُنَّ بالمعروفِ، ولَتنهُونَّ عَنِ المُنكَرِ، ولَتَأخُذنَّ على يَدِ الظالِمِ، ولَتَأطرُنَّهُ على الحقِ أَطرا، أو لَيَضرِبَنَّ اللهُ بِقلوبِ بَعضِكُم على بَعضٍ، ثُمَّ يَلعنُكُم كَمَا لَعَنهُم» . (١)

(١) ٦- ضعيف. أخرجه الترمذي (٣٠٤٧)، وأحمد (١/ ٣٩١)، والطبراني في «الكبير» (ج ١٠/ رقم ١٠٢٦٥)، من طريق شريك بن عبد الله، عن علي بن بذيمة، عن أبي عبيدة، عن أبيه عبد الله بن مسعود. قلت: وهذا سند ضعيف، وله علتان: الأولى: ضغف شريك النخعي، فإنه سيئ الحفظ. الثانية: الانقطاع بين عبيدة وأبيه، فإنه لم يسمع منه على أرجح أقوال العلماء المحققين. أما العلة الأولى، فإن شريكًا لم ينفرد بالحديث عن علي بن بذيمة، بل تابعه جماعة عنه، منهم: يونس بن راشد، أخرجه أبو داود (٤٣٣٦)، وعنه البيهقي (١٠/ ٩٣) . الأعمش. أخرجه الطبراني في «الكبير» (ج ١٠/ رقم ١٠٢٦٤)، ومن طريقه الشجري في «الأمالى» (٢/ ٢٣١) مسعر بن كدام. أخرجه الطبراني (١٠٢٦٦) موسى بن أعين. أخرجه الطحاوي في «المشكل» (٢/ ٦١- ٦٢) . محمد بن مسلم بن أبي الوضاح. أخرجه الترمذي (٥ / ٢٥٣)، وابن ماجه (٤٠٠٦/ ٢)، وكذا جرير (٦/ ٢٠٦) . عمرو بن قيس الملائي، أخرجه ابن جرير، ولكن في السند إليه محمد بن حميد وقد خالفهم سفيان الثوري، فقال: ثنا علي بن بذيمة، عن أبي عبيدة، أظنه عن مسروق، عن عبد الله بن مسعود مرفوعًا فذكره. أخرجه ابن جرير (٦/ ٢٠٥) من طريق مؤمل بن إسماعيل، ثنا سفيان به. قلْتُ: وهذا سند متصل، غير أنني أرى أن ذكر «مسروق» فيه غير محفوظ. والآفة - عندي - هي من مؤمل هذا، فإنه كان كثير الخطأ كما قال أبو حاتم وأبو داود وغيرهما، حتى قال فيه البخاري: «منكر الحديث» وهو مع ضعفه، فقد خالفه عبد الرحمن بن مهدي - وهو من جبال الحفظ - فرواه عن سفيان، عن علي بن بذيمة، عن أبي عبيدة: قال رسول الله ﵌.. فذكره مرسلًا. أخرجه الترمذي (٣٠٤٨)، وابن ماجه (٤٠٠٦)، وابن جرير (٦/ ٢٠٥- ٢٠٦)، وتابعه وكيع بن الجراح - الجبل الراسخ -، عن سفيان بمثله. أخرجه ابن جرير أيضًا (٦/ ٢٠٦) من طريقين عنه، فالصحيح في رواية سفيان، هو الإرسال. ولكن رواية الجماعة الذين ذكرناهم تترجح على رولية سفيان، ويكون الصواب هو: «... علي بن بذيمة، عن أبي عبيدة، عن أبيه» . أما علي بن بذيمة - بفتح الباء الموحدة، وكسر المعجمة الخفيفة، بعدها تحتية - فقد وثقه غير واحد منهم ابن معين، وأبو زرعة والنسائي والعجلي وغيرهم، = =وجرحه الجوزجابي لكونه متشيعًا، والجرح لمجرد المذهب قول ضعيف، ثم إنه توبع على الحديث. تابعه سالم الأفطس، عن أبي عبيدة، عن أبيه به. أخرجه أبو داود (٤٣٣٧)، والطبراني في «الكبير» (١٠٢٦٨) من طريق أبي شهاب الحناط، عن العلاء بن المسيب، عن عمرو بن مرة، عن سالم الأفطس