56

Al-Wajiz fi Fiqh al-Imam al-Shafi'i

الوجيز في فقه الإمام الشافعي

Editor

علي معوض وعادل عبد الموجود

Penerbit

شركة دار الأرقم بن أبي الأرقم

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

1418 AH

Lokasi Penerbit

بيروت

Genre-genre

Fiqh Shafie

التصنيفِ والتدْرِيسِ في العلوم الشرعيَّة، وأنا مَمْنُوٌّ بالتدريسِ والإفادةِ لِثَلاَثِمِائَةِ نَفْسٍ من الطلبةِ ببغْدَادَ، فأطلَعَنِي اللهُ سبحانَهُ وتعالَى بمجرَّد المطالَعَة في هذه الأوقَاتِ المختلَسَةِ عَلَى منتهَى علومِهِمْ فِي أَقَلَّ من سنَتَيْنٍ، ثم لم أزلْ أواظِبُ على التفْكِير فيه، بعَدَ فَهْمِهِ قريباً من سنَةٍ، أعاودُهُ وأردِّدُهُ، وأتفقد غوائلَهُ وأغْوَاره).

تَقْسِيمُ الْغَزَّالِيِّ لِلْفَلَاسِفَةِ وَعُلُومِهِمْ:

قسَّم الغَزَّاليُّ - رضي الله عنه - طوائفَ الفلاسفَةِ إلَى ثلاثةِ أصنافٍ:

الصِّنْفُ الأوَّلُ: وهمُ الدَّهْرِيُّونَ الذين جَحَدُوا الصَّانعَ المدبّر، وزعَمُوا أنَّ العالَمَ لم يزَلْ موجوداً كذلك بنَفْسِهِ، وبلا صانع، ولم يزل الحيوانُ من النُّطْفَة، والنُّطْفَةُ من الحَيَوَانِ، وهؤلاء أنكَرُوا خلْقَ الله للأشياءِ مِنَ العَدَمِ، بل أنكّروا الخَلْقَ، وقد قالُوا بقِدَمِ العَالَم.

واعتبر الغَزَّاليُّ هذه الطائفَة من الزَّنَادِقَةِ.

الصِّنْفُ الثَّاني: وهمُ الطَّبِيعِيُّونَ، ويتلخَّص بحثُهُمْ في البحثِ عن عالَمِ الطبيعَة، وعن عَجَائب الحَيَوانِ والنَّبَاتِ، وتكلَّموا عن تشريح أعْضَاءِ الحَيَواناتَ، فوقَفُوا بالتَّالي على عجائِبِ صنْعِ الله تعالى.

غير أنَّهم وقع في ظَنِّهم أنَّ القُوَّةَ العاقِلَةَ من الإنْسَانِ تابعةٌ لمزاجه، وأنَّها تبطلُ ببطلان مِزَاجِهِ، فينعدمُ إذا أَنْعَدَمَ؛ فلا يُعْقَلُ إعادةُ المعدومِ؛ وبذلك ذهبوا إِلَى أن النفْسَ تموتُ ولا تعودُ، فأنكروا البَعْثَ، وبَطَلَ عندهُمْ تبعاً لذلك مَبْدَأُ الطَّاعَةِ والمَعْصِيَة؛ فوقعوا في الزنْدَقَة؛ كما وصفهم بذلك الغَزَّالِيُّ؛ لأنَّ مِنْ شرطِ الإيمانِ الحقيقيُّ الإيمانَ باللّه تعالَى، والإيمانَ بالْيَوْمِ الآخِرِ، وهؤلاءٍ قَدْ جَحَدُوا اليوم الآخر، وإن آمنوا بالله وصفاته على حد قول الغَزَّاليِّ.

أما الصِّنْفُ الثَّالِثُ: فهم الإلهيُّونَ؛ مِثْلُ سُقْراطَ، وأفْلَاَطُونَ وأرِسْطُوَ.

ويرى الغَزَّالِيُّ أنَّ حقيقة هذه الطائفةِ تَنْحَصِرُ في ثلاثةِ أُقْسَامٍ:

قِسْمٌ يجبُ تكْفيرُهُ، وقسْمٌ يجبُ تبْدِيعُهُ، وقسْمٌ لا يجبُ إنكارُهُ أَصْلاً.

أما علومُ الفلْسَفَةِ، فقد قسَّمها إلَىْ سِتَّة عُلُوم: الرياضيَّات، والمنطقيَّات، والطبيعيَّات، والإلهيَّات، والسياسيَّات، والخُلُقِيَّات.

ولم يكفِّرْهُمُ الغَزَّالِيُّ في الريَاضِيَّات، والمنطقيَّات، والسياسيَّات، والخلقيَّات، غيْرَ أنه سَرْعَان ما عاد فأستَدْرَكَ أن تصديقَهُمْ في بعْضِ هذه المَسَائل قد يؤدِّي بالبعْضِ إلى تصديق أقوالِهِمْ في الإلهيَّات؛ استناداً إلَىْ رجَاحَة أقوالِهِمْ فيما أحْسَنُوا القوْلَ فيه.

ويوضّح الغَزَّالِيُّ أنَّ آرَاءَ الفلاسِفَة في الطَّبيعيَّات غلطت في عشْرين مسْألَةً، يجبُ تكفيرُهُمْ في ثلاثٍ منها، وتبديعُهُمْ في سَبْعَ عَشْرَةِ مسْألَةً، وقد ذكر كل هذه المسائِلِ في كتابه (تَهَافُتِ الفَلَاسِفَة).

56