Al-Zawajir 'an Iqtiraf Al-Kaba'ir

Ibn Hajar Haytami d. 974 AH
34

Al-Zawajir 'an Iqtiraf Al-Kaba'ir

الزواجر عن اقتراف الكبائر

Penerbit

دار الفكر

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤٠٧هـ - ١٩٨٧م

Genre-genre

Fiqh Shafie
أَقْدَامِهِمْ وَقُوَّةِ إيمَانِهِمْ، فَكَيْفَ لَا يَخَافُ ذَلِكَ الضُّعَفَاءُ؟ . قَالَ الْعُلَمَاءُ: وَلِسُوءِ الْخَاتِمَةِ عَلَامَاتٌ تَتَقَدَّمُ عَلَى الْمَوْتِ مِثْلُ الْبِدْعَةِ؛ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُهُ ﷺ: «أَهْلُ الْبِدْعَةِ كِلَابُ أَهْلِ النَّارِ فِي النَّارِ» . وَمِثْلُ نِفَاقِ الْعَمَلِ، وَهُوَ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ ﷺ بِقَوْلِهِ «آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ: إذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اُؤْتُمِنَ خَانَ، وَإِنْ صَلَّى وَصَامَ وَزَعَمَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ» وَلِذَلِكَ اشْتَدَّ خَوْفُ السَّلَفِ مِنْهُ حَتَّى قَالَ بَعْضُهُمْ: لَوْ أَعْلَمُ أَنِّي بَرِيءٌ مِنْ النِّفَاقِ كَانَ أَحَبَّ إلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ. وَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: اسْتَعِيذُوا بِاَللَّهِ مِنْ خُشُوعِ النِّفَاقِ، قِيلَ: وَمَا خُشُوعُ النِّفَاقِ؟ قَالَ: أَنْ يُرَى الْجَسَدُ خَاشِعًا وَالْقَلْبُ فَاجِرًا. وَرَوَى الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَنَسٍ ﵁ أَنَّهُ قَالَ: إنَّكُمْ لَتَعْمَلُونَ أَعْمَالًا هِيَ أَدَقُّ فِي عَيْنِكُمْ مِنْ الشَّعْرِ كُنَّا نَعُدُّهَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مِنْ الْمُوبِقَاتِ. وَرَوَى الشَّيْخُ نَصْرٌ الْمَقْدِسِيُّ إمَامُ الشَّافِعِيَّةِ فِي زَمَنِهِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ ﵁ أَنَّهُ قَالَ: «أَوْصَانِي حَبِيبِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ هُنَّ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، قَالَ لِي: يَا أَبَا ذَرٍّ جَدِّدْ السَّفِينَةَ فَإِنَّ الْبَحْرَ عَمِيقٌ: يَعْنِي الدُّنْيَا، وَخَفِّفْ الْحِمْلَ فَإِنَّ السَّفَرَ بَعِيدٌ، وَاحْمِلْ الزَّادَ فَإِنَّ الْعَقَبَةَ طَوِيلَةٌ، وَأَخْلِصْ الْعَمَلَ فَإِنَّ النَّاقِدَ بَصِيرٌ» . وَسُئِلَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ ﵁ عَنْ الْخَشْيَةِ فَقَالَ: هِيَ أَنْ تَخْشَى اللَّهَ تَعَالَى حَتَّى تَحُولَ خَشْيَتُهُ بَيْنَك وَبَيْنَ مَعَاصِيهِ، فَهَذِهِ هِيَ خَشْيَتُهُ. وَأَمَّا الْغِرَّةُ بِاَللَّهِ: فَهِيَ أَنْ يَتَمَادَى الرَّجُلُ فِي الْمَعْصِيَةِ وَيَتَمَنَّى عَلَى اللَّهِ الْمَغْفِرَةَ. وَدَخَلَ بَعْضُهُمْ مُتَنَزَّهًا فَخَطَرَ فِي سِرِّهِ أَنْ يَفْعَلَ فِيهِ مَعْصِيَةً، وَقَالَ مَنْ يَرَانِي؟ فَسَمِعَ صَوْتًا مُزْعِجًا ﴿أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ [الملك: ١٤]؟ وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ﴾ [لقمان: ٣٣] وَهُوَ أَنْ يَدُومَ عَلَى الْمَعَاصِي وَيَتَمَنَّى الْمَغْفِرَةَ. وَقَالَ بِشْرٌ لِلْفُضَيْلِ: عِظْنِي يَرْحَمُك اللَّهُ، فَقَالَ: مَنْ خَافَ اللَّهَ تَعَالَى دَلَّهُ الْخَوْفُ عَلَى كُلِّ خَيْرٍ. وَاسْتَأْذَنَ رَجُلٌ عَلَى طَاوُسٍ فَخَرَجَ لَهُ شَيْخٌ فَقَالَ لَهُ أَنْتَ طَاوُسٌ؟ قَالَ: لَا، أَنَا ابْنُهُ، قَالَ: إنْ كُنْتَ ابْنَهُ لَقَدْ خَرَّفَ أَبُوك، فَقَالَ: إنَّ الْعَالِمَ لَا يُخَرِّفُ، ثُمَّ قَالَ: إذَا دَخَلْتَ عَلَيْهِ فَأَوْجِزْ، فَدَخَلَ فَقَالَ إذَا سَأَلْتَ فَأَوْجِزْ فَقَالَ: لَئِنْ أَوْجَزَ لِي أَوْجَزْتُ، فَقَالَ إنِّي مُعَلِّمُك فِي مَجْلِسِي هَذَا التَّوْرَاةَ

1 / 37