به. قلت: وأبو شهاب الحناط اسمه عبد ربه بن نافع وقد وثقه ابن معين والعجلي ويعقوب بن شيبة وابن سعد وغيرهم ورضيه أحمد، ولينه النسائي وغيره. وذكر له في «التهذيب» حديثًا دلس فيه، ولكنه غير مشهور بالتدليس، لذا أهمل الحافظ ذكر التدليس عندما ترجم له في «التقريب» . وقد خالفه عبد الرحمن بن محمد المحاربي، فرواه عن العلاء بن المسيب عن عبد الله بن عمرو بن مرة، عن سالم الأفطس به فجعل شيخ العلاء فيه هو: «عبد الله بن عمرو بن مرة» بدل: «عمرو بن مرة» !! أخرجه ابن جرير (٦/ ٢٠٥)، وابن أبي حاتم - كما في «تفسير ابن كثير» (٢/ ٧٤) . - وأبو يعلى (ج ٨/ رقم ٥٠٣٥) . قلت: والمحاربي حاله من حال أبي شهاب الحناط، ولكن اتهمه غير واحد بالتدليس، ورواية أبي شهاب الحناط ارجح من رواية المحاربي، لمتابعة عبار بن القاسم. ذكرها المزي في «الأطراف» (٧/ ١٦٠) . وقد اختلف على العلاء بن المسيب في سنده، وقد مر وجهان لذلك. فأخرجه الخطيب في «التاريخ» (٨/ ٢٩٩) من طريق خالد بن عمرو الأموي، حدثنا العلاء بن المسيب، عن عمرو ابن مرة، عن أبي عبيدة، عن ابن مسعود. فاسقط ذكر: «سالم الأفطس» ولكن خالد بن عمرو كذبه ابن معين، واتهمه أحمد بن صالح بالوضع، غير أنه لم ينفرد بإسقاط «سالم» من السند، فتابعه جعفر بن زياد، عن العلاء به أخرجه الطبراني في «الكبير» (ج ١٠/ رقم ١٠٢٦٧) من طريق عثمان بن أبي شيبة، ثنا إسحاق بن منصور، ثنا جعفر به. قلت: وجعفر بن زياد، هو الأحمر، وثقه ابن معين في رواية. وقال أحمد وابن عدي: «صالح الحديث» وقال أبو داود: «صدوق» . فهذا لون ثالث من الخلاف ... ولون رابع.!! فخالفهم جميعًا خالد بن عبد الله الواسطي، فرواه عن العلاء بن المسيب، عن عمرو بن مرة، عن أبي موسى الأشعري ... فذكره. فجعله من مسند «أبي موسى»، أخرجه الطحاوي في «المشكل»، (٢/ ٦١) من طريق عمرو بن عون الواسطي، ثنا خالد.. فذكره. قلت: كذا وقع الإسناد عند الطحاوي: «... عمرو بن مرة، عن أبي موسى»، وهو عندي خطأ، فقد سقط ذكر: «أبي عبيدة بينهما، يدل على ذلك أن المزي قال في «الأطراف» (٧/ ١٦١): «وخالفهم خالد بن عبد الله الواسطي، فرواه عن العلاء بن المسيب، عن عمرو بن مرة، عن أبي عبيدة، عن أبي موسى» ونقل الحافظ ابن كثير في «تفسيره» (٢/ ٧٤) مثل هذا عن شيخه المزي. وعمرو بن عون ثقة، ولكنه خولف فيه، خالفه وهب بن بقية، فرواه عن خالد بن عبد الله، عن العلاء بن المسيب، عن عمرو بن مرة، عن أبي عبيدة، عن ابن مسعود. فوافق الجماعة على جعله في مسند «عبد الله بن مسعود» . أخرجه البغوي في «تفسيره» . فهذا اضطراب شديد في السند، والوجه الذي اتفق عليه الجماعة هو الراجح، وهو: «... علي بن بذيمة، عن أبي عبيدة، عن أبيه» . أما علة هذا الإسناد، فهو