الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة
الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة
Penerbit
(بدون)
Genre-genre
روى الترمذي في سننه والإمام أحمد في مسنده من حديث عُمَرَ ابْنِ الْخَطَّابِ ﵁: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَوَكَّلُوْنَ عَلَى اللهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ، لَرُزِقْتُمْ كَمَا تُرْزَقُ الطَّيْرُ، تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوْحُ بِطَانًا» (^١).
قال الحافظ ابن رجب: هذا الحديث أصل في التوكل وأنه من أعظم الأسباب التي يستجلب بها الرزق، قال سبحانه: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾ [الطلاق: ٢ - ٣].
وقد دل حديث عمر ﵁ أن الناس إنما يؤتون من قلة تحقيق التوكل، ووقوفهم مع الأسباب الظاهرة بقلوبهم ومساكنتهم لها، فلذلك يتعبون أنفسهم في الأسباب، ويجتهدون فيها غاية الاجتهاد، ولا يأتيهم إلا ما قدر لهم، فلو حققوا التوكل على الله بقلوبهم لساق الله إليهم أرزاقهم مع أدنى سبب، كما يسوق إلى الطير أرزاقها بمجرد الغدو والرواح، وهو نوع من الطلب والسعي، لكنه سعي يسير (^٢). اهـ.
وَقَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: تَوَكِّلْ عَلَى اللهِ تُسَقْ إِلَيْكَ الأَرْزَاقُ بِلَا تَعَبٍ وَلَا تَكَلُّفٍ (^٣).
قَالَ سَعِيْدُ بْنُ جُبَيْرٍ: التَّوَكُّلُ جِمَاعُ الإِيْمَانِ (^٤).
قال ابن القيم ﵀: التوكل من أقوى الأسباب التي يدفع بها العبد ما لا يطيق من أذى الخلق وظلمهم وعدوانهم، وقال: «التوكل نصف
(^١) سنن الترمذي برقم (٢٣٤٤) وقال: حديث حسن صحيح، ومسند الإمام أحمد (١/ ٣٣٢) برقم (٢٠٥) وقال محققوه: إسناده قوي.
(^٢) جامع العلوم والحكم (٢/ ٥٠٢).
(^٣) جامع العلوم والحكم (٢/ ٥٠٢).
(^٤) جامع العلوم والحكم (٢/ ٤٩٧).
2 / 292