444

إلا إن الدنيا قد ترحلت مدبرة ، وإن الآخرة قد ترحلت مقبلة ، ولكل واحدة بنون، فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا ، فإن اليوم عمل ولا حساب ، وإن غدا حساب ولا عمل .

وإنما بدء وقوع الفتن من أهواء تتبع وأحكام تبتدع ، يخالف فيها حكم الله يتولى فيها رجال رجالا !

إلا إن الحق لو خلص لم يكن اختلاف ، ولو أن الباطل خلص لم يخف على ذي حجى ، لكنه يؤخذ من هذا ضغث ومن هذا ضغث فيمزجان فيجللان معا ، فهنالك يستولي الشيطان على أوليائه ، ونجا الذين سبقت لهم من الله الحسنى !

إني سمعت رسول الله(ص) يقول: كيف أنتم إذا لبستم فتنة يربو فيها الصغير ويهرم فيها الكبير ، يجري الناس عليها ويتخذونها سنة ، فإذا غير منها شئ قيل: قد غيرت السنة وقد أتى الناس منكرا ! ثم تشتد البلية وتسبى الذرية وتدقهم الفتنة كما تدق النار الحطب وكما تدق الرحا بثفالها ، ويتفقهون لغير الله ويتعلمون لغير العمل ، ويطلبون الدنيا بأعمال الآخرة .

ثم أقبل بوجهه وحوله ناس من أهل بيته وخاصته وشيعته فقال:

Halaman 446