الانقطاع بين أبي عبيدة، = =وبين أبيه عبد الله بن مسعود كما سبق وذكرت. ولكنى رأيت البدر العيني رحمه الله تعالى جعل يناطح في هذا، فقال في «العمدة» (٢/ ٣٠٢) يرد على الحافظ ابن حجر: «وأما قول القائل: أبو عبيدة لم يسمع من أبيه، فمردود بما ذُكر في «المعجم الأوسط» للطبراني من حديث زياد بن سعد، عن أبي الزبير، قال: حدثني يونس بن عتاب (أ) الكوفي، سمعت أبا عبيدة بن عبد الله يذكر أنه سمع أباه يقول: «كنت مع النبي ﷺ في سفر ... الحديث. وبما أخرجه الحاكم في «مستدركه» من حديث أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، عن أبيه، في ذكر يوسف ﵇، وصحح إسناده (أ)، وبما حسن الترمذي عدة أحاديث رواها الترمذي عن أبي عبيدة، عن أبيه، ومن شرط الحديث الحسن إن يكون إسناده متصلًا عند المحدثين» أ. هـ. قلت: كذا قال العيني رحمه الله تعالى، وقد كرهت له أن يجيب بهذا الجواب الواهي، ويمكن إجمال حججه في ثلاثة أمور: الأول: ما وقع في «الأوسط» من التصريح بالسماع. الثاني: تصحيح الحاكم لحديث فيه: «... أبو عبيدة، عن أبيه» . الثالث: تحسين الترمذي لأحاديث رواها أبو عبيدة عن أبيه، ولولا أن الإسناد متصل ما حسنها، إذ شرط الحديث الحسن اتصال السند. والجواب عن ذلك من وجوه: الأول: أن التصريح بالسماع الذي وقع في «الأوسط» للطبراني لا يصح. وبنظرة إلى السند الذي ساقه البدر العيني ﵀ تظهر لك الحجة. فأما زياد بن سعد، وأبو الزبير، فكلاهما ثقة، وقد صرح أبو الزبير بالسماع. وأما يونس بن عتاب، فلم أعرفه، ثم ترجح لديّ أنه «يونس بن خباب» بالخاء المعجمة، بعدها باء. وقد ذكر المزي في «تهذيب الكمال» (ج ٣/ لوحة ١٥٦٧) في ترجمة «يونس» أنه «روى عن أبي عبيدة بن عبد الله مسعود ... وروى عنه ... وأبو الزبير المكي، وهو من أقرانه» أ. هـ. فنظر في حال يونس. قال ابن معين: «رجل سوء يشتم عثمان، ... لا شيء» . وقال البخاري: «منكر الحديث» . وهذا جرح شديد عنده. وقال النسائي: «ليس بثقة» . وكذبه الجوزجاني وقال: «مفتر» . ووثقه ابن معين، وابن شاهين، وعثمان بن أبي شيبة. فإن قلت: فالعمل على التوثيق، وقد أظهر الساجي العلة في جرحه فقال: «صدوق في الحديث، تكلموا من جهة رأيه السوء»، والجرح لمجرد المذهب قول ضعيف كما ذكرتم من قبل. نقول: أما الجرح لمجرد لمذهب، فنعم هو ضعيف، ولذلك فنحن لا نعتد بتكذيب الجوزجاني له، لما عرف عنه من الشدة على كل متشيع، وأما أنه ضعفوه لأجل المذهب، فغير صحيح. يدل عليه قول أبي حاتم: «ليس بقوي في الحديث» . واعتمد ذلك الحافظ في «التقريب» فقال: «صدوق يخطئ» . وعليه فلا يمكن الاعتداد بذكر السماع لأجل يونس بن خباب، فإنه كان يخطئ ويخالف، ومن كان هكذا، فلا يستغرب منه أن يقلب العنعنة إلى