342

الكفاية في التفسير بالمأثور والدراية

الكفاية في التفسير بالمأثور والدراية

Penerbit

دار القلم

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤٣٨ هـ - ٢٠١٧ م

Lokasi Penerbit

بيروت - لبنان

Genre-genre

الفوائد:
١ - من فوائد الآية: أن الإنسان إذا لم يكن له إقبال على الحق، وكان قلبه مريضًا فإنه يعاقب بزيادة المرض؛ لقوله تعالى: ﴿في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضًا﴾؛ وهذا المرض الذي في قلوب المنافقين: شبهات، وشهوات؛ فمنهم من علم الحق، لكن لم يُرِده؛ ومنهم من اشتبه عليه؛ وقد قال الله تعالى في سورة النساء: ﴿إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرًا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلًا﴾ [النساء: ١٣٧]، وقال تعالى في سورة المنافقين: ﴿ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون﴾ [المنافقون: ٣].
٢ - ومن فوائد الآية: أن أسباب إضلال اللَّهِ العبدَ هو من العبد؛ لقوله تعالى: ﴿في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضًا﴾؛ ومثل ذلك قوله تعالى: ﴿فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم﴾ [الصف: ٥]، وقوله تعالى: ﴿ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة﴾ [الأنعام: ١١٠]، وقوله تعالى: ﴿فإن تولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم﴾ [المائدة: ٤٩].
٣ - ومنها: أن المعاصي والفسوق، تزيد وتنقص، كما أن الإيمان يزيد وينقص؛ لقوله تعالى: ﴿فزادهم الله مرضًا﴾؛ والزيادة لا تُعقل إلا في مقابلة النقص؛ فكما أن الإيمان يزيد وينقص، كذلك الفسق يزيد، وينقص؛ والمرض يزيد، وينقص.
٤ - ومنها: الوعيد الشديد للمنافقين؛ لقوله تعالى: ﴿ولهم عذاب أليم﴾.
٥ - ومنها: أن العقوبات لا تكون إلا بأسباب. أي أن الله لا يعذب أحدًا إلا بذنب.؛ لقوله تعالى: ﴿بما كانوا يكذبون﴾.
٦ - ومنها: أن هؤلاء المنافقين جمعوا بين الكذب، والتكذيب؛ وهذا شر الأحوال.
٧ - ومنها: ذم الكذب، وأنه سبب للعقوبة؛ فإن الكذب من أقبح الخصال؛ وقد بين رسول الله ﷺ أن الكذب من خصال المنافقين، فقال ﷺ "آية المنافق ثلاث: إذا حدَّث كذب .. " (١) الحديث؛ والكذب مذموم شرعًا، ومذموم عادة، ومذموم فطرة أيضًا.
مسألة: -
إن قيل: كيف يكون خداعهم لله وهو يعلم ما في قلوبهم؟
فالجواب: أنهم إذا أظهروا إسلامهم فكأنما خادعوا الله؛ لأنهم حينئذ تُجرى عليهم أحكام الإسلام، فيلوذون بحكم الله. ﵎. حيث عصموا دماءهم وأموالهم بذلك.
لقرآن
﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (١١)﴾ [البقرة: ١١]
التفسير:
وإذا نُصحوا ليكفُّوا عن الإفساد في الأرض بالكفر والمعاصي، وإفشاء أسرار المؤمنين، وموالاة الكافرين، قالوا كذبًا وجدالا إنما نحن أهل الإصلاح.
اختلف أهل التفسير فِيمَنْ أُريدَ بهذا القول على ثلاثة أوجه (٢):
أحدها: أنها نزلت في قوم، لم يكونوا موجودين في ذلك الوقت، وإنما يجيئون بعد، وهو قول سلمان الفارسي (٣).
والثاني: أنها نزلت في المنافقين، الذين كانوا موجودين، وهو قول ابن مسعود (٤)، وابن عباس (٥) ومجاهد (٦)، وروي عن الربيع مثل ذلك (٧).

(١) أخرجه البخاري ص ٥، كتاب الإيمان، باب ٢٤: علامات المنافق، حديث رقم ٣٣؛ وأخرجه مسلم ص ٦٩٠، كتاب الإيمان، باب ٢٥: خصال المنافق، حديث رقم ٢١١ [١٠٧] ٥٩.
(٢) أنظر: النكت والعيون: ١/ ٧٤.
(٣) أنظر: تفسير الطبري (٣٣٧)، و(٣٣٨): ص ١/ ٢٨٧ - ٢٨٨، وهذا الخبر نقله ابن كثير ١: ٩١، والسيوطي ١: ٣٠، ونسبه أيضًا لوكيع وابن أبي حاتم، وذكره الشوكاني ١: ٣١ ونسبه لابن إسحاق وابن جرير وابن أبي حاتم، ولم أجد نسبته لابن إسحاق عند غيره.
(٤) أنظر: تفسير الطبري (٣٣٩): ص ١/ ٢٨٨.
(٥) أنظر: تفسير الطبري (٣٣٩): ص ١/ ٢٨٨.
(٦) أنظر: تفسير الطبري (٣٣٩): ص ١/ ٢٨٨.
(٧) أنظر: تفسير الطبري (٣٤٠): ص ١/ ٢٨٨.

2 / 77