لِمَا مَعَكُمْ وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ﴾ [البقرة: ٤١].
وأما التقوى التي هي تركُ الذنوب بعد تمامِ الإيمان (^١): ففي مثلِ قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ﴾ [البقرة: ٢٧٨].
وللناسِ في التقوى والمتَّقي أقاويلُ تبلغ مئةَ قول (^٢) عدَّدْناها في كتابنا الموسوم بـ "بحر علوم التفسير على نحو رسوم التذكير"، وفي كتاب اللَّه تعالى في تفسيره ما يغني عن كثيرٍ من ذلك؛ فإنه قال: ﴿وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ﴾ [البقرة: ١٧٧]، وعدَّ (^٣) أشياءَ ثم قال في آخره: ﴿وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ﴾ [البقرة: ١٧٧]، فهذا هو المتَّقي المطلقُ الثابت بحجةٍ لا ريب فيها، والذي يليه في الوضوح قولُ النبي ﷺ: "جماعُ التقوى في قولِه تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ﴾ الآية [النحل: ٩٠] " (^٤).
والذي (^٥) يَقربُ منه في الثقة بصحَّته: أن المتَّقيَ المطلقَ مَن ائتَمَر بأمرِ التقوى الواردِ في القرآن، وهو (^٦) على ثلاثةِ أوجُهٍ: للعامِّ وللخاصِّ ولخاصِّ الخاصِّ:
أما أمرُ العامِّ: فباتقاء النار: ﴿وَاتَّقُوا النَّارَ﴾ [آل عمران: ١٣١].
وأما أمرُ الخاص: فباتقاءِ يومِ القيامة: ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ﴾ [البقرة: ٢٨١].
(^١) في (أ): "بعد تمام الآيات"، وفي (ر): "بعد الإيمان".
(^٢) "قول": ليست في (ف).
(^٣) في (ف): "وعدد".
(^٤) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (١/ ١٤٢)، والبغوي في "تفسيره" (١/ ٦٠)، ولم أجده مسندًا.
(^٥) بعدها في (أ): "يليه".
(^٦) في (ر) و(ف): "وهي".