تصريح بالسماع، وهذا معروف ظاهر لكل مشتغل بهذا الفن. والله أعلم. = = [هنا قاعدة هامة، فقد سألت شيخنا الألباني حفظه الله تعالى: ما وجه الحجة في قولكم في «الضعيفة» (١/ ٦٨/ رقم ٥١): «محمد بن سيرين لم يسمع من عمران بن حصين كما قال الدارقطني خلافًا لأحمد» . مع أن محمد بن سيرين صرح بالتحديث عن عمران - كما في «صحيح مسلم» (١/ ١٩٨) - في حديث: يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفًا بغير حساب....»؟! . فقال حفظه الله: عهدي بعيد بهذا الأمر، غير أننا نلاحظ كيفية رواية مسلم لهذا الحديث هل أورده في الأصول، أم في الشواهد والمتابعات، لأنه إن أورده في الشواهد والمتابعات فحينئذ لا يحتج فيها بمسألة التحديث لأن في رواة الشواهد والمتابعات ضعفًا، والإمام مسلم إنما يسوق الشواهد والمتابعات لقوية حديث الباب، وليس بغرض إثبات سماع راو من راو، والراوي الضعيف قدْ يهم في هذا البحث فيقلب العنعنة إلى تصريح بالسماع، وهذا معروف مشهور» أ. هـ. قلت: وهذه قاعدة هامة جدًا، لم أر من نبه عليها قبل الشيخ فجزاه الله خيرًا، غير أنني أرى أن القاعدة وإن كانت عامة، فسماع محمد بن سيرين من عمران لا شك في صحته، مع أن الإمام مسلمًا ﵀ ذكر سماع ابن سيرين من عمران في «باب الشواهد» فقال: حدثنا يحيى بن خلف الباهلي، ثنا المعتمر، عن هشام بن حسان، عن محمد ين سيرين، حدثني عمران.... فذكره. وشيخ مسلم وثقه ابن حبان وحده، على ما ذكره في «التهذيب» . قال لي شيخنا: «فهذا قد يكون المانع من اعتبار قبول السماع» . قلت له: ولكن توثيق ابن حبان لمثل هذه الطبقة مقبول لا شك فيه وتساهله إنما يقع في طبقة التابعين ونحوها كما ذكرتم أنتم ذلك في بعض تعليقاتكم. قال: صحيح، ولكنه يظل أدنى من توثيق غيره كابن معين واضرابه» . قلت: ثم لما بحثت، وجدت الحديث له طريقًا آخر عن ابن سيرين فأخرجه الطبراني في «الكبير» (ج١٨/ رقم ٣٢٦) من طريقين عن أبي علي الحنفي، ثنا أبو حرة، عن محمد بن سيرين، ثنا عمران به، وأخرجه أبو عوانة قي «صحيحه» (١/ ٨٧) من طريقين آخرين عن أبي علي الحنفي به ولكن بالعنعنة. فالسند حسن، وأبو حرة، واصل بن عبد الرحمن فيه كلام، وهو صدوق كما قال الحافظ، فإذا انضمت روايته لرواية هشام بن حسان، لم يعد شك في ثبوت السماع بين ابن سيرين وعمران. وتأيد ذلك بقول أحمد: «سمع ابن سيرين من عمران»، فهو مقدم على قول الدارقطني: «لم يسمع» إذ المثبت معه زيادة علم، فهو مقدم على النافي. أما إدراك ابن سيرين لعمران، فلا يشك فيه محقق، فقد ولد لسنتين بقيتا من خلافة عثمان يعني في حدود سنة (٣٣): وتوفي عمران، ﵁ سنة (٥٢)، فقد كان لابن سيرين تسعة عشر عامًا، ثم كلاهما بصري، وابن سيرين كان بريئًا من التدليس، نعم كان