162

Sirat Mustaqim

الصراط المستقيم إلى مستحقي التقديم‏

Genre-genre

وأما الجود فظاهر عليه وقد شهد له أعداؤه فقد دخل محقن الضبي على معاوية وقال جئتك من عند أبخل الناس فقال ويحك لو ملك علي بيتا من تبر وبيتا من تبن لأنفد تبره قبل تبنه.

قال الشعبي ما قال لسائل قط لا وناهيك بما أتى في هل أتى حين إيثاره بالطعام ثلاثا مع صيامه تلك الأيام ونزل فيه الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية لما تصدق بأربعة دراهم والمخالف يزعم أن أبا بكر أنفق أمواله على النبي الذي هو أفضل من المسكين واليتيم والأسير ولم ينزل فيه شيء يسير وذلك إما لعدم الإنفاق في نفسه أو لعدم الإخلاص فيه.

وأما الحلم فقد صفح يوم الجمل عن مروان وكان أعدى الناس عداوة له في كل أوان وعن ابن الزبير مع شتمه لعلي جهارا وكرم عائشة بتجهيزها إلى المدينة في عشرين امرأة عليهن لبس الرجال فقالت في الطريق هتك ستري برجاله فلما وصلت إلى المدينة ألقين العمائم وقلن نحن نسوة وعفى عن أهل البصرة والأحقاد لم تبدد وموجبات المؤاخذة لم تشرد وصفح عن معاوية وأصحابه حين ملك الماء بعد أن منعوه منه.

وأما الفصاحة فمنه تعلم الناس الكتابة والخطابة ولا يخفى ما له من مفرد الكلام ومركبه حتى اعتنى العلماء بشروحه والنظر في كشف أسراره كنهج البلاغة وغيره وقد أطنب الجاحظ في كتاب البيان في مدح علي في هذا الشأن وأما حسن الأخلاق فهو المضروب به المثل على الإطلاق قال ابن العاص إن به دعابة أخذه من قول عمر لما عزم على استخلافه لله أبوك لو لا دعابة فيك قال صعصعة كان فينا كأحدنا في لين جانب وشدة تواضع وسهولة قياد وقال معاوية رحم الله أبا حسن فلقد كان هشا بشا ذا فكاهة.

وأما زهده فهو أحد الأبدال العظام فلم يشبع قط من طعام يلبس الغليظ القصير ويأكل جريش الشعير وكان من كرامته أن الجوع لم ينقص من قوته

Halaman 162