الديباج للختلي
الديباج للختلي
Penyiasat
إبراهيم صالح
Penerbit
دار البشائر
Nombor Edisi
الأولى
Tahun Penerbitan
١٩٩٤
Genre-genre
١٤٠ - [حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ،]
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُبَارَكِ، قَالَ:
بَلَغَنِي أَنَّهُ [كَانَ نَقْشُ] خَاتَمِ عُثْمَانَ: آمَنَ عُثْمَانُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ.
١٤١ - [.. ..] عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: رَأَيْتُ خَاتَمَ عَلِيٍّ ﵁ فِي الضَّوْءِ، فَإِذَا فِيهِ ثَلاثَةُ أسطرٍ، نَقْشُهُ: «محمدٌ» فِي سطرٍ، «رَسُولُ» فِي سَطْرٍ، «اللَّهِ» فِي سَطْرٍ. وَيُقَالُ: كَانَ عَلَى خَاتَمِهِ: إِنَّمَا اللَّهُ الْمَلِكُ.
١٤٢ - [.. ..] عَنْ أَبِي رَيْحَانَةَ الْعَامِرِيِّ، قَالَ: أَقْبَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، وَقَدْ تَحَلَّقَ حَوْلَهُ بُطُونُ قُرَيْشٍ كُلِّهَا، وَعَنْ يَمِينِهِ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ؛ فَقَالَ لَهُ: لأَسْأَلَنَّ الْيَوْمَ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ مَسَائِلَ يَعْيَا عَنْ جَوَابِهَا. قَالَ: فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ سَعِيدُ [بْنُ] الْعَاصِ، فَقَالَ لَهُ: يَا مُعَاوِيَةُ، إِنَّكَ لا تَقْوَى عَلَى مَسَائِلِ ابْنِ عَبَّاسٍ. فَلَمَّا جَلَسَ ابْنُ عَبَّاسٍ، التفت إليه معاوية فقال له: يا ابن عَبَّاسٍ، مَا تَقُولُ فِي أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ؟ ⦗٧٠⦘ قَالَ: رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ، كَانَ وَاللَّهِ لِلْقُرْآنِ تَالِيًا، وَلِلشَّرِّ قَالِيًا، وَعَنِ الْمُنْكَرِ نَاهِيًا، وَلِلْمَعْرُوفِ آمِرًا، وَإِلَيْهِ صَائِرًا، وَبِاللَّيْلِ قَائِمًا، وَبِالنَّهَارِ صَائِمًا؛ فَاقَ أَصْحَابَهُ وَرَعًا وَقَنَاعَةً، وَزَادَهُمْ بِرًّا وَأَمَانَةً وَحِيَاطَةً، فَأَعْقَبَ اللَّهُ مَنْ طَعَنَ عَلَيْهِ النِّفَاقَ إِلَى يَوْمِ التَّلاقِ. قَالَ لَهُ: فَمَا كَانَ عَلَى خَاتَمِهِ؟ قَالَ: عبدٌ ذليلٌ لِرَبٍّ جَلِيلٍ. قال له: يا ابن عَبَّاسٍ، مَا تَقُولُ فِي عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ؟ قَالَ: رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَى أَبِي حَفْصٍ؛ كَانَ -والله- خلف الإسلام، وماد الأيتام، ومنتهى الإِحْسَانِ؛ كَانَ لِلْحَقِّ حِصْنًا، وَلِلنَّاسِ عَوْنًا؛ قَامَ بِحَقِّ اللَّهِ صَابِرًا مُحْتَسِبًا حَتَّى ظَهَرَ الدِّينَ، وَفَتَحَ الدِّيَارَ، وَذُكِرَ اللَّهُ عَلَى التِّلاعِ وَالْبِقَاعِ؛ فَأَعْقَبَ اللَّهُ مَنْ يُبْغِضُهُ النَّدَامَةَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. قَالَ: مَا كَانَ عَلَى خَاتَمِهِ؟ قَالَ: الله المعين لمن صبر. قال له: يا ابن عَبَّاسٍ، فَمَا تَقُولُ فِي عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ ﵁؟ قَالَ: رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَى أَبِي عَمْرٍو، كَانَ -وَاللَّهِ- أَكْرَمَ الْحَفَدَةِ، وَأَفْضَلَ الْبَرَرَةِ، كَثِيرَ الاسْتِغْفَارِ بِالأَسْحَارِ، سَرِيعَ الدُّمُوعِ عِنْدَ ذِكْرِ النَّارِ، دَائِمَ الْفِكْرَةِ فِيمَا يَعْنِيهِ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، حَيِيًّا، وَفِيًّا تَقِيًّا، مُجَهِّزَ جَيْشِ الْعُسْرَةِ، وَصَاحِبَ بِئْرِ رُومَةَ؛ فَأَعْقَبَ اللَّهُ مَنْ قَتَلَهُ الْعِنَادَ إِلَى يَوْمِ التَّنَادِ. قَالَ: فَمَا كَانَ عَلَى خَاتَمِهِ؟ قَالَ: كَانَ نَقْشُ خَاتَمِهِ مِنْ صِدْقِ نِيَّتِهِ: اللَّهُمَّ، فَأَحْيِنِي سَعِيدًا، وَأَمِتْنِي شَهِيدًا. وَاللَّهِ، لَقَدْ عَاشَ سَعِيدًا، وَمَاتَ شَهِيدًا. قال له: يا ابن عَبَّاسٍ، مَا تَقُولُ فِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ﵁؟ قَالَ: رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ؛ كَانَ -وَاللَّهِ- عَلَمَ الْهُدَى، وَكَهْفَ التُّقَى، وَمُنْتَهَى الْعِلْمِ وَالنُّهَى، وَنُورَ السَّفَرَةِ فِي ظُلَمِ الدُّجَى، وَأَفْضَلَ مَنْ تَقَمَّصَ وَارْتَدَى، وَخَيْرَ مَنْ آمَنَ وَاتَّقَى، وَأَكْرَمَ مَنْ شَهِدَ النِّدَاءَ بَعْدَ محمدٍ الْمُصْطَفَى، صَاحِبُ الْقِبلَتَيْنِ فَمَا مِثْلُهُ أحدٌ، وَأَبُو السِّبْطَيْنِ فَهَلْ يُسَاوِيهِ أحدٌ؟ وَزْوَجَتُهُ خَيْرُ النِّسْوَانِ فَهَلْ يَفُوقُهُ أَحَدٌ؟ ⦗٧١⦘ لَمْ تَرَ عَيْنِي مِثْلَهُ؛ وَلَمْ أَسْمَعْ بِمِثْلِهِ؛ فِي الْحَرْبِ خَتَّالا، وَلِلأَقْرَانِ قَتَّالا ضِرْغَامًا، عَلَى مَنْ يبعضه لَعْنَةُ اللَّهِ وَلَعْنَةُ الْعِبَادِ إِلَى يَوْمِ التَّنَادِ. قَالَ لَهُ: فَمَا كَانَ عَلَى خَاتَمِهِ؟ قَالَ: كَانَ نَقْشُ خَاتَمِهِ: الْمُلْكُ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ. قال له: يا ابن عَبَّاسٍ، فَمَا تَقُولُ فِي طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ؟ قَالَ: رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا؛ كَانَا وَاللَّهِ مُسْلِمَيْنِ مُؤْمِنَيْنِ، بَارَّيْنِ تَقِيَّيْنِ، خَيِّرَيْنِ فَاضِلَيْنِ، زَلا زَلَّةً اللَّهُ غافرها لهما، وذلك بالنظر الْقَدِيمَةِ وَالصُّحْبَةِ الْكَرِيمَةِ؛ فَأَعْقَبَ اللَّهُ مَنْ يُبْغِضُهُمَا سُوءَ الْغَفْلَةِ إِلَى يَوْمِ الْحَشْرَةِ. قَالَ لَهُ: [يا] ابن عَبَّاسٍ، فَمَا تَقُولُ فِي الشَّيْخِ الْعَبَّاسِ؟ قَالَ: رحمة الله عليه، عم رسول الله، وَقُرَّةُ عَيْنِ نَبِيِّ اللَّهِ، وَسَيِّدُ الأَعْمَامِ، تَنَاسَلَتْهُ أجدادٌ كرامٌ، يَكْتَسِبُ بِخُلُقِهِ كُلَّ مهذبٍ صنديدٍ، وَيَجْتَنِبُ بِرَأْيِهِ كُلَّ مخالفٍ رعديدٍ؛ وَكَيْفَ لا يَكُونُ كَذَلِكَ وَقَدْ سَاسَهُ خَيْرُ مَنْ ذَهَبَ وَهَبَّ، وَأَفْضَلُ مَنْ مَشَى وَرَكَبَ. قَالَ لَهُ: وَفِيمَنْ قُلْتَ هَذَا؟ قَالَ: فِي صَاحِبِ الْكَوْثَرِ ﷺ، وَالْمَقَامِ الأَكْبَرِ، وَالتَّاجِ وَالْمِغْفَرِ، وَالْحَاجِبِ الأَحْوَرِ، وَالإِكْلِيلِ الأَحْمَرِ، الْمُشْرِقُ بِالنُّورِ، الطَّاهِرُ الْقَلْبِ التَّقِيُّ، النَّقِيُّ الثِّيَابِ، الْكَثِيرُ الأَزْوَاجِ، الْقَلِيلُ الأَوْلادِ، الصُّلْبُ الْمَعْلُومُ، الْمُوَشَّى الْمَخْتُومُ، صَاحِبُ الأَجْنِحَةِ الأَرْبَعَةِ الْمَنْسُوجَةِ بِالْعَبْقَرِيِّ وَالأُرْجُوَانِ، الْمُكَلَّلَةِ بِنُورِ الرَّحْمَنِ، خَلِيلُ جِبْرَائِيلَ، وَصَفِيُّ رَبِّ الْعَالَمِينَ، صَاحِبُ الْحَوْضِ وَالشَّفَاعَةِ، مُحَمَّدٌ ﷺ. قال له: يا ابن عَبَّاسٍ، لَقَدْ وَصَفْتَ فَأَحْسَنْتَ الصِّفَةَ؛ وَأَسْأَلُكَ عَنْ مَسْأَلَةٍ. قَالَ: سَلْ عَمَّا بَدَا لَكَ. قَالَ: لِمَ سُمِّيَتْ قريشٌ قُرَيْشًا؟ قَالَ: لِدَابَّةٍ فِي البحر من أحسن دوابه، ولا تَدَعُ فِيهِ مِنَ الْغَثِّ وَالسَّمِينِ شَيْئًا. ⦗٧٢⦘ فَأَنْشَأَ وهو يقول: وقريشٌ هي التي تسكن البحر ... بِهَا سُمِّيَتْ قريشٌ قُرَيْشًا تَأْكُلُ الْغَثَّ وَالسَّمِينَ وَلا تَتْرُكُ ... فِيهِ لِذِي الْجَنَاحَيْنِ رِيشًا هَكَذَا فِي الْبِلادِ حيُّ قُرَيْشٍ ... يَأْكُلُونَ الْبِلادَ أَكْلا قَشِيشًا وَلَهُمْ آخِرُ الزَّمَانِ نَبِيٌّ ... يُكْثِرُ الْقَتْلَ فِيهِمْ وَالْخُمُوشَا فَأَمَرَ لَهُ بِأَرْبَعَةِ آلافِ دِينَارٍ؛ فَقَبَضَهَا وَصَرَفَهَا فِي بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. فَقَالُوا له: إنا لا نقبل صدقةً، قال: إنها لَيْسَتْ بِصَدَقَةٍ، وَإِنَّمَا هِيَ هديةٌ لَمْ يَبْقَ مِنْهَا شيءٌ. فَبَلَغَ ذَلِكَ مُعَاوِيَةَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ يَلُومُهُ، وَأَنْ يُقْصِرَ عَنْ ذَلِكَ. فَكَتَبَ إِلَيْهِ وهو يقول: بخيلٌ يَرَى بِالْجُودِ عَارًا وَإِنَّمَا ... عَلَى الْمَرْءِ عارٌ أَنْ يَضِنَّ وَيَبْخَلا إِذَا الْمَرْءُ أَثْرَى ثُمَّ لَمْ يَرْجُ نَفْعَهُ ... صديقٌ، فَلاقَتْهُ الْمَنِيَّةُ أولا
١٤١ - [.. ..] عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: رَأَيْتُ خَاتَمَ عَلِيٍّ ﵁ فِي الضَّوْءِ، فَإِذَا فِيهِ ثَلاثَةُ أسطرٍ، نَقْشُهُ: «محمدٌ» فِي سطرٍ، «رَسُولُ» فِي سَطْرٍ، «اللَّهِ» فِي سَطْرٍ. وَيُقَالُ: كَانَ عَلَى خَاتَمِهِ: إِنَّمَا اللَّهُ الْمَلِكُ.
