الأخلاق الفاضلة قواعد ومنطلقات لاكتسابها
الأخلاق الفاضلة قواعد ومنطلقات لاكتسابها
Penerbit
مطبعة سفير
Genre-genre
والآخرة لَعَلِمَ أن هذه العبودية والطاعة غنيمة له وسعادة في الدارين، ولكان أحرصَ عليها، وأسعد بها، وأكثر رضًا بها من أي شيء آخر، ولأدرك أن التكليف حقيقةً -في نهاية الأمر- ليس هو أمْره بالطاعة، ولكنه اتّباعه لهواه، ونسيانه طاعة مولاه، وتحمّله لعواقب ذلك وتَبِعاتِه في الدنيا وفي الآخرة حقًا إنه بمعصيته لله يُكلِّف نفسه ما لا تطيق عاقبته لا في الدنيا ولا في الآخرة، ولكن أين العقلاء الناصحون لأنفسهم؟ .
لو عَلِمَ الإنسان أن الغاية من خَلْقه هي عبادة الله لَعَلِمَ مدى حمْقه حين ينصرف -وهو العبد المملوك- عما خَلَقه له سيده ومولاه إلى غير ما خلقه له، وقد منّ عليه مولاه ﷿ بالخلْق ثم بالإمداد، ثم بالهداية، وقال له: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ. مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ. إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ﴾ ١!! ثم يَنْكِصُ هذا الإنسان عن مهمته!! ألا ما أجهله إذن!! وما أقلّ أدبه مع ربه!!. فاللهم غَفْرَك ومسامحتك!!
١ ٥٦ - ٥٨: الذاريات: ٥١.
٥- إنسانية الإنسان بين مظهره ومَخْبَرِه وصورته وأخلاقه
ليس الإنسان إنسانًا بجسمه وصورته، ولا بثيابه ومظهره، ولكن إنسانية الإنسان بخُلُقه وخَلْقِهِ معًا، وبجسمه ونفسه وروحه وعقله.
أما الجسم وحده فلا يكفي دليلًا على إنسانية الإنسان، بدليل أنك قد ترى حيوانًا في صورة إنسان، ويُطْلِقُ الناس عليه وصْف الإنسانية بحكم خَلْقه لا
1 / 104