الدراية في بيان ضوابط نقد الرواية عند الصحابة
الدراية في بيان ضوابط نقد الرواية عند الصحابة
Genre-genre
يدخل النار إنْ شاء الله أحد شهد بدرًا والحديبية". قالت: فقالت حفصة: ألست تسمع الله يقول: ﴿وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا﴾ (١)، فقال:" أولست تسمعين الله ﷿ يقول: ﴿ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا﴾ (٢) " (٣).
وكذا الموقف التاريخي العظيم لأبي بكر الصديق في أوّل امتحان حقيقي للصحابة في وفاة النبي ﷺ،إذ أخرج البخاري من حديث أمِّ المؤمنين عائشة: أنّ رسول الله ﷺ مات وأبو بكر بالسنح، فقام عمر يقول: والله ما مات رسول الله ﷺ.قالت وقال عمر: والله ما كان يقع في نفسي إلا ذاك وليبعثنه الله فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم. فجاء أبو بكر فكشف عن رسول الله ﷺ فقبله، قال: بأبي أنت وأمي طبت حيًا وميتًا، والذي نفسي بيده لا يذيقنك الله الموتتين أبدًا، ثم خرج فقال: أيها الحالف على رسلك فلما تكلم أبو بكر جلس عمر فحمد الله أبو بكر وأثنى عليه، وقال: ألا من كان يعبد محمدا ﷺ فإنّ محمدًا قد مات، ومن كان يعبد الله فإنّ الله حي لا يموت. وقال: ﴿إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ﴾ (٤). وقال: ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ﴾ (٥). . فنشج الناس يبكون ..... " (٦).
فالقرآن الكريم البوصلة الصحيحة التي لا يضل من تمسك بها، ولا يزيغ عنها إلا هالك.
وهكذا يجد الباحث أنّ الصحابة الكرام جعلو من القرآن الكريم ضابطًا لهم في قبول الرواية أو ردها، ولا سيما بعد وفاة النبي ﷺ.
الضابط الثالث: عرض الرواية على المحفوظ من السنة النبوية (بعد وفاته ﷺ -).
ومن الضوابط التي اعتمدها الصحابة الكرام في نقد الراويات عرضها على الثابت المحفوظ من الأحاديث، وقد نفعهم في هذا قربهم من النبي ﷺ ومجالستهم.
ومن ذلك: ما أخرجه الشيخان من حديث عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة قال: توفيت ابنة لعثمان ﵁ بمكة وجئنا لنشهدها وحضرها ابن عمر وابن عباس ﵃ وإني لجالس بينهما أو قال
(١) سورة مريم /٧١. (٢) سورة مريم /٧١. (٣) تمام الرازي، الفوائد (١٢٧٥). (٤) سورة الزمر/٣٠. (٥) سورة آل عمران/١٤٤. (٦) البخاري، الجامع الصحيح (٣٤٦٧).
1 / 19