السنة ومكانتها للسباعي ط المكتب الإسلامي
السنة ومكانتها للسباعي ط المكتب الإسلامي
Penerbit
المكتب الإسلامي
Nombor Edisi
الثالثة
Tahun Penerbitan
١٤٠٢ هـ - ١٩٨٢ م (بيروت)
Genre-genre
سمع خبرًا ما، أن يرفض ما يرفضه العقل، ويتأنى فيما «يستغربه» حتى يتيقن من صدقه أو كذبه.
وطريق التيقن (أو العلم) في الإسلام أحد أمور ثلاثة:
١ - إما الخبر الصادق الذي يتيقن السامع من صِدْقِ مُخْبِرِهِ، كأخبار الله في كتبه وأخبار الأنبياء.
٢ - وإما التجربة والمشاهدة بعد التأكد من سلامة التجربة فيما يقع تحت التجربة والاختبار.
٣ - وإما حكم العقل فيما ليس فيه خبر صحيح ولا تجربة مشاهدة.
ومن إعجاز القرآن أنه وضع هذه القواعد الثلاثة لتحقق «العلم» أو اليقين، في هذه الآية الكريمة: ﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا﴾ (١).
ومن تمام الإعجاز في هذه الآية أنها جاءت مرتبة هكذا: الخبر الصادق (السمع) ثم التجربة (البصر) ثم المحاكمة العقلية (الفؤاد) على أنها هي (العناصر) الثلاثة التي ينشأ عنها كل علم، ولن تجد في الحياة «علمًا» لا ينشأ من عنصر هذه العناصر.
والقرآن يعتبر أن ما يقوم على غير هذه العناصر، لا يسمى «علمًا» بل هو إما الظن «غلبة احتمال الشيء»، وإما الوهم والخيال.
ونصوص الشريعة، ما كان منها من أصول العقيدة فلا بد فيها من العلم وهو «التَيَقُّنُ الجَازِمُ المُطَابِقُ لِلْوَاقِعِ عَنْ دَلِيلٍ» كالإيمان بالله وصفاته، والنبوات والأنبياء، والملائكة، والجنة والنار.
وما كان منها، من فروع الشريعة (الأحكام العملية) فيكفي فيها الظن، لأن اشتراط العلم فيها غير متحقق في كثير منها، وهذا مُسَلَّمٌ به لدى الدارسين للشريعة وعلومها.
والأحاديث التي صَحَّحَهَا علماؤنا ﵏ ليس فيها ما يرفضه العقل أو يحيله لأنها إما أن تتعلق بأمور العقيدة، وهذه يجب أن تتفق مع القرآن، وقد قلنا بأننا نقطع أن ليس في القرآن شيء يحكم العقل بفساده أو بطلانه أو استحالته،
_________
(١) [سورة الإسراء، الآية: ٣٦].
1 / 35