السنة ومكانتها للسباعي ط المكتب الإسلامي

Mustafa al-Siba'i d. 1384 AH
87

السنة ومكانتها للسباعي ط المكتب الإسلامي

السنة ومكانتها للسباعي ط المكتب الإسلامي

Penerbit

المكتب الإسلامي

Nombor Edisi

الثالثة

Tahun Penerbitan

١٤٠٢ هـ - ١٩٨٢ م (بيروت)

Genre-genre

عثمان، وفي خلافة عَلِيٍّ، كانت سببًا مباشرًا في وضع الحديث، وقدمنا قول من قال: إن أول من تَجَرَّأَ على ذلك، هم الشِيعَةُ، فيكون العراق أول بيئة نشأ فيها الوضع، وقد أشار إلى هذا أئمة الحديث حيث كان الزُّهْرِيُّ يقول: «يَخْرُجُ الحَدِيْثُ مِنْ عِنْدِنَا شِبْرًا فَيَرْجِعُ إِلَيْنَا مِنَ العِرَاقِ ذِرَاعًا» (١) وكان «مالك» يُسَمِّي العراق (دَارَ الضَّرْبِ) أي تضرب فيها الأحاديث وتخرج إلى الناس، كما تضرب الدراهم وتخرج للتعامل، وإذا كان السبب المباشر في وضع الحديث الخلافات السياسية، فلا شك أنه حدث بعد ذلك أسباب أخرى كان لها أثر في اتساع دائرة الأحاديث الموضوعة، ونستطيع أن نُجْمِلَ فيما يلي جميع الأسباب التي أدت إلى الوضع في الحديث موجزين بذلك ما استطعنا: أَوَّلًا: الخِلاَفَاتُ السِّيَاسِيَّةُ: فقد انغمست الفِرَقُ السياسية في حمأة الكذب على رسول الله ﷺ كثرة وقلة، فالرَّافِضَة أكثر هذه الفرق كذبًا، سئل مالك عن الرَّافِضَة فقال: «لاَ تُكَلِّمْهُمْ وَلاَ تَرْوِ عَنْهُمْ فَإِنَّهُمْ يَكْذِبُونَ» (٢) ويقول شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَاضِي، وقد كان معروفًا بالتشيع مع الاعتدال فيه: «أَحْمِلُ [العِلْمَ] عَنْ كُلِّ مَنْ لَقِيتُ إِلاَّ الرَّافِضَةَ، فَإِنَّهُمْ يَضَعُونَ الحَدِيثَ، وَيَتَّخِذُونَهُ دِينًا» (٣) وَقَالَ حَمَّادٌ بْنِ سَلَمَةَ: «حَدَّثَنِي شَيْخٌ لَهُمْ - يَعْنِي الرَّافِضَةَ - قَالَ: كُنَّا إِذَا اجْتَمَعْنَا فَاسْتَحَسَنَّا شَيْئًا جَعَلْنَاهُ حَدِيثًا» (٤) وقال الشافعي: «مَا رَأَيْتُ فِي أَهْلِ الأَهْوَاءِ قَوْمًا أَشْهَدُ بِالزُّورِ مِنَ الرَّافِضَةَ» (٥). ويستشهد أَهْلُ السُنَّةِ لما وضعته الرَّافِضَةُ من الأحاديث بِحَدِيثِ «الوَصِيَّةِ فِي غَدِيرِ خُمْ» وخلاصته أن النَّبِيَّ ﷺ، في رجوعه من حَجَّةِ الوداع جمع الصحابة في مكان يقال له «غَدِيرُ خُمْ» وأخذ بيد عَلِيٍّ ﵁ ووقف

(١) ابن عساكر (مخطوط). (٢) " منهاج السُنَّةِ ": ١/ ١٣. (٣) " منهاج السُنَّةِ " أيضًا. (٤) " منهاج السُنَّةِ " أيضًا. (٥) " اختصار علوم الحديث " لابن كثير: ص ١٠٩.

1 / 79