ولن يقوم على ثبوت الوحدانية برهان أقوى من هذا البرهان، وهو برهان التمانع كما يسميه المتكلمون والباحثون في التوحيد.
وقد اختلفوا فيه ولكنه اختلاف لا موجب له مع فهم البرهان على معناه الصحيح الذي لا ينبغي أن يطول الجدل عليه.
فالإمام التفتازاني يقول إنه برهان إقناعي أو برهان خطابي، لجواز الاتفاق بين الإلهين أو بين الآلهة، وأن العقل لا يستلزم الخلاف.
والإمامان أبو المعين النسفي وعبد اللطيف الكرماني ينحيان عليه أشد الإنحاء ويقذفانه بالكفر؛ لأن الاستدلال ببرهان إقناعي «يستلزم أن يعلم الله سبحانه ورسوله
صلى الله عليه وسلم
ما لا يتم الاستدلال به على المشركين، فيلزم أحد الأمرين إما الجهل وإما السفه، وتعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.»
والإمام محمد البخاري تلميذ التفتازاني يدفع التهمة عن أستاذه بأن الأدلة على وجود الصانع تختلف بحسب إدراك العقول، والتكليف بالتوحيد يشمل العامة وهم قاصرون على إدراك الأدلة القطعية البرهانية، ولا يجدي معهم إلا الأدلة الخطابية العادية.
وقال الرازي: إن الفساد ممكن إذا تعددت الآلهة، وقد أجرى الله الممكن مجرى الواقع بناء على الظاهر.
وقال الإمام نور الدين الصابوني فيما رواه عنه صاحب سفينة الراغب: «لو ثبتت الموافقة بينهما - بين الإلهين - فهي إما ضرورية فيلزم عجزهما واضطرارهما، أو اختيارية ويمكن تقدير الخلاف بينهما فيتحقق الإلزام.»
وأحسن الإمام إسماعيل الكلنبوي حيث قال في حاشيته على شرح الجلال: «لا يخلو إما أن يكون قدرة كل واحد منهما وإرادته كافية في وجود العالم، أو لا شيء منهما كاف، أو أحدهما كاف فقط، وعلى الأول يلزم اجتماع المؤثرين التامين على معلول واحد وهو محال، وعلى الثاني يلزم عجزهما لأنهما لا يمكن لهما التأثير إلا باشتراك الآخر، وعلى الثالث لا يكون الآخر خالقا فلا يكون إلها.»
Halaman tidak diketahui