Siraj Munir
السراج المنير في الإعانة على معرفة بعض معاني كلام ربنا الحكيم الخبير
Penerbit
مطبعة بولاق (الأميرية)
Nombor Edisi
الأولى
Lokasi Penerbit
القاهرة
Genre-genre
وإن صح فليس في الآية نفي الزائد مع أنه إن ضمّ إليها العرش والكرسي لم يبق خلاف وقوله تعالى: ﴿وهو بكل شيء عليم﴾ أي: مجملًا ومفصلًا فيه تعليل كأنه قال: ولكونه عالمًا بكيفية الأشياء كلها خلق ما خلق على هذا النمط الأكمل والوجه الأنفع واستدلال بأنّ من كان فعله على هذا النسق العجيب والترتيب الأنيق كان عليمًا فإنّ إتقان الأفعال وإحكامها وتخصيصها بالوجه الأحسن الأنفع لا يتصوّر إلا من عالم حكيم رحيم أفلا تعتبرون أنّ القادر على خلق ذلك ابتداءً وهو أعظم منكم قادر على إعادتكم. وقرأ حمزة والكسائي ثم استوى وفسوّاهنّ بالإمالة، وورش بالفتح وبين اللفظين، والباقون بالفتح، وقرأ قالون وأبو عمرو والكسائيّ وهو بسكون الهاء، والباقون بضمها، ﴿و﴾ اذكر يا محمد ﴿إذ قال ربك للملائكة﴾ وقيل: إذ زائدة أي: وقال ربك: وكل ما ورد في القرآن من هذا النحو فهذا سبيله وهو إلا إما يقدّر اذكر وهو الأولى أو تكون إذ مزيدة وإذ وإذا ظرفا توقيت إلا أنّ إذ للماضي وإذا للمستقبل وقد يوضع أحدهما موضع الآخر، قال المبرد: إذا جاء إذ مع المستقبل كان معناه ماضيًا كقوله تعالى: ﴿وإذ يمكر﴾ (الأنفال، ٣٠) يعني: وإذ مكروا، وإذا جاء إذا مع الماضي كان معناه مستقبلًا كقوله تعالى: ﴿إذا جاء نصر الله﴾ (الفتح، ١) أي: سيجيء، وقرأ أبو عمرو بإدغام اللام في الراء بخلاف عنه، والباقون بالإظهار، والملائكة جمع ملك أصله ملاك والتاء لتأنيث الجمع وهو مقلوب مألك من الألوكة وهي الرسالة لأنهم وسايط بين الله تعالى وبين الناس فهم رسل الله أو
كالرسل إليهم لتوسط الأنبياء بينهم وبين الناس واختلف
العقلاء في حقيقتهم بعد اتفاقهم على أنها ذوات موجودة قائمة بأنفسها فذهب أكثر المسلمين إلى أنها أجسام لطيفة شفافة ويعبرون عنها بنورانية قادرة على التشكل بأشكال مختلفة والجنّ قادرة على ذلك واستدلوا على ذلك بأنّ الرسل كانوا يرونهم أجسامًا لطيفة متشكلة بأشكال مختلفة وزعم الحكماء - يعني الفلاسفة - أنهم جواهر مجرّدة مخالفة للنفوس الناطقة في الحقيقة، وقالت طائفة من النصارى: هي النفوس الفاضلة أي: المتصفة بفضائل العلم والعمل، بخلاف الشرّيرة فإنها عندهم: الشياطين البشرية الناطفة. قوله: البشرية وما بعده صفة للنفوس المفارقة للأبدان يعني: ما دامت في الأبدان تسمى النفوس، فإذا فارقتها كانت الملائكة، والمقول له الملائكة كلهم لعموم اللفظ وعدم المخصص، وقيل: ملائكة الأرض وذلك أنّ الله تعالى خلق السماء والأرض وخلق الملائكة والجنّ فأسكن الملائكة السماء وأسكن الجنّ في الأرض فمكثوا فيها دهرًا طويلًا ثم ظهر فيهم الحسد والبغي فأفسدوا فيها فبعث الله تعالى إليهم جندًا من الملائكة يقال له: الجنّ وهم خزان الجنان اشتق لهم اسم من الجنة رأسهم إبليس فكان رئيسهم ومن أشدّهم وأكثرهم علمًا فهبطوا إلى الأرض وطردوا الجنّ إلى شعوب الجبال وبطون الأودية وجزائر البحور وسكنوا الأرض وخفف الله تعالى عنهم العبادة وأعطى الله تعالى إبليس ملك الأرض وملك السماء الدنيا وخزانة الجنة وكان يعبد الله تارة في الأرض وتارة في السماء وتارة في الجنة فدخله العجب وقال: ما أعطاني الله تعالى هذا الملك إلا لأني أكرم الملائكة عليه فقال الله
1 / 44