Allah, Alam Semesta, dan Manusia: Pandangan dalam Sejarah Pemikiran Agama
الله والكون والإنسان: نظرات في تاريخ الافكار الدينية
Genre-genre
هل من الممكن أن تكون رداءة الحياة في هذا العالم هي ما يدعو البشر إلى التفكير في العالم الآخر؟ فالمتدين عندما ينكر الحياة فإنه لا ينكر سوى الألم والشقاء وما إلى ذلك من عذابات الدنيا. وهذا ما يدعوني إلى التساؤل الآتي: ألا يمكن للفلسفة التي يتركز همها - كما قلت - على الحياة في هذا العالم، أن تحل مكان الدين في تقديم العزاء للبشر؟ (ج):
هذا ممكن، ولكن فقط عندما لا يلعب الدين دورا مهما في حياة أهل إحدى الثقافات، ولدينا مثال على ذلك وهو الصين؛ فالصينيون لم يكونوا عبر تاريخهم شعبا تشغل الأفكار والممارسات الدينية حيزا واسعا من حياتهم، والمكانة التي شغلتها الفلسفة لديهم تعادل مكانة الدين في الثقافات الأخرى، وهي التي زودت الحضارة الصينية بأسس حياتها الروحية، وهذا ما جعلها مختلفة عن الحضارات الكبرى التي لعبت المؤسسة الدينية والكهنوت دورا طاغيا في حياتها؛ فمنذ القدم كانت الفلسفة تدخل في صميم ثقافة الفرد الصيني المتعلم منذ سنوات التعليم المبكرة، عندما كان الأطفال في مدارسهم يقرءون وينسخون نصوصا فلسفية، ولا سيما من الكتب الكونفوشية الأساسية الأربعة. وكان على الصفحة الأولى من الكراس الذين يتعلمون منه مبادئ الكتابة جملة تعبر عن أحد المبادئ الكونفوشية وهي: «إن الطبيعة الأصلية للإنسان خيرة.» وكان من شأن هذه الجملة أن تضع الأطفال في بؤرة التفكير الفلسفي. (س):
نحن هنا أمام فلسفة أخلاقية، أليس كذلك؟ (ج):
دعني أقول بأنها فلسفة حياة تهتم بسبل الحياة القويمة، ولا تلقي بالا إلى المسائل الميتافيزيكية التي أثقلت على جارتها الهند حتى أغرقتها في بحار الوهم؛ فالمزاج الصيني يتصف بالعملية والبعد عن التأمل الصوفي، والفرد الصيني متفائل ومحب للحياة الأرضية التي يجد فيها الغاية المثلى للوجود في هذا العالم؛ ولذلك فإن الحياة الأخرى لم تعن له كثيرا، وكانت فلسفته فلسفة مجتمع وأخلاق وعلاقات إنسانية، لا فلسفة أخرويات من بعث وقيامة وحساب وجنة وجحيم. وهذا ما عناه كونفوشيوس عندما سأله أحد التلاميذ عن معنى الموت، فقال له: «إنك لم تفهم بعد معنى الحياة، فكيف لك أن تفهم معنى الموت؟» وكذلك الأمر عندما سأله عن ماهية الأرواح وكيف نستطيع خدمتها؟ فقال له: «إذا لم يستطع المرء خدمة الأحياء، فكيف له أن يخدم الأموات؟»
وبدوره كان للحكيم لاو-تسو مؤسس التاوية موقف مشابه من مسائل ما قبل الولادة وما بعد الموت، وهذا ما عبر عنه شارحه الرئيسي شوانغ تزو في قوله: «الناس في الأيام الخوالي لم يعرفوا حب الحياة ولا كراهية الموت، الولوج إلى الحياة لم يكن بهجة لهم، والخروج منها لم يكن يثير فيهم جزعا ولا مقاومة. بهدوء كانوا يأتون وبلا ضجيج كانوا يغادرون. لا ينسون ما كانت عليه بدايتهم، ولا يتساءلون عما ستئول إليه نهايتهم، لقد قبلوا الحياة واغتبطوا بها، ثم نسوا وآلوا إلى حالة ما قبل الحياة.» (س ):
أنت تصف الكونفوشية هنا بأنها فلسفة، ولكننا غالبا ما نقرأ أن الأديان التي تخللت حياة الصين بعد الديانة التقليدية القديمة هي: البوذية والكونفوشية والتاوية! (ج):
قد تبدو الكونفوشية التي تخللت لقرون عديدة حياة الصين لأول وهلة بأنها ديانة، ولكنها في واقع الأمر ليست كذلك؛ فهي ليست ديانة أكثر مما هي فلسفة أفلاطون أو فلسفة أرسطو. وعلى الرغم من أن الكتب الكونفوشية الأربعة كانت بالنسبة للصينيين مثلما هو الكتاب المقدس بالنسبة لأهل الغرب، إلا أن هذه الكتب لم تحتو على قصة الخلق والتكوين، كما أنها لم تتطرق إلى مسائل نهاية التاريخ وما يتصل بها من قيامة عامة للموتى وحساب وجنة وجحيم، كما هو الحال في أديان التوحيد، أو إلى عودة الأرواح للاتحاد بمصدرها وهو المطلق الكلي، كما هو الحال في الغنوصية المشرقية ومذهب وحدة الوجود في الهندوسية. أما الميتافيزيكيات التي جاءت بها الكونفوشية الجديدة منذ معلمها الأول مينشيوس، فلم تكن سوى ماورائيات أفلاطون التي أرجعت كل حركة في الكون والطبيعة إلى مبدأ كلي دعاه بالمحرك الساكن (The Immovable Mover) . ولكن هذا «المحرك» لا يشبه الله في شيء. (س):
الفلسفة الصينية إذن هي فلسفة فعل وممارسة، لا فلسفة تأمل مجرد؟ (ج):
هذا صحيح، إن أقصى ما يسعى إليه الكدح الروحي للفرد في الثقافات المشبعة بالدين هو تحقيق القداسة، أما في الثقافة الصينية، فإن ما يكدح الفرد لتحقيقه هو مرتبة الحكيم؛ ففي شخصية هذا الحكيم تتحد المعرفة بالفضيلة، لأنه يعيش وفق قناعاته الفلسفية التي ليست أفكارا معروضة للفهم، بقدر ما هي مبادئ للعيش الصحيح. (س):
وماذا عن التاوية؟ أهي فلسفة أم دين؟ (ج):
Halaman tidak diketahui