184

اللقاء الشهري

اللقاء الشهري

Genre-genre

فضل القيام في رمضان أما القيام فإن قيام رمضان سنة، سنه الرسول ﵊. والمشروع أن يكون قيام رمضان جماعة؛ لأن الرسول ﵌ قام في الناس جماعة ثلاث ليالٍ، ثم تأخر وقال: (إني خشيت أن تفرض عليكم) فبقي الناس بعد ذلك يصلي الرجلان والثلاثة والرجل الواحد، كل على حدة، وفي خلافة عمر خرج ذات يوم فوجد الناس أوزاعًا هذا يصلي وحده والرجلان على حده والثلاثة على حده. فرأى ﵁ أن يجمع الناس على إمامٍ واحد، فجمعهم على تميم الداري وأبي بن كعب، هذا يصلي أحيانًا وهذا أحيانًا، وأمرهما أن يصليا بالناس بإحدى عشرة ركعة، هكذا ثبت في موطأ مالك ﵀ كما كان الرسول ﵊: (لا يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة) وهذا هو العدد الأكمل والأفضل، فالإحدى عشرة أفضل من ثلاث وعشرين ولكن لا تكون الإحدى عشرة بالسرعة المعهودة عند كثير من الأئمة، لا تجد فيها طمأنينة ولا دعاء ولا تسبيحًا، غاية ما يكون أن يأتوا بالواجب حتى في التشهد، أكثر الأحيان إذا وصلت إلى أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله، قال: السلام عليكم. انتظر صل على النبي، تعوذ بالله من عذاب جهنم ومن عذاب القبر، دع الناس يدعون الله ﷿، يقول: لا دعنا نمشي على طول لكي ننتهي قبل المساجد الأخرى، وإذا فعلنا ذلك فإن الناس يأتون إلينا كثيرًا، لكن هذا غلط، نقول: اطمئن يا أخي، متى يحصل للإنسان رمضان؟ دع الناس يطمئنون ويدعون الله ﷿ وبدلًا من أن تخرج في ساعة، اخرج في ساعة ونصف. والذي ينبغي لنا أن نصلي مع الإمام حتى ينصرف من أجل أن ننال أجر الليلة كاملًا، لقول النبي ﵌: (من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة) وإن كان نائمًا على فراشه، فكونك تبقى مع الإمام حتى ينصرف أفضل من كونك تنصرف قبل أن يتم، ثم في آخر الليل تقوم، ما دام الله يسر فصل، إذا صليت مع الإمام قيام ليلة كاملة، فاحمد الله على هذه النعمة وقم مع الإمام حتى ينصرف، لكن إذا قال الإنسان: أنا أريد أن أتهجد في آخر الليل، لإن لي عادة بذلك أو أرغب أن أناجي الله ﷿ في آخر الليل قلنا: لا بأس، لكن إذا أوتر الإمام وسلم من وتره، فقم وأت بركعة ليكون الوتر في حقك شفعًا ويكون وترك أنت آخر الليل، لقول النبي ﵌: (اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترًا) وقال: (من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم من آخر الليل، فليوتر آخر الليل فإن صلاة آخر الليل مشهودة) وذلك أفضل. فإذا قال قائل: كيف أخالف الإمام والإمام صلى واحدة وأنا صليت اثنتين؟ ف الجواب أن هذا جائز، أليس الرجل إذا كان مقيمًا وصلى خلف إمام مسافر وسلم المسافذر، ماذا يفعل؟ يتم، يأتي بركعتين أكثر من إمامه، يزيد على إمامه، وهذا مما جاءت به الشريعة. هذا الرجل زاد على إمامه لأنه ما نوى الوتر، نوى أن يصلي شفعًا ليجعل وتره في آخر الليل. والمهم أننا نوصي هنا بوصيتين. الوصية الأولى: للأئمة. والوصية الثانية: لسائر الناس. أما الأئمة فإننا نوصيهم بتقوى الله ﷿، وأن يرفقوا بمن ورائهم، وأن يعطوا من وراءهم مهلة من أجل أن يذكروا الله ويسبحوه ويدعوه، وإذا اقتصروا على إحدى عشرة ركعة مع الطول كان خيرًا من ثلاث وعشرين ركعة مع السرعة الفادحة. حدثني من أثق به أن رجلًا دخل المسجد في رمضان وهم يصلون صلاة التراويح -التراويح على العهد السابق- فقام يصلي معهم لكن كانوا في الأول يعجلون عجلة شديدة، يقول: فلما نام من الليل رأى في المنام أنه دخل هذا المسجد فوجد الجماعة يحندون ويرقصون، والحند معناه (كل واحد يأخذ جسمه وينزل) ويرقصون، إشارة إلى أن هذه الصلاة لعب، لا يطمئنون فيها، ولا يتمكنون من دعاء أو ذكر، لكن الآن ولله الحمد خفت المسألة، صار كثير من الأئمة يطمئنون في القراءة، يطمئنون في الركوع، في القيام بعد الركوع، في السجود، في الجلوس بين السجدتين، فيحصل خير كثير. أما الوصية الثانية: فهي لعامة الناس أن يحرصوا على هذه التراويح وأن يقوموا مع الإمام حتى ينصرف، أما ما يفعله بعض الناس ولا سيما فيما سبق من عهد يصلي في هذا المسجد ركعتين، وفي المسجد الثاني ركعتين، والثالث ركعتين، فهذا ضياع، نقول: إذا صليت مع الإمام صلاة العشاء، فاجلس في المسجد إلى أن تُتم التراويح. أسأل الله تعالى أن يتمم علينا وعليكم نعمته، وأن يجعلنا ممن يصومون رمضان ويقومونه إيمانًا واحتسابًا، إنه جواد كريم.

8 / 7