34
ومن الأمثلة على ذلك اسم الله (الأعلى): قال الماتريدي في تفسيره لاسم (الأعلى): "الأعلى. هو أعلى من أن يمسه حاجة أو يلحقه آفة" (^١). وقال أبو البركات النسفي: "الأعلى: بمعنى العلو الذي هو القهر والاقتدار، لا بمعنى العلو في المكان" (^٢). والخلاصة، فمذهبهم في الأسماء الحسنى على نوعين: الأول: ما اشتمل على حق، ووافق أهل السنة والجماعة في ظاهره، ومن ذلك: ١ - إثبات جميع أسماء الله الحسنى له تعالى، وبذلك فارقوا غلاة الجهمية الذين لا يثبتون لله الأسماء (^٣). ٢ - إثبات كثير من معاني أسماء الله تعالى، وبذلك فارقوا جهمية المعتزلة، لأنهم يثبتون الأسماء مجردة عن المعاني (^٤). ٣ - أسماء الله تعالى توقيفية، فلا يجوز تسمية الله تعالى إلا بما ورد في الشرع (^٥). ٤ - أسماء الله تعالى كلها حسنى، وأنها ليست ألفاظا مجردة عن معانيها، بل تدل على معان حسنة من التمجيد، والتقديس، والتعظيم (^٦). فأسماؤه تعالى أحسن الأسماء وأجلها، لإنبائها عن أحسن المعاني وأشرفها ولدلالتها على صفات الكمال من الجلالة والجمال والإكرام (^٧). والثاني: ما اشتمل على باطل وإلحاد: وأهم ذلك ما يلي: ١ - أن أسماء الله تعالى ليست أسماء حقيقة لله تعالى، قال أبو منصور الماتريدي: "فيدلك أن الأسماء التي نسميه بها عبارات عما يقرب إلى الأفهام، لا أنها في الحقيقة أسماؤه" (^٨). ٢ - الأسماء الحسنى غير مشتملة على صفات مستقلة بل هي مندرجة في صفة التكوين. قال أنور شاه الكشميري الديوبندي: "والأسماء الحسنى عند الأشاعرة عبارة عن الإضافات، وأما عند الماتريدية فكلها مندرجة في صفة التكوين" (^٩). ٣ - أسماء الله الحسنى مخلوقة عندهم: لأنها عبارة عن الألفاظ والحروف، وهي مخلوقة، ولذلك جعلوا أسماء الله تعالى الحسنى تسميات.

(^١) التأويلات: ل ٥٤٧. (^٢) تفسير النسفي: ٤/ ٢٢٣ - ٢٢٤. (^٣) انظر: التدمرية: ١٨٢ - ١٨٣. (^٤) انظر: المرجع السابق: ١٨٢ - ١٨٣. (^٥) انظر: كتاب التوحيد: ٣٨ - ٤٤، شرح المواقف للجرجاني الحنفي الماتريدي: ٨/ ٢١٠، مدارك التنزيل: ١/ ٥٩١، وإرشاد العقل السليم لأبي السعود: ٣/ ٢٩٦ (^٦) مدارك التنزيل: ١/ ٥٩١، ٢/ ٢٧٤. (^٧) إرشاد العقل السليم: ٣/ ٢٩٦، ٥/ ٢٠٠. (^٨) كتاب التوحيد: ٩٣ - ٩٤. (^٩) فيض الباري: ٤/ ٥١٧.

1 / 34