مقلا عن عمران، بخلاف الحسن وغيره، فقد روى له مسلم عن عمران ثلاثة أحاديث، وزاد أحمد ثلاثة أحاديث آخر» فالحاصل أن أحاديث ابن سيرين عن عمران نحو العشرة أو فوقها بقليل كما يعلم من النظر في رواياته. ولي جزء صغير في إثبات سماع ابن سيرين من عمران، حققت من خلاله كل الأحاديث التي رواها ابن سيرين عن عمران، فالله المستعان] . = =فإن قلت: قد روى ابن أبي حاتم في «المراسيل» بسنده إلى سلم بن قتيبة قال: قلت: لشعبة: إن البُري يحدثنا عن أبي إسحاق، أنه سمع أبا عبيدة، أنه سمع ابن مسعود. فقال (يعني شعبة): أوه! كان أبو عبيدة ابن سبع سنين، وجعل يضرب جبهته» أ. هـ. فابن سبع سنين يمكن أن يسمع، بل يحفظ كما هو معروف ومثبوت في بطون الكتب. فهذا دليل في إثبات السماع. نقول: أما ابن سبع سنين يمكن أن يسمع، بل ويحفظ فنعم ولكن البري واسمه عثمان بن مقسم كذبه ابن معين والجوزجاني، وتركه يحيى القطان وابن المبارك والنسائي والدارقطني، فالدليل غير قائم. فإن قلت: قد قال الدارقطني: «أبو عبيدة أعلم بحديث أبيه من حنيف بن مالك ونظرائه» نقول: أما حنيف بن مالك، فصوابه: خشيف بن مالك - بخاء معجمة، ثم شين، فباء - وقد ذكر في «الجرح والتعديل» (١/ ٢/ ٤٠١- ٤٠٢) أنه روى عن عمر، وابن مسعود» فهذا يدل على أنه قديم، ولكن ليس هناك تلازم بين أن يكون الأعلم قد سمع، فيكون أبو عبيدة هو الأعلم بمذهب أبيه، وفتواه، فما دخل السماع هنا؟!! فإن قلت: قد روى عبد الواحد بن زياد، عن أبي مالك الأشجعي، عن عبد الله بن أبي هند، عن أبي عبيدة قال: خرجت مع أبي لصلاة الصبح. فهذا يدل على أنه أدركه ووعاه. نقول: قال ابن أبي حاتم في «المراسيل» . ص ٢٥٦) بعد أن ذكر لأبيه هذه الرواية: «قال أبي: ما أدري ما هذا؟! عبد الله بن أبي هند من هو؟! فإن قلت: قد روى البخاري في «الكنى» (رقم ٤٤٧) قال: مسلم، نا أبان، عن قتادة، عن أبي عبيدة أنه فيما سأل أباه عن بيض الحمام؟! فقال: «صوم يوم» . فهذا يدل على أنه رعاه حتى صار يسأله عن مثل هذا السؤال. نقول: أما مسلم بن إبراهيم، أبان بن يزيد فكلاهما ثقة ولكن في السند عنعنة قتادة، فقد كان مدلسًا. فإن قلت: قال الذهبي في «سير النبلاء» (٤/ ٣٦٣): «روى عن أبيه شيئًا، وأرسل عنه أشياء» أ. هـ. فهذا التفريق من الذهبي يدل على أنه سمع، وإلا لما كان هناك معنى لقول الذهبي: «روى.. وأرسل» . نقول: الذهبي - يرحمه الله - يعتمد في التراجم على الكتب المتقدمة عليه، ولعله قال: «روى عن أبيه شيئًا» يقصد به ما ذكره البخاري في ترجمته، وقد سبق وأجبنا عنه. ثم الرواية لا تستلزم السماع، لا سيما والدليل الصحيح قائم على النفي كما سيأتي - إن شاء الله تعالى. قلت: وإذ قد فرغنا من الإجابة عما قيل في سماع أبي عبيدة من