Siraj Munir
السراج المنير في الإعانة على معرفة بعض معاني كلام ربنا الحكيم الخبير
Penerbit
مطبعة بولاق (الأميرية)
Nombor Edisi
الأولى
Lokasi Penerbit
القاهرة
Genre-genre
حيث أنه يعود عليهم بحقن الدماء وسلامة الأموال والأولاد ومشاركة المسلمين في المغانم والأحكام بالنار الموقدة للاستضاءة ولذهاب أثره وانطماس نوره بإهلاكهم وإفشاء حالهم بإطفاء الله تعالى إياها وإذهاب نورها، هذا هو الوارد، أخرجه ابن جرير عن ابن عباس، وقيل: مثل ضربه الله لمن آتاه ضربًا من الهدى وأضاعه ولم يتوصل به إلى نعيم الأبد فبقي متحيرًا متحسرًا تقريرًا وتوبيخًا لما تضمنه قوله تعالى: ﴿أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى﴾ إلخ.. ويدخل تحت عموم ما تضمنته الآية هؤلاء المنافقون فإنهم أضاعوا ما نطقت به ألسنتهم من الحق باستبطان الكفر وإظهاره حين خلوا إلى شياطينهم ومن آثر الضلالة على الهدى المجعول له بالفطرة أو ارتدّ عن دينه بعدما آمن. وقرأ ورش بترقيق راء يبصرون.
﴿س٢ش١٨/ش٢٠ صُمُّ؟ بُكْمٌ عُمْىٌ فَهُمْ يَرْجِعُونَ * أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ السَّمَآءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِى؟ ءَاذَانِهِم مِّنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ؟ وَاللَّهُ مُحِيطُ؟ بِالْكَافِرِينَ * يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ؟ كُلَّمَآ أَضَآءَ لَهُم مَّشَوْا؟ فِيهِ وَإِذَآ أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا؟؟ وَلَوْ شَآءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ؟ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ﴾
هم ﴿صم﴾ عن الحق فلا يسمعونه سماع قبول، وأصل الصمم صلابة من اجتماع الأجزاء ومنه قيل: حجر أصم وقناة صماء وصمام القارورة سمي به فقدان حاسة السمع لأنّ سببه أن يكون باطن الصماخ مجتمعًا لا تجويف فيه يشتمل على هواء يسمع الصوت بتموّجه ﴿بكم﴾ خرس عن الخير فلا يقولونه، والخرس في الأصل عدم القدرة على النطق ﴿عمي﴾ عن طريق الهدى فلا يرونه، والعمى في الأصل عدم البصر عما من شأن أن يبصر، وقد يقال لعدم البصيرة ﴿فهم لا يرجعون﴾ أي: لا يعودون إلى الهدى الذي باعوه وضيعوه أو عن الضلالة التي اشتروها.
﴿أو﴾ مثلهم ﴿كصيب﴾ فهو معطوف على الذي استوقد أي: كمثل أصحاب صيب لقوله: ﴿يجعلون أصابعهم في آذانهم﴾ وأوفى الأصل للتساوي للشك، ثم اتسع فيها فأطلق للتساوي من غير شك مثل جالس الحسن أو ابن سيرين، وقوله تعالى: ﴿ولا تطع منهم آثمًا أو كفورًا﴾ (الإنسان، ٢٤) فإنه يفيد التساوي في حسن المجالسة في المثال الأول ووجوب العصيان في الثاني ومن ذلك قوله: ﴿أو كصيب من السماء﴾ ومعناه بقرينة السياق أنّ قصة المنافقين مشبهة بهاتين القصتين وأنهما سواء في صحة التشبيه بهما وأنت مخير في التمثيل بهما أو بأيتهما شئت وإن كان الثاني أبلغ كما قاله الزمخشري، قال: لأنه أدل على فرط الحيرة وشدّة الأمر وفظاعته، والصيب أصله صيوب من صاب يصوب وهو النزول، يقال للمطر وللسحاب، والآية تحتملهما، أي ينزل ﴿من السماء﴾ ذلك فإن قدّرت الصيب بالمطر فالمراد بالسماء السحاب وإنّ قدرته بالسحاب فالمراد السماء بعينها والسماء كل ما علاك وأظلك وهي من أسماء الأجناس فيكون واحدًا وجمعًا ﴿فيه﴾ أي: الصيب، وقيل: السماء ﴿ظلمات﴾ جمع ظلمة فإن أريد بالصيب المطر فظلماته ظلمة تكاثفه بتتابع القطر وظلمة غمامه مع ظلمة الليل وإن أريد به السحاب فظلماته سواده وتكاثفه مع ظلمة الليل ﴿ورعد﴾ وهو صوت يسمع من السحاب قال البيضاوي: والمشهور أنّ سببه اضطراب أجرام السحاب واصطكاكها إذا ساقها الريح من الارتعاد ﴿وبرق﴾ وهو