Seribu Satu Malam dalam Kesusasteraan Dunia dan Kajian dalam Kesusasteraan Bandingan
الرواية الأم: ألف ليلة وليلة في الآداب العالمية ودراسة في الأدب المقارن
Genre-genre
كذلك لم يفت ديكنز استخدام الليالي العربية في نقده الاجتماعي والسياسي في عهده؛ فقد استخدمها في هجومه على الظلم الاجتماعي في عدم توفير تربية أخلاقية ملائمة للطبقات الفقيرة في نفس الوقت الذي تقسو الحكومة على أفراد تلك الطبقات إذا هم انحرفوا إلى الجريمة، مشبها ذلك الموقف برغبة الجني في معاقبة التاجر لأنه ألقى نواة البلح ففقأ عين ابن الجني، رغم أنه لا حيلة له ولا يد في ذلك الأذى. واستخدم نفس الإشارات من ألف ليلة ليصب جام سخريته من عجز الحكومة البريطانية في عهده في مجال السياسة الخارجية في قضية حرب القرم، فنشر مقالة سماها «ألف دجال ودجال» سخر فيها من شخصية لورد بالمرستون رئيس الوزراء البريطاني آنذاك، مغيرا ألفاظ حكايات شهيرة في ألف ليلة لتلقي بظلال السخرية المريرة من سياسات عصره البالية.
وقد شارك «ويلكي كولين» (1824-1889م) تشارلز ديكنز الصداقة والزمالة ... والإعجاب بألف ليلة وليلة. وقد تبادل الكاتبان الصديقان مجموعة كبيرة من الرسائل، وتتبدى فيها إشارات كثيرة لماحة لقصص الكتاب. وقد أفرد البروفيسور «كراكشيولو» فصلا كبيرا بقلمه في الكتاب الذي حرره عن أثر ألف ليلة وليلة في الأدب الإنجليزي لويلكي كولينز، عدد فيه الإشارات الكثيرة في أعمال كولينز لقصص ألف ليلة، والتأثرات التي تلقاها من مؤلفين آخرين تحدثوا عن الكتاب، خاصة والتر سكوت ودي كوينسي وديكنز. وقد استخلص البروفيسور أن أكثر ما تأثر به كولينز هو طريقة الإطار، والسرد الذي يشبه الصندوق الصيني، أو العروسة الروسية، حيث تتولد القصص من رحم قصص أخرى، على نحو دائري لا نهائي. وقد استبان التأثر بمجموعة القصص العربية في قصتين لكولينز هما «بعد الظلام» و«ملكة القلب»، في جمعهما للقصص داخل القصص، التي تروى في الليل بغرض كسب الوقت لمزيد من التلاحم الإنساني.
بيد أن تركيز مقال البروفيسور كراكشيولو كان على رواية ويلكي كولينز «الماسة الصفراء»، التي تتبع فيها مصير أشهر ماسة في التاريخ وهي «الكوهينور»، وربط بينها وبين التغلغل البريطاني في الهند والعلاقات الغربية بالشرق عموما. وقد انتهج كولينز في الرواية عناصر التشويق الواردة في قصص الرواية البوليسية، واعتمد طرق الاستجواب والاستدلال المستقاة من توثيق النصوص عند العرب والمسلمين، بتسلسل الرواة ودرجة موثوقيتهم.
وقد استخدم كولينز الإشارات إلى ألف ليلة وليلة وحكاياتها المشهورة كيما يضيف أبعادا جديدة على ما يقصه في رواياته؛ كما أنه وجد في تلك الحكايات الوسيلة التي تمكنه من تأمين إضفاء الثراء والعمق على شخصياته، اللازمين لتوضيح النتائج السيكلوجية والأخلاقية التي ترتبت على تكوين إمبراطورية بريطانية فيما وراء البحار، ونظام للتصنيف الطبقي في إنجلترا ذاتها.
وكان «روبرت لويس ستيفنسون» (1850-1894م) أكثر صراحة من سابقيه حين أفرد كتابا خاصا أطلق عليه «الليالي العربية الجديدة» نشره عام 1882م. وكان ينظر إلى حكايات ألف ليلة وليلة بوصفها أدبا خالصا لا يهدف من ورائه إلى مواعظ أخلاقية أو أهمية فكرية. وقد قال عنها في عام 1882م: «هناك مثلا كتاب محبوب أكثر من كتب شكسبير، يأسر النفوس في عهد الطفولة ويبهج النفس في الكبر، وأعني به الليالي العربية، حيث لا تجد مواعظ أخلاقية ولا اهتمامات فكرية. إننا لا نتعرف على وجوه أو أصوات إنسانية وسط جمهرة الملوك والجنيات والساحرات والشحاذين. فالمغامرات الخالصة فيها توفر المتعة والتسلية وفيها الكفاية.»
وقد استخدم ستيفنسون أسلوب توالي القصص وتوالدها، من شخصية إلى أخرى، بنفس طريقة قصص ألف ليلة وليلة، حيث شخصية تسلم الحدث إلى شخصية أخرى، دافعة القصة والسرد إلى الأمام. وهذا ما يحدث في قصتي «نادي الانتحار» و«ماسة الراجا» من مجموعة «الليالي العربية الجديدة». ففي القصة الأولى، بعد أن يهرب الشاب من نادي الانتحار: «وهنا (يقول المؤلف العربي) تنتهي حكاية الشاب والكعكات، وهو الآن رب أسرة محترمة في شارع وجمور، بميدان كافندش. ولن أذكر رقم المنزل لأسباب واضحة. أما من يريدون أن يتابعوا مغامرات الأمير فلوريزل مع رئيس نادي الانتحار، فيمكنهم أن يقرءوا حكاية الطبيب وصندوق ساراتوجا.»