أبيه، نسوق أقوال العلماء في نفي السماع. فقد أخرج الترمذي (١٧)، وابن أبي حاتم في «المراسيل» (ص- ٢٥٦) من طريق محمد بن جعفر، نا شعبة، عن عمرو بن مرة، قال: قلت: أبا عبيدة، هل تذكر من عبد الله شيئًا؟! قالَ: لا أذكر مِنْهُ شيئًا» . وتابعه أبو داود الطيالسي، قالَ: أخبرنا شعبة ... فذكره. ... = =أخرجه ابن سعد في.. الطبقلت» (٦/ ٢١٠)، عن الطيالسي. وهذا سند صحيح حجة، وهو وحده كاف في الحكم بالانقطاع. وقال جماعة من العلماء بأنه لم يسمع من أبيه، منهم: أبو حاتم الرازي. ابن سعد، قال: «ذكروا أنه لم يسمع من أبيه» . الترمذي. - كما سيأتي. النسائي في «السنن» (٣/ ١٠٥) . البيهقي - كما في «نصب الراية» (١/ ١٤٦) . المنذري. العراقي. الحافظ ابن حجر. البوصيري. في «الزوائد» نور الدين الهيثمي في «المجمع» انظر مثلًا (٢/ ٦٠ و٦/ ٧١ و٧ / ١٩٣) . النووي في «المجموع» (٣/ ٦٩) . الشيخ أحمد شاكر في مواضع كثيرة من «المسند» . وانظر (٦/ ٤، ٢٣، ٢٤، ٣٢، ٤٤، ٤٥، ٦٧، ٦٨، ٨١، ٨٩، ٩٥، ٩٩، ١١٩، ١٢٣، ١٢٤، ١٢٥، ١٥٦، ١٨١، ١٩٩، ٢٠١) وكذا في تعليقه على «الروضة الندية» (ص - ١٧٣) . شيخنا الألباني. في مواضع، منها «الضعيفة» رقم (١٧٥، ٣٣٤، ٦١٥، ٩٦٥) . قلت: فهذا ما حضرني ساعة كتابة هذا البحث، ولو أني أمعنت النظر لوقفت على نماذج كثيرة. فهذا هو الوجه الأول في الرد على البدر العيني. أما الوجه الثاني أن العيني ﵀ اعتمد على حديث أخرجه الحاكم في «المستدرك» (٢/ ٥٧٢) من طريق زهير بن معاوية، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، عن أبيه قال: «إنما اشترى يوسف بعشرين درهما ... الحديث» قال الحاكم: «صحيح الإسناد» ووافقه الذهبي!! . قلت: كلا، وفي الإسناد، دون الانقطاع. الأول: أن أبا إسحاق السبيعي كان قد اختلط، وزهير بن معاوية سمع منه الاختلاط، كما قال ابن معين وأحمد والترمذي. الثانية: أن أبا إسحاق مدلس وقد عنعنه. فلو صرح أبو عبيدة بالسماع من أبيه في ذلك الخبر لم ينفعه، لكونه ما سلم من الخدش. والله أعلم. ثم إني - جد - متعجب من العيني رحمه الله تعالى، كيف طابت نفسه باعتبار أن هذا الذي رواه الحاكم دليل على السماع، مع كونه من العالمين - قطعًا - بكثرة أوهام الحاكم في المستدرك، والذهبي يتبعه في كثير من هذا الوهم؟!! وَهَذَا ما حدا بي - قديمًا - إلى تتبع كل ما = =وهم فيهِ الحاكم وتبعه عليهِ الذهبي، وأظهرت وجه الصواب فيهِ، وسميته: «إتحاف الناقم بوهم الذهبي والحاكم، قطعت فيهِ شوطًا لا بأس بهِ، وله قصة ذكرتها في «مقدمته»، فلله الحمد. الوجه الثالث: وهوَ أعجب الثلاثة الوجوه على الإطلاق. وأكثرها طرافة. فقد زعم العيني ﵀ أن الترمذي ممن يصححون سماع أبي عبيدة من أبيه اعتمادًا على تحسينه لكل الأحاديث التي أخرجها لهُ: «إذ من شرط الحديث الحسن أن يكون اسناده متصلًا عند المحدثين. قلت: قد أخرج الترمذي عقبه، والله المستعان. رقم (١٧) في «الاستنجاء بحجرين» . وقال: «وأبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود لم يسمع من أبيه» . رقم (١٧٩) كتاب الصلاة باب «ما جاء في الرجل تفوته الصلوات يأيتهن يبدأ» . وقال: «حديث عبد الله [يعني ابن مسعود] ليس بإسناده بأس، إلا أن أبا عبيدة لم يسمع من عبد الله» . رقم (٣٦٦) كتاب الصلاة باب: «ما جاء في مقدار القعود في الركعتين الأوليين» وقال: «هذا حديث حسن، إلا أن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه» . رقم (٦٢٢) كتاب الزكاة، باب: «ما جاء في زكاة البقر» وقال: «أبو عبيدة بن عبد الله لم يسمع من عبد الله» . رقم (١٠٦١) كتاب الجنائز باب: «ما جاء في ثواب من قدم ولدا. «وقال: «هذا حديث غريب، وأبو عبيدة لم يسمع من أبيه» . رقم (١٧١٤) كتاب الجهاد، باب: «ما جاء في المشورة» . قال: «وهذا حديث حسن، وأبو عبيدة لم يسمع من أبيه» . ثم أخرجه الترمذي (٣٠٨٤) في كتاب «تفسير القرآن» في «سورة الأنفال» . رقم (٣٠١١/ ٢٩) كتاب «تفسير القرآن - آل عمران» . وقال: «هذا حديث حسن» . قلت: فظهر من كلام الترمذي على هذه الأحاديث أنه لم يقل: «حديث حسن» ويسكت، بل يعقبه بأن: «أبا عبيدة لم يسمع من أبيه»: فأين محل قول العيني: «ومن شرط الحديث الحسن أن يكون إسناده متصلًا..»؟! ثمَّ إن الترمذي قالَ: «حديث حسن، فلا يمكن أن يحسن الحديث ثمَّ يردفه بذكر الانقطاع في سنده، إلا أن قدْ قصد أنه «حسن لغيره» لمجيئه من طرق أخرى بخلاف المنقطعة، أو يكون له شواهد. فإن قلت: قد قال الترمذي في الحديث (١٧٩): «ليس بإسناده بأس إلا أن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه» فهذا يدل على أن الإسناد المنقطع ليس به بأس. قلت: الجواب من وجهين: الأول: أن يُحمل كلام الترمذي على أنه لا بأس به في الشواهد والمتابعات، وإلا فالمنقطع عند جمهور المحدثين قسم من الحديث الضعيف. ... = =الثاني: أن هذه العبارة يستخدمها كثير من المحدثين، فيقولون: «إسناده صحيح لولا الانقطاع بين مكحول وأبي هريرة» قال ذلك البيهقي في حديث: «صلوا خلف كل بر وفاجر» - فتخرج كلمة الترمذي هذا المخرج. فإن قلت: قد قال في الحديث (٣٠١١/ ٢): «هذا حديث حسن» فلم يذكر الانقطاع. قلت: قد ذكر الانقطاع في مواضع كثيرة، والأخذ بالمفسر الزائد كما هو معروف. وبالجملة: فقد أطلت في هذا البحث، رجاء رفع الشبهة، وحسم مادة الجدل، وظهر منه أن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه على الصحيح من أقوال المحققين، أما البدر العيني رحمه الله تعالى، فما تعلق بشيء له طائل والله أعلم.

1 / 24

«اكتُم الخِطْبَةَ، ثُم تَوضأ فأحْسِن وُضوءَكَ، ثُم صَلِّ مَا كَتَبَ اللهُ لَكَ، ثُم احْمِدْ رَبَّكَ وَمَجِّدهُ، ثُم قُلْ: اللَّهُمَّ إنكَ تَقدِرُ ولا أَقدِرُ، وتَعلمُ ولا أعلَمُ، وأنتَ علاَّمُ الغيوبِ، فإنْ رأيتَ لي في فُلانةٍ - تُسمِّيها باسْمِها -

1 / 31

خيرًا لي في دِيني ودُنيَايَ، وآخِرَتي، فَاقْدِرها لي، وإنْ كَانَ غَيرَها خَيرًا لي مِنها في دِيني، ودُنيايَ، وآخِرَتي، فاقضِ لي بِهَا - أوْ قَالَ -: اقدُرهَا لي» . (١)

(١) ٧- ضعيف. أخرجه أحمد (٥/ ٤٢٣٩، وابن خزيمة (٢/ ٢٢٦) واللفظ له، وابن حبان (٦٨٥)، والطبراني في «الكبير» (ج ٤/ رقم ٣٩٠١)، والحاكم (١/ ٣١٤- ٣١٥)، والبيهقي (٧/ ١٤٧- ١٤٨) من طريق أيوب بن خالد بن أبي أيوب الأنصاري، عن أبيه، عن جده، فذكره مرفوعًا قال الحاكم: «صحيح الإسناد» ووافقه الذهبي (!) قلت: وهما في ذلك من وجهين: الأول: أيوب بن خالد ترجمه ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (١/ ١/ ٢٤٥) ولم يحك فيه جرحًا ولا تعديلًا، فهو على ذلك مجهول الحال. ولكن رأيت شيخنا الألباني - حفظه الله تعالى - إشارة في تعليقه على (صحيح ابن خزيمة» إلى أن فيه لينًا. ويقال: هو أيوب بن خالد بن صفوان الأنصاري. وانظر «التاريخ الكبير» (١/ ١/ ٤١٣) للبخاري. الثاني: أبوه لا يعرف أصلًا، فهو مجهول العين والصفة [قلت: وفي هذا - وغيره مما هو مثله - رد على الحافظ ابن حجر ﵀ إذ يقول إن من أخرج له ابن خزيمة في «صحيحه» يكون عنده ثقة. صرح بذلك في «تعجيل المنفعة» (رقم ٦١٨) في ترجمة عبد الرحمن بن خالد بن جبل. مع أني رأيت الحافظ لا يعتمد بمثل ذلك في نقده في «التلخيص» وغيره وسيأتي أمثلة لذلك - إن شاء الله تعالى] . ... = ٧- =ويُغْني عنه حديث جابر بن عبد الله الأنصاري قال: «كان رسول الله ﷺ يعلمنا الاستخارة في الأمور كما يعلمنا السورة من القرآن، ويقول: إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل: «اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب. اللهم عن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال: في عاجل أمري وآجاله فاقدره لي ويسره لي، ثم بارك لي فيه وأن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي، وعاقبة أمري - أو قال: في عاجل أمري وآجله، فاصرفه عني، واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كنت، ثم أرضني به. قال: ويسمى حاجته» . أخرجه الجماعة إلا مسلمًا، وقد خرجته في «الانشراح في آداب النكاح» (رقم ٣) مع ذكر الفوائد التي فيه فالحمد لله.

1 / 32