١٤٢ - [.. ..] عَنْ أَبِي رَيْحَانَةَ الْعَامِرِيِّ، قَالَ: أَقْبَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، وَقَدْ تَحَلَّقَ حَوْلَهُ بُطُونُ قُرَيْشٍ كُلِّهَا، وَعَنْ يَمِينِهِ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ؛ فَقَالَ لَهُ: لأَسْأَلَنَّ الْيَوْمَ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ مَسَائِلَ يَعْيَا عَنْ جَوَابِهَا. قَالَ: فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ سَعِيدُ [بْنُ] الْعَاصِ، فَقَالَ لَهُ: يَا مُعَاوِيَةُ، إِنَّكَ لا تَقْوَى عَلَى مَسَائِلِ ابْنِ عَبَّاسٍ. فَلَمَّا جَلَسَ ابْنُ عَبَّاسٍ، التفت إليه معاوية فقال له: يا ابن عَبَّاسٍ، مَا تَقُولُ فِي أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ؟ ⦗٧٠⦘ قَالَ: رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ، كَانَ وَاللَّهِ لِلْقُرْآنِ تَالِيًا، وَلِلشَّرِّ قَالِيًا، وَعَنِ الْمُنْكَرِ نَاهِيًا، وَلِلْمَعْرُوفِ آمِرًا، وَإِلَيْهِ صَائِرًا، وَبِاللَّيْلِ قَائِمًا، وَبِالنَّهَارِ صَائِمًا؛ فَاقَ أَصْحَابَهُ وَرَعًا وَقَنَاعَةً، وَزَادَهُمْ بِرًّا وَأَمَانَةً وَحِيَاطَةً، فَأَعْقَبَ اللَّهُ مَنْ طَعَنَ عَلَيْهِ النِّفَاقَ إِلَى يَوْمِ التَّلاقِ. قَالَ لَهُ: فَمَا كَانَ عَلَى خَاتَمِهِ؟ قَالَ: عبدٌ ذليلٌ لِرَبٍّ جَلِيلٍ. قال له: يا ابن عَبَّاسٍ، مَا تَقُولُ فِي عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ؟ قَالَ: رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَى أَبِي حَفْصٍ؛ كَانَ -والله- خلف الإسلام، وماد الأيتام، ومنتهى الإِحْسَانِ؛ كَانَ لِلْحَقِّ حِصْنًا، وَلِلنَّاسِ عَوْنًا؛ قَامَ بِحَقِّ اللَّهِ صَابِرًا مُحْتَسِبًا حَتَّى ظَهَرَ الدِّينَ، وَفَتَحَ الدِّيَارَ، وَذُكِرَ اللَّهُ عَلَى التِّلاعِ وَالْبِقَاعِ؛ فَأَعْقَبَ اللَّهُ مَنْ يُبْغِضُهُ النَّدَامَةَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. قَالَ: مَا كَانَ عَلَى خَاتَمِهِ؟ قَالَ: الله المعين لمن صبر. قال له: يا ابن عَبَّاسٍ، فَمَا تَقُولُ فِي عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ ﵁؟ قَالَ: رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَى أَبِي عَمْرٍو، كَانَ -وَاللَّهِ- أَكْرَمَ الْحَفَدَةِ، وَأَفْضَلَ الْبَرَرَةِ، كَثِيرَ الاسْتِغْفَارِ بِالأَسْحَارِ، سَرِيعَ الدُّمُوعِ عِنْدَ ذِكْرِ النَّارِ، دَائِمَ الْفِكْرَةِ فِيمَا يَعْنِيهِ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، حَيِيًّا، وَفِيًّا تَقِيًّا، مُجَهِّزَ جَيْشِ الْعُسْرَةِ، وَصَاحِبَ بِئْرِ رُومَةَ؛ فَأَعْقَبَ اللَّهُ مَنْ قَتَلَهُ الْعِنَادَ إِلَى يَوْمِ التَّنَادِ. قَالَ: فَمَا كَانَ عَلَى خَاتَمِهِ؟ قَالَ: كَانَ نَقْشُ خَاتَمِهِ مِنْ صِدْقِ نِيَّتِهِ: اللَّهُمَّ، فَأَحْيِنِي سَعِيدًا، وَأَمِتْنِي شَهِيدًا. وَاللَّهِ، لَقَدْ عَاشَ سَعِيدًا، وَمَاتَ شَهِيدًا. قال له: يا ابن عَبَّاسٍ، مَا تَقُولُ فِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ﵁؟ قَالَ: رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ؛ كَانَ -وَاللَّهِ- عَلَمَ الْهُدَى، وَكَهْفَ التُّقَى، وَمُنْتَهَى الْعِلْمِ وَالنُّهَى، وَنُورَ السَّفَرَةِ فِي ظُلَمِ الدُّجَى، وَأَفْضَلَ مَنْ تَقَمَّصَ وَارْتَدَى، وَخَيْرَ مَنْ آمَنَ وَاتَّقَى، وَأَكْرَمَ مَنْ شَهِدَ النِّدَاءَ بَعْدَ محمدٍ الْمُصْطَفَى، صَاحِبُ الْقِبلَتَيْنِ فَمَا مِثْلُهُ أحدٌ، وَأَبُو السِّبْطَيْنِ فَهَلْ يُسَاوِيهِ أحدٌ؟ وَزْوَجَتُهُ خَيْرُ النِّسْوَانِ فَهَلْ يَفُوقُهُ أَحَدٌ؟ ⦗٧١⦘ لَمْ تَرَ عَيْنِي مِثْلَهُ؛ وَلَمْ أَسْمَعْ بِمِثْلِهِ؛ فِي الْحَرْبِ خَتَّالا، وَلِلأَقْرَانِ قَتَّالا ضِرْغَامًا، عَلَى مَنْ يبعضه لَعْنَةُ اللَّهِ وَلَعْنَةُ الْعِبَادِ إِلَى يَوْمِ التَّنَادِ. قَالَ لَهُ: فَمَا كَانَ عَلَى خَاتَمِهِ؟ قَالَ: كَانَ نَقْشُ خَاتَمِهِ: الْمُلْكُ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ. قال له: يا ابن عَبَّاسٍ، فَمَا تَقُولُ فِي طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ؟ قَالَ: رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا؛ كَانَا وَاللَّهِ مُسْلِمَيْنِ مُؤْمِنَيْنِ، بَارَّيْنِ تَقِيَّيْنِ، خَيِّرَيْنِ فَاضِلَيْنِ، زَلا زَلَّةً اللَّهُ غافرها لهما، وذلك بالنظر الْقَدِيمَةِ وَالصُّحْبَةِ الْكَرِيمَةِ؛ فَأَعْقَبَ اللَّهُ مَنْ يُبْغِضُهُمَا سُوءَ الْغَفْلَةِ إِلَى يَوْمِ الْحَشْرَةِ. قَالَ لَهُ: [يا] ابن عَبَّاسٍ، فَمَا تَقُولُ فِي الشَّيْخِ الْعَبَّاسِ؟ قَالَ: رحمة الله عليه، عم رسول الله، وَقُرَّةُ عَيْنِ نَبِيِّ اللَّهِ، وَسَيِّدُ الأَعْمَامِ، تَنَاسَلَتْهُ أجدادٌ كرامٌ، يَكْتَسِبُ بِخُلُقِهِ كُلَّ مهذبٍ صنديدٍ، وَيَجْتَنِبُ بِرَأْيِهِ كُلَّ مخالفٍ رعديدٍ؛ وَكَيْفَ لا يَكُونُ كَذَلِكَ وَقَدْ سَاسَهُ خَيْرُ مَنْ ذَهَبَ وَهَبَّ، وَأَفْضَلُ مَنْ مَشَى وَرَكَبَ. قَالَ لَهُ: وَفِيمَنْ قُلْتَ هَذَا؟ قَالَ: فِي صَاحِبِ الْكَوْثَرِ ﷺ، وَالْمَقَامِ الأَكْبَرِ، وَالتَّاجِ وَالْمِغْفَرِ، وَالْحَاجِبِ الأَحْوَرِ، وَالإِكْلِيلِ الأَحْمَرِ، الْمُشْرِقُ بِالنُّورِ، الطَّاهِرُ الْقَلْبِ التَّقِيُّ، النَّقِيُّ الثِّيَابِ، الْكَثِيرُ الأَزْوَاجِ، الْقَلِيلُ الأَوْلادِ، الصُّلْبُ الْمَعْلُومُ، الْمُوَشَّى الْمَخْتُومُ، صَاحِبُ الأَجْنِحَةِ الأَرْبَعَةِ الْمَنْسُوجَةِ بِالْعَبْقَرِيِّ وَالأُرْجُوَانِ، الْمُكَلَّلَةِ بِنُورِ الرَّحْمَنِ، خَلِيلُ جِبْرَائِيلَ، وَصَفِيُّ رَبِّ الْعَالَمِينَ، صَاحِبُ الْحَوْضِ وَالشَّفَاعَةِ، مُحَمَّدٌ ﷺ. قال له: يا ابن عَبَّاسٍ، لَقَدْ وَصَفْتَ فَأَحْسَنْتَ الصِّفَةَ؛ وَأَسْأَلُكَ عَنْ مَسْأَلَةٍ. قَالَ: سَلْ عَمَّا بَدَا لَكَ. قَالَ: لِمَ سُمِّيَتْ قريشٌ قُرَيْشًا؟ قَالَ: لِدَابَّةٍ فِي البحر من أحسن دوابه، ولا تَدَعُ فِيهِ مِنَ الْغَثِّ وَالسَّمِينِ شَيْئًا. ⦗٧٢⦘ فَأَنْشَأَ وهو يقول: وقريشٌ هي التي تسكن البحر ... بِهَا سُمِّيَتْ قريشٌ قُرَيْشًا تَأْكُلُ الْغَثَّ وَالسَّمِينَ وَلا تَتْرُكُ ... فِيهِ لِذِي الْجَنَاحَيْنِ رِيشًا هَكَذَا فِي الْبِلادِ حيُّ قُرَيْشٍ ... يَأْكُلُونَ الْبِلادَ أَكْلا قَشِيشًا وَلَهُمْ آخِرُ الزَّمَانِ نَبِيٌّ ... يُكْثِرُ الْقَتْلَ فِيهِمْ وَالْخُمُوشَا فَأَمَرَ لَهُ بِأَرْبَعَةِ آلافِ دِينَارٍ؛ فَقَبَضَهَا وَصَرَفَهَا فِي بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. فَقَالُوا له: إنا لا نقبل صدقةً، قال: إنها لَيْسَتْ بِصَدَقَةٍ، وَإِنَّمَا هِيَ هديةٌ لَمْ يَبْقَ مِنْهَا شيءٌ. فَبَلَغَ ذَلِكَ مُعَاوِيَةَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ يَلُومُهُ، وَأَنْ يُقْصِرَ عَنْ ذَلِكَ. فَكَتَبَ إِلَيْهِ وهو يقول: بخيلٌ يَرَى بِالْجُودِ عَارًا وَإِنَّمَا ... عَلَى الْمَرْءِ عارٌ أَنْ يَضِنَّ وَيَبْخَلا إِذَا الْمَرْءُ أَثْرَى ثُمَّ لَمْ يَرْجُ نَفْعَهُ ... صديقٌ، فَلاقَتْهُ الْمَنِيَّةُ أولا
1 / 69