وهذا هو المعادل لما تقوله شهرزاد حين تنتهي من حكاية لتبدأ بأخرى، من مثل «وأين يكون هذا من حكاية ...» كيما يقول لها الملك شهريار: «وكيف كان ذلك؟» لتنطلق في رواية الحكاية الجديدة.
كذلك كان ستيفنسون مغرما بفكرة «القرين المضاد» التي تتبدى كثيرا في قصص ألف ليلة، أي شخصين متلازمين يكونان على طرفي نقيض، مثل السندباد البحري: التاجر الناجح والمغامر الجسور، والسندباد البري الفقير؛ وأبو كير: الصباغ الشرير المحتال، وصديقه أبو صير: الحلاق الطيب المتسامح. وقد برز ذلك التشخيص التضادي في بعض قصص الليالي العربية الجديدة، وفي رواية «سيد بالانتري»، في شخصية الأخوين: جيمس الشرير، وهنري الطيب. وفي رواية «عفريت القارورة»، استخدم ستيفنسون مزيجا عجيبا من حكايتي «علاء الدين والمصباح السحري» و«الصياد والجني»، حيث صور شخصية أحد أبناء هاواي ويدعى «كييف» يخاطر بحلول اللعنة عليه بشرائه قارورة الجني، الذي يلبي طلبات صاحبه بشرط واحد: أنه إذا مات صاحب القارورة وهي ما زالت بحوزته، يذهب إلى الجحيم مباشرة. والقصة بهذا تحمل أيضا ظلالا من أسطورة فاوست. وتتضمن قصة ستيفنسون ملامح ألف ليلية، من تحريمات واشتراطات، منها أنه إذا رغب «كييف» في التخلص من القارورة ببيعها، فعليه أن يقبل فيها ثمنا أقل مما دفعه فيها، مما يعقد الأمور. كما أن عفريت القارورة يختلف عن عفريت علاء الدين، فهو جني شرير يقوم بمسخ صاحبه ذات مرة إلى حجر، كما أنه لا يهبه القصر الذي طلبه منه، بل يجعله يرثه عن عمه وابن عمه بعد أن يدبر مصرعهما غرقا في البحر. ويبيع كييف القارورة، ويتأهب للزواج من حبيبته، حين يكتشف أنه قد أصيب بالبرص؛ فيضطر بذلك إلى استعادة القارورة طلبا للشفاء. وعلى نسق حكايات ألف ليلة، ينهي ستيفنسون قصته نهاية سعيدة، بأن يجعل رجلا شريرا يسرق القارورة من كييف، فيتخلص بذلك هو وزوجته من تلك اللعنة الجهنمية. ونرى من هذا كيف تناول ستيفنسون عناصر من الكتاب العربي وأضفى عليها عناصر أشد ظلمة وجهامة، ومضى معها إلى نهاية ما يمكن أن تحتمله القصة الأصلية، مضيفا بذلك معاني جديدة عليها بما يتفق مع الفكرة الأخلاقية التي أراد توصيلها إلى قارئه.
وقد بنى «جورج ميريدث» (1828-1909م) شهرته على رواية احتذى فيها حذو قصص ألف ليلة وليلة، وأعطاها اسما غريبا هو «قص شعر شجبات» وعنوانا فرعيا «مسامرات عربية» وصدرت عام 1855م. وكان ميريدث من المؤمنين بأن الوقت قد حان للروائيين الإنجليز لنشدان حيوية وانفتاح الحكاية العربية كما حدث في القرون الوسطى، وأن تلك الحكايات يمكن أن تخصب أرضية الرواية المعاصرة بما فيها من تعبيرات اجتماعية ومتعة قصصية في نفس الوقت. وقد طالع ميريدث ألف ليلة وليلة في طفولته وكانت كتابه المفضل في صباه؛ وقد بنى روايته الأولى على نهجها، ذاكرا في مقدمته أن روايته محاولة لاحتذاء «أسلوب وطريقة الحكائين الشرقيين». وكان ميريدث يحكي قصصا كهذه لابنته المتبناة كل ليلة، ويبدو أن روايته هي نتيجة تلك القصص الخيالية التي كان يبتدعها كل ليلة. بيد أن «حلق شعر شجبات» هي في الواقع مكتوبة للكبار. وفيها نقرأ: «والآن، قصة «شبلي باجراج» والكرة التي تتبعها، والمملكة التي في جوف الأرض التي وصل إليها، والقصر المسحور الذي دخل إليه، والملك النائم الذي قام شبلي بحلق شعره، والأميرتين اللتين أطلق سراحهما، والعفريت الذي كانت تسيطر عليه إحداهما وتحبسه في زجاجة ...»
ويجد «شبلي باجراج» نفسه في سلسلة من الانطلاقات والمحن في نضاله لحلق الشعر السحري لشجبات الذي يخضع المدينة، التي لها نفس اسمه، لطغيانه، كيما يحرر المدينة وأهلها منه. ويفضل النقاد اليوم اعتبار الرواية «أليجورية» تمثل القضاء على الظلم الإنساني والاجتماعي، وإزالة الأوهام والخرافات التي تهدد الحرية الإنسانية، عنها بوصفها رواية قصصية عادية. وهي تمتلئ بالتيمات المأخوذة من ألف ليلة، مثل طائر الرخ، والجني الذي يخدم سيدته ثم ينقلب عليها، والمصباح السحري ... إلخ.
Halaman tidak diketahui