At-Talwīḥ fī Kashf Ḥaqā’iq at-Tanqīḥ

Saad al-Din al-Taftazani d. 792 AH
64

At-Talwīḥ fī Kashf Ḥaqā’iq at-Tanqīḥ

التلويح في كشف حقائق التنقيح

Penerbit

مطبعة محمد علي صبيح وأولاده بالأزهر

Nombor Edisi

١٣٧٧ هـ

Tahun Penerbitan

١٩٥٧ م

Lokasi Penerbit

مصر

Genre-genre

Usul Fiqh
بِهَذَا وقَوْله تَعَالَى ﴿فَإِنْ طَلَّقَهَا﴾ [البقرة: ٢٣٠] تَحِلُّ لَهُ الْفَاءُ لَفْظٌ خَاصٌّ لِلتَّعْقِيبِ، وَقَدْ عَقَّبَ الطَّلَاقَ بِالِافْتِدَاءِ فَإِنْ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ بَعْدَ الْخُلْعِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَبْطُلُ مُوجِبُ الْخَاصِّ تَحْقِيقُهُ أَنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ الطَّلَاقَ الْمُعَقِّبَ لِلرَّجْعَةِ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ ذَكَرَ افْتِدَاءَ الْمَرْأَةِ، وَفِي تَخْصِيصِ فِعْلِهَا هُنَا تَقْرِيرُ فِعْلِ الزَّوْجِ عَلَى مَا سَبَقَ وَهُوَ الطَّلَاقُ فَقَدْ بَيَّنَ نَوْعَيْهُ بِغَيْرِ مَالٍ وَبِمَالٍ كَمَا يَقُولُ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الِافْتِدَاءَ فَسْخٌ فَإِنَّ ذَلِكَ زِيَادَةٌ عَلَى الْكِتَابِ ثُمَّ قَالَ فَإِنْ طَلَّقَهَا أَيْ: بَعْدَ الْمَرَّتَيْنِ سَوَاءٌ كَانَتَا بِمَالٍ أَوْ بِغَيْرِهِ، فَفِي اتِّصَالِ الْفَاءِ بِأَوَّلِ الْكَلَامِ وَانْفِصَالِهِ عَنْ ــ [التلويح] إلَى الْحَيْضِ جَازَ إطْلَاقُهُ عَلَى الْبَعْضِ مِنْ الثَّالِثِ بِمُجَرَّدِ الِابْتِدَاءِ مِنْ الْحَيْضِ، وَإِنْ امْتَنَعَ هَذَا امْتَنَعَ ذَاكَ، وَإِنْ ادَّعَى جَوَازَ الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ الْبَيَانِ. (قَوْلُهُ وقَوْله تَعَالَى ﴿فَإِنْ طَلَّقَهَا﴾ [البقرة: ٢٣٠] ذَكَرَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ ﵀ مِنْ فُرُوعِ الْعَمَلِ بِالْخَاصِّ أَنَّ الْخُلْعَ طَلَاقٌ لَا فَسْخٌ عَمَلًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿الطَّلاقُ مَرَّتَانِ﴾ [البقرة: ٢٢٩] إلَى قَوْلِهِ ﴿فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ﴾ [البقرة: ٢٢٩] وَأَنَّ الطَّلَاقَ بَعْدَ الْخُلْعِ مَشْرُوعٌ عَمَلًا بِالْفَاءِ فِي قَوْلِهِ ﴿فَإِنْ طَلَّقَهَا﴾ [البقرة: ٢٣٠] إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ مِنْ هَذَا الْبَابِ غَيْرَ ظَاهِرٍ فَلِهَذَا اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى الثَّانِي مُشِيرًا فِي أَثْنَاءِ تَحْقِيقِهِ إلَى الْأَوَّلِ، وَتَحْقِيقُهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذَكَرَ الطَّلَاقَ الْمُعْقِبَ لِلرَّجْعَةِ مَرَّتَيْنِ مَرَّةً بِقَوْلِهِ ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ﴾ [البقرة: ٢٢٨] إلَى قَوْلِهِ ﴿وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ﴾ [البقرة: ٢٢٨] وَمَرَّةً بِقَوْلِهِ ﴿الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ﴾ [البقرة: ٢٢٩] أَيْ: التَّطْلِيقُ الشَّرْعِيُّ تَطْلِيقَةٌ بَعْدَ تَطْلِيقَةٍ عَلَى التَّفْرِيقِ دُونَ الْجَمْعِ، كَذَا قِيلَ نَظَرًا إلَى ظَاهِرِ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ وَلَيْسَ بِمُسْتَقِيمٍ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ﴾ [البقرة: ٢٢٨] إلَى آخِرِهِ بَيَانٌ لِوُجُوبِ الْعِدَّةِ، وَقَوْلُهُ الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ كَلَامٌ مُبْتَدَأٌ لِبَيَانِ كَيْفِيَّةِ الطَّلَاقِ وَمَشْرُوعِيَّتِهِ، وَذِكْرُ الطَّلَاقِ أَلْفَ مَرَّةٍ بِدُونِ مَا يَدُلُّ عَلَى تَعَدُّدٍ وَتَرْتِيبٍ لَا يَقْتَضِي تَعَدُّدَهُ حَتَّى يَكُونَ قَوْلُهُ " فَإِنْ طَلَّقَهَا " بَيَانًا لِلثَّالِثَةِ، بَلْ الصَّوَابُ أَنَّ قَوْلَهُ مَرَّتَيْنِ قَيْدٌ لِلطَّلَاقِ لَا لِذِكْرِهِ أَيْ: أَنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ الطَّلَاقَ الَّذِي يَكُونُ مَرَّتَيْنِ بِقَوْلِهِ ﴿الطَّلاقُ مَرَّتَانِ﴾ [البقرة: ٢٢٩] أَيْ: ثِنْتَانِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ، ثُمَّ قَالَ طَلَّقَهَا أَيْ: بَعْدَ الْمَرَّتَيْنِ فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ أَرَادَ بِالْمَرَّتَيْنِ التَّطْلِيقَتَيْنِ، ثُمَّ ذَكَرَ افْتِدَاءَ الْمَرْأَةِ بِقَوْلِهِ ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ﴾ [البقرة: ٢٢٩] أَيْ: عَلِمْتُمْ أَوْ ظَنَنْتُمْ أَيُّهَا الْحُكَّامُ أَنْ لَا يُقِيمَا أَيْ: الزَّوْجَانِ حُدُودَ اللَّهِ أَيْ: حُقُوقَ الزَّوْجِيَّةِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَيْ: فَلَا إثْمَ عَلَى الرَّجُلِ فِيمَا أَخَذَ، وَلَا عَلَى الْمَرْأَةِ فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ نَفْسَهَا، وَفِي تَخْصِيصِ فِعْلِ الْمَرْأَةِ بِالِافْتِدَاءِ تَقْرِيرُ فِعْلِ الزَّوْجِيَّةِ عَلَى مَا سَبَقَ وَهُوَ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا جَمَعَهُمَا فِي قَوْلِهِ أَنْ لَا يُقِيمَا، ثُمَّ خَصَّ جَانِبَ الْمَرْأَةِ مَعَ أَنَّهَا لَا تَتَلَخَّصُ بِالِافْتِدَاءِ إلَّا بِفِعْلِ الزَّوْجِ كَانَ بَيَانًا بِطَرِيقِ الضَّرُورَةِ إنَّ فِعْلَ الزَّوْجِ هُوَ الَّذِي تَقَرَّرَ فِيمَا سَبَقَ وَهُوَ الطَّلَاقُ فَكَانَ هَذَا بَيَانًا لِنَوْعَيْ الطَّلَاقِ أَعْنِي بِغَيْرِ مَالٍ وَبِمَالٍ، وَهُوَ الِافْتِدَاءُ وَصَارَ كَالتَّصْرِيحِ بِأَنَّ فِعْلَ الزَّوْجِ فِي الْخُلْعِ وَافْتِدَاءِ الْمَرْأَةِ طَلَاقٌ لَا فَسْخٌ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِيمَا رُوِيَ عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ الصَّحِيحُ مِنْ

1 / 65