الكفاية في التفسير بالمأثور والدراية

Abdullah Khadr Hamd d. Unknown
67

الكفاية في التفسير بالمأثور والدراية

الكفاية في التفسير بالمأثور والدراية

Penerbit

دار القلم

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤٣٨ هـ - ٢٠١٧ م

Lokasi Penerbit

بيروت - لبنان

Genre-genre

وقد اجتمع للقرآن الكريم ما لم يجتمع لغيره من الكتب السابقة فاعتمد في طريقة نقله المشافهة والحفظ والكتابة والتدوين، وتعتبر مسألة المشافهة والحفظ وهي أولى مراحل الجمع، من أعظم خصيصة شرفت بها الأمة الإسلامية دون سائر الملل والنحل. جمع القرآن في عهد النبي ﷺ. اعتبرت طريقة الحفظ (١) والمشافهة الوسيلة الوحيدة التي اعتمد عليها في جمع القرآن الكريم في العهد النبوي، فالقرآن الكريم لما نزل بروعة نظمه ونقاء ألفاظه وشدة تأثيره على العقول والمشاعر اشتد اهتمام العرب به، وخاصة الذين كانوا من السابقين إلى الإيمان به، وكانوا يترقبون كل جديد ينزل به الوحي يجمعون بين حفظه والعمل به، وهكذا اهتم جم غفير من الصحابة كالخلفاء الأربعة ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت ... بجمع القرآن الكريم وحفظه، وكان النبي ﷺ كلما نزل عليه شيء من الوحي أمر كتبة الوحي بكتابته فورا، سماعا من فمه ثم ينتشر ما نزل بين الناس، فكانت العلاقة بين المسلمين وكتاب ربهم هي الحفظ استنادا لما سمعوه من في رسول الله ﷺ، وهذه خصيصة خص الله بها الأمة المحمدية. قال بن الجزري: «إن الاعتماد في نقل القرآن على حفظ القلوب والصدور لا على خط المصاحف والكتب أشرف خصيصة من الله تعالى لهذه الأمة» (٢). ومع حرص الصحابة على مدارسة القرآن واستظهاره، فإن رسول الله ﷺ كان يشجعهم على ذلك، ويختار لهم من يعلمهم القرآن، عن عبادة بن الصامت قال: «كان الرجل إذا هاجر دفعه النبي ﷺ إلى رجل منا يعلمه القرآن، وكان يسمع لمسجد رسول الله ﷺ ضجة بتلاوة القرآن، حتى أمرهم رسول الله ﷺ أن يخفضوا أصواتهم لئلا يتغالطوا» (٣). وكان الصحابة يعرضون على رسول الله ﷺ ما لديهم من القرآن حفظا وكتابة، ولم تكن الوثائق (٤) التي كتبوها في العهد النبوي مجتمعة في مصحف عام بل عند هذا ما ليس عند ذاك، وهذا يعزى إلى اختلاف قراءات الصحابة لكون القرآن أنزل على سبعة أحرف. وقبض النبي ﵊ والقرآن محفوظ في الصدور ومكتوب في الصحف، مفرق الآيات والسور، أو مرتب الآيات فقط وكل سورة في صحيفة على حدة، بالأحرف السبعة الواردة، ولم يجمع في مصحف عام، حيث كان القرآن ينزل فيحفظه القراء ويكتبه الكتبه، ولم تدع الحاجة إلى تدوينه في مصحف واحد، لأنه ﵊ كان يترقب نزول الوحي من حين لآخر، وقد يكون منه الناسخ لشيء نزل من قبل، وكتابة القرآن لم يكن ترتيبها بترتيب النزول بل تكتب الآية بعد نزولها حيث يشير ﷺ إلى موضع كتابتها بين آية كذا وآية كذا في سورة كذا قال الزركشي: «وإنما لم يكتب في عهد النبي ﷺ مصحف لئلا يقضي إلى تغييره في كل وقت، فلهذا تأخرت كتابته إلى أن كمل نزول القرآن

(١) (: المقصود به الحفظ في الصدور والسطور. (٢): مباحث في ع. القرآن ص ١٢٣. (٣): نفسه، ص ١٢١. (٤) (: المقصود بها العسب والرقاع واللخاف ... التي كان يدون فيها القرآن.

1 / 67