150

المفصل في أحكام الأضحية

المفصل في أحكام الأضحية

Genre-genre

وقد حمل الجمهور الأوامر في هذه الأحاديث على الندب؛ لأن الأمر فيها جاء بعد الحظر فيحمل على الندب أو الإباحة.
قال الحافظ ابن عبد البر: [وأما قوله: (فكلوا وتصدقوا وادخروا) فكلام خرج بلفظ الأمر، ومعناه الإباحة لأنه أمر ورد بعد نهي، وهكذا شأن كل أمر يرد بعد حظر أنه إباحة لا إيجاب] (١).
وأما مقدار الأكل فقال الحنفية والحنابلة: يأكل ثلثها ويهدي ثلثها ويتصدق بثلثها.
ولو أكل أكثر من الثلث جاز (٢).
وجاء عن الشافعي أنه يستحب قسمتها أثلاثًا لقوله: (كلوا وتصدقوا وأطعموا) (٣).
واحتج ابن قدامة بما ورد عن ابن عباس في صفة أضحية النبي ﷺ قال: [ويطعم أهل بيته الثلث، ويطعم فقراء جيرانه الثلث، ويتصدق على السؤَّال بالثلث] رواه الحافظ
أبو موسى الأصفهاني في الوظائف، وقال: حديث حسن (٤).
وقالوا لأنه قول ابن مسعود وابن عمر ﵄، ولم نعرف لهما مخالفًا من الصحابة، فكان إجماعًا كما قال ابن قدامة (٥).
ومن أهل العلم من استحب أن يأكل نصفًا ويطعم نصفًا (٦)، لقول الله تعالى في الهدايا
:﴾ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ﴿سورة الحج الآية ٣٦.
وأما الإمام مالك فلم يحد في ذلك شيئًا ويقول: يأكل ويتصدق.
والدليل على أنه لا تحديد في المسألة، بل الأمر على الاستحباب، حديث ثوبان ﵁ قال:
(ذبح رسول الله ﷺ ضحيته ثم قال: يا ثوبان أصلح لحم هذه الأضحية. قال: فلم أزل أطعمه منها حتى قدم المدينة) وقد سبق (٧).

(١) الاستذكار ١٥/ ١٧٣.
(٢) المجموع ٨/ ٤١٥، المغني ٩/ ٤٤٨، بدائع الصنائع ٤/ ٢٢٣، الحاوي ١٥/ ١١٧، فتح الباري ١٢/ ١٢٣.
(٣) فتح الباري ١٢/ ١٢٣.
(٤) المغني ٩/ ٤٤٨ - ٤٤٩.
(٥) المصدر السابق ٩/ ٤٤٩.
(٦) فتح الباري ١٢/ ١٢٣.
(٧) الاستذكار ١٥/ ١٧٤، الشرح الكبير ٢/ ١٢٢.

1 / 151