216

الكفاية في التفسير بالمأثور والدراية

الكفاية في التفسير بالمأثور والدراية

Penerbit

دار القلم

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤٣٨ هـ - ٢٠١٧ م

Lokasi Penerbit

بيروت - لبنان

Genre-genre

ومنه قول الشاعر (١): يَرُبُّ الذِّي يَأْتِي مِنَ الخَيْرِ أَنَّهُ ... إذَا فَعَلَ المَعْرُوفَ زَادَ وَتَمَّمَا فالمعنى: على هذا أنه يربي الخلق ويغذوهم بما ينعم عليهم (٢). فالرب هو الكفيل والرقيب، والمتكفل بالتعهد وإصلاح الحال، ومنه قوله ﷿ على لسان إبراهيم ﵇: ﴿فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ﴾ [الشعراء: ٧٧]، وقوله ﷿: ﴿رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا﴾ [المزمل: ٩] (٣)، قال ابن كثير: " أي: هو الذي جعل المشرق مشرقًا، تطلع منه الكواكب، والمغرب مغربا تغرب فيه الكواكب، ثوابتها وسياراتها، مع هذا النظام الذي سخرها فيه وقدرها" (٤). ونظيره قوله تعالى: ﴿رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا﴾ [المزمل: ٩]، أي: هو المالك المتصرف في المشارق والمغارب لا إله إلا هو. والرابع: أن الرب: المدَبِّر، ومنه قول الله ﷿: ﴿وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأحْبَارُ﴾ وهم العلماء، سموا ربَّانيِّين، لقيامهم بتدبير الناس بعلمهم، وقيل: ربَّهُ البيت، لأنها تدبره. والخامس: الرب مشتق من التربية، ومنه قوله تعالى: ﴿وَرَبَآئِبُكُمُ اللاَّتِي في حُجُورِكُمْ﴾ [النساء: ٢٣] فسمي ولد الزوجة ربيبة، لتربية الزوج لها، ومنه قوله تعالى: ﴿قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ﴾ [يوسف: ٢٣] (٥)، ومنه قول الشاعر (٦): فَإِنْ كُنْتِ مِنِّي أَوْ تُرِيدِين صُحْبَتِي ... فَكُونِي لَهُ كَالسَّمْنِ رُبَّتْ لَهُ الأَدَم قال الطبري: " فربّنا جلّ ثناؤه: السيد الذي لا شِبْه لهُ، ولا مثل في سُؤدده، والمصلح أمر خلقه بما أسبغ عليهم من نعمه، والمالك الذي له الخلق والأمر" (٧).

(١) ورد البيت بدون عزو في "الزاهر" ١/ ٥٧٦، "تهذيب اللغة" (رب) ٢/ ١٣٣٦، "تفسير الثعلبي" ١/ ٢٥/ ب، "الوسيط" للواحدي ١/ ١٧، "اللسان" (ربب) ٣/ ١٥٤٧، ورواية البيت في غير الثعلبي (من العرف) بدل (من الخير)، (سئل) بدل (فعل). (٢) التفسير البسيط: ١/ ٤٨٦. (٣) انظر: المصطلحات الأربعة في القرآن، أبو الأعلى المودودي، هذه رساله ألفها الاستاذ السيد أبو الأعلى المودودي في سنة ١٣٦٠ هـ - ١٩٤١ م، ونشر فصولها تباعا في مجلته الشهرية " ترجمان القرآن " ثم جمعها ونشرها في رسالة سماها " المصطلحات الأربعة في القرآن ": ص: ٢٨ ومابعدها. (٤) تفسير ابن كثير: ٦/ ١٤٠. (٥) لا يذهبن بأحد الظن أن يوسف ﵊ أراد بكلمة (ربي) في الآية عزيز مصر، كما ذهب إليه بعض المفسرين، وإنما يرجع الضمير في (انه) إلى الله الذي قد استعاذ به يوسف ﵇ بقوله: (معاذ الله). ولما كان المشار إليه قريبا من ضمير الاشارة فأي حاجة بنا إلى أن نلتمس له مشارا إليه آخر لم يذكر قريبا منه. ونقول: ما نفاه الاستاذ المودودي من أن الضمير في (إنه) يعود على عزيز مصر رواه الطبري في التفسير ١٢/ ١٠٨ من وجوه عن مجاهد وابن اسحاق، ولم ينقل غيره. وقد روى الوجه الذي ذهب إاليه الاستاذ المودودي الطبرسي في (مجمع البيان) ٥/ ٢٢٣ مقال: " .. وقيل: أن الهاء عائد إلى الله سبحانه، والمعنى أن الله ربي رفع من محلي وأحسن إلى وجعلني نبيًا فلا أعصيه أبدا " (٦) البيت لعمرو بن شأس، كان له ابن يقال له (عرار) من أمة سوداء، وكانت امرأته تؤذيه وتستخف به، فقال قصيدة يخاطبها، ومنها هذا البيت، يقول: إن كنت تريدين مودتي، فأحسني إليه كما تستصلحين وعاء السمن حتى لا يفسد عليك، و(الأَدَم) جمع أَدِيم: الجلد المدبوغ، و(الرُّبُّ): خلاصة التمر بعد طبخه وعصره. ورد البيت في "شعر عمرو" ص ٧١، "الشعر والشعراء" ص ٢٧٤، "طبقات الشعراء" للجمحي ص ٨٠، "أمالي القالي" ٢/ ١٨٩، "اشتقاق أسماء الله" ص ٣٣، "الصحاح" (ربب) ١/ ١٣١، "اللسان". (٧) تفسير الطبري: ١/ ١٤٢.

1 / 223