At-Talwīḥ fī Kashf Ḥaqā’iq at-Tanqīḥ

Saad al-Din al-Taftazani d. 792 AH
1

At-Talwīḥ fī Kashf Ḥaqā’iq at-Tanqīḥ

التلويح في كشف حقائق التنقيح

Penerbit

مطبعة محمد علي صبيح وأولاده بالأزهر

Nombor Edisi

١٣٧٧ هـ

Tahun Penerbitan

١٩٥٧ م

Lokasi Penerbit

مصر

Genre-genre

Usul Fiqh
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ــ [التلويح] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَحْكَمَ بِكِتَابِهِ أُصُولَ الشَّرِيعَةِ الْغَرَّاءِ، وَرَفَعَ بِخِطَابِهِ فُرُوعَ الْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ الْبَيْضَاءِ، حَتَّى أَضْحَتْ كَلِمَتُهُ الْبَاقِيَةُ رَاسِخَةَ الْأَسَاسِ شَامِخَةَ الْبِنَاءِ. كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ، أَوْقَدَ مِنْ مِشْكَاةِ السُّنَّةِ لِاقْتِبَاسِ أَنْوَارِهَا سِرَاجًا وَهَّاجًا، وَأَوْضَحَ لِإِجْمَاعِ الْآرَاءِ عَلَى اقْتِفَاءِ آثَارِهَا قِيَاسًا وَمِنْهَاجًا، حَتَّى صَادَفْت بِحَارَ الْعِلْمِ وَالْهُدَى تَتَلَاطَمُ أَمْوَاجًا. وَرَأَيْت النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا، وَالصَّلَاةُ عَلَى مَنْ أَرْسَلَهُ لِسَاطِعِ الْحُجَّةِ مِعْوَانًا وَظَهِيرًا، وَجَعَلَهُ لِوَاضِحِ الْمَحَجَّةِ سُلْطَانًا وَنَصِيرًا، مُحَمَّدٍ الْمَبْعُوثِ هُدًى لِلْأَنَامِ مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا، وَدَاعِيًّا إلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا، ثُمَّ عَلَى مَنْ الْتَزَمَ بِمُقْتَضَى إشَارَاتِهِ الدَّالَّةِ عَلَى طَرِيقِ الْعِرْفَانِ، وَاعْتَصَمَ فِيهَا بِمَا تَوَاتَرَ مِنْ نُصُوصِهِ الظَّاهِرَةِ الْبَيَانَ، وَاغْتَنَمَ فِي شَرِيفِ سَاحَتِهِ كَرَامَةَ الِاسْتِصْحَابِ وَالِاسْتِحْسَانِ، مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَاَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ. وَبَعْدُ فَإِنَّ عِلْمَ الْأُصُولِ الْجَامِعَ بَيْنَ الْمَعْقُولِ وَالْمَنْقُولِ، النَّافِعَ فِي الْوُصُولِ إلَى مَدَارِك الْمَحْصُولِ أَجَلُّ مَا يَتَنَسَّمُ فِي إحْكَامِ أَحْكَامِ الشَّرْعِ قَبُولَ الْقَبُولِ، وَأَعَزُّ مَا يُتَّخَذُ لِإِعْلَاءِ أَعْلَامِ الْحَقِّ عَقُولُ الْعُقُولِ، وَإِنَّ كِتَابَ التَّنْقِيحِ - مَعَ شَرْحِهِ الْمُسَمَّى بِالتَّوْضِيحِ لِلْإِمَامِ الْمُحَقِّقِ وَالنِّحْرِيرِ الْمُدَقِّقِ عَلَمِ الْهِدَايَةِ وَعَالِمِ الدِّرَايَةِ مُعَدِّلِ مِيزَانِ الْمَعْقُولِ، وَالْمَنْقُولِ، وَمُنَقِّحِ أَغْصَانِ الْفُرُوعِ وَالْأُصُولِ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ وَالْإِسْلَامِ، أَعْلَى اللَّهُ دَرَجَتَهُ فِي دَارِ السَّلَامِ - كِتَابٌ شَامِلٌ لِخُلَاصَةِ كُلِّ مَبْسُوطٍ وَافٍ، وَنِصَابٌ كَامِلٌ مِنْ خِزَانَةِ كُلِّ مُنْتَخَبٍ كَافٍ، وَبَحْرٌ مُحِيطٌ بِمُسْتَصْفَى كُلِّ مَدِيدٍ وَبَسِيطٍ، وَكَنْزٌ مُغْنٍ عَمَّا سِوَاهُ مِنْ كُلِّ وَجِيزٍ وَوَسِيطٍ، فِيهِ كِفَايَةٌ لِتَقْدِيمِ مِيزَانِ الْأُصُولِ وَتَهْذِيبِ أَغْصَانِهَا، وَهُوَ نِهَايَةٌ فِي تَحْصِيلِ مَبَانِي الْفُرُوعِ وَتَعْدِيل أَرْكَانِهَا، نَعَمْ قَدْ سَلَكَ مِنْهَاجًا بَدِيعًا فِي كَشْفِ أَسْرَارِ التَّحْقِيقِ، وَاسْتَوْلَى عَلَى الْأَمَدِ الْأَقْصَى مِنْ رَفْعِ مَنَارِ التَّدْقِيقِ، مَعَ شَرِيفِ زِيَادَاتٍ مَا مَسَّتْهَا أَيْدِي الْأَفْكَارِ، وَلَطِيفِ مَا فَتَقَ بِهَا رَتْقَ آذَانِهِمْ أُولُو الْأَبْصَارِ، وَلِهَذَا طَارَ كَالْأَمْطَارِ فِي الْأَقْطَارِ، وَصَارَ كَالْأَمْثَالِ فِي الْأَمْصَارِ، وَنَالَ فِي الْآفَاقِ حَظًّا مِنْ الِاشْتِهَارِ، وَلَا اشْتِهَارَ الشَّمْسِ فِي نِصْفِ النَّهَارِ. وَقَدْ صَادَفْت مُجْتَازِي مَا وَرَاءَ النَّهْرِ لِكَثِيرٍ مِنْ فُضَلَاءِ الدَّهْرِ أَفْئِدَةً تَهْوَى إلَيْهِ وَأَكْبَادًا هَائِمَةً عَلَيْهِ، وَعُقُولًا جَاثِيَةً بَيْنَ يَدَيْهِ، وَرَغَبَاتٍ مُسْتَوْقِفَةَ الْمَطَايَا لَدَيْهِ، مُعْتَصِمِينَ فِي كَشْفِ أَسْتَارِهِ بِالْحَوَاشِي وَالْأَطْرَافِ، قَانِعِينَ فِي بِحَارِ أَسْرَارِهِ عَلَى اللَّآلِئِ بِالْأَصْدَافِ لَا تَحُلُّ أَنَامِلُ الْأَنْظَارِ عُقَدَ مُعْضِلَاتِهِ

1 / 2