وقال الحسن: أي يصدِّقون بالآخرة (^١).
وقال بعضهم: أي: يؤمنون باللَّه ويطيعونه وإن غابوا عن المؤمنين -لا كالمنافقين- كما قال: ﴿الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ﴾ [الأنبياء: ٤٩].
وقال بعضهم: أي: يؤمنون بقلوبهم الغائبةِ مع ألسنتهم الظاهرة، لا كالمنافقين الذين يؤمنون بألسنتهم الظاهرة دون قلوبهم الغائبة.
وبالجملة (^٢): أن الغيب كلُّ ما لا يصلُ إليه العبد إلا بدليلٍ، وهو ما غاب عن الحسِّ مما يجبُ الإيمان به، وهو ما أَخبر به النبيُّ ﷺ من الكائنات بعده في الدنيا وما بعد الموت من أحوال القيامة والجنة والنار.
وقال الإمام أبو منصورٍ ﵀: قيل فيه بوجهين:
يؤمنون بغيبِ اللَّه ولا يطلبون منه (^٣) طلبَ الأمم السالفةِ من أنبيائهم ﵈، كقول بني إسرائيلَ لموسى صلوات اللَّه عليه: ﴿لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً﴾ [البقرة: ٥٥].
والثاني: يؤمنون بغيب القرآن، وبما يُخْبرهم القرآن من الوعد والوَعيد، والأمر والنهي، والبعث والجنة والنار، والإيمانُ إنما يكون بالغيب؛ لأنه تصديق، والتصديقُ والتكذيب إنما يكونان عن الخبر، والخبرُ إنما (^٤) يكون عن غيبٍ لا عن مشاهدةٍ (^٥).
(^١) انظر هذه الأقوال في "تفسير الثعلبي" (١/ ١٤٧)، و"زاد المسير" (١/ ٢٤ - ٢٥).
(^٢) في (أ) و(ف): "والجملة".
(^٣) في (أ): "منه مما"، وفي (ف): "ما".
(^٤) "إنما": ليست في (أ)، ولم ترد في مطبوع "التأويلات".
(^٥) انظر: "تأويلات أهل السنة" (١/ ٣٧٣).