191

التيسير في التفسير

التيسير في التفسير

Penyiasat

ماهر أديب حبوش وآخرون

Penerbit

دار اللباب للدراسات وتحقيق التراث

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

1440 AH

Lokasi Penerbit

أسطنبول

Genre-genre

Tafsiran
ثم اللَّطيفةُ في أنَّ هذه الوجوهَ التي بيَّنَّا إضمارَها لم تُظهَر، وبذِكْر تلك الكلمات لم تبدأ (^١): أن تكون البدايةُ بسم اللَّه، فلا يكون افتتاحُ كلام (^٢) القارئ بذِكْر فِعلِ نفسِه، بل بذِكْر اسمِ ربِّه كما بدأ رسولُ اللَّه ﷺ حيث قال: ﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا﴾ [التوبة: ٤٠] لا كما قال موسى صلوات اللَّه عليه: ﴿إِنَّ مَعِيَ رَبِّي﴾ [الشعراء: ٦٢]، فلا يُستفتحُ بأَحسنَ مِن اسم اللَّه (^٣) كلامٌ، ولا يُستنجَح بأعظمَ مِن فضله مرامٌ، تبارك اللَّهُ ذو الجلال والإكرام. وقيل: معناه: بقوَّة اسمِ اللَّهِ قدرتُ أنْ بَدَأتُ، وهو معنى (^٤) قولِنا: لا حولَ ولا قوَّةَ إلَّا باللَّهِ العليِّ العظيم. وقال أبو بكرٍ الورَّاق: بَدَأَ اللَّهُ تعالى كتابَه بذِكْرين ﴿بِسْمِ اللَّهِ﴾، و﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ﴾ كأنَّه قال: الأشياء به وجودُها وله ملكُها. ثم إنَّما طُوِّلت هذه الباءُ دون سائرِ الباءات؛ لوجوه ثلاثة: أحدها: أنَّه ﵊ أَمَرَ بذلك فيما رُوي لنا بإسنادٍ عن مكحولٍ الشاميِّ قال: قال معاوية: كنتُ أكتبُ بين يدَي رسولِ اللَّهِ ﷺ فقال: "يا معاويةُ، أَلِق الدواةَ، وحرِّف القلمَ، وانْصِبِ الباء، وفرِّقِ السينَ، ولا تُعوِّر الميمَ، وحسِّن اللَّهَ، ومدَّ الرَّحمنَ، وجوِّد الرحيمَ" (^٥).

(^١) في (ر): "نبدأ". (^٢) في (أ): "بكلام"، وليست في (ف). (^٣) في (أ): "من اسمه". (^٤) في (ف): "بمعنى". (^٥) رواه السمعاني في "أدب الإملاء والاستملاء" (ص: ١٧٠)، والديلمي في "مسند الفردوس" (٥/ ٣٩٤)، ومكحول لم يسمع من معاوية، كما في "مراسيل ابن أبي حاتم" (ص: ١٦٦). قوله: (ألِق الدَّواةَ) بفتح الهمزة وكسر اللام أمر من ألاقَ الدواة: إذا جعل لها لِيقةً وأصلح لها =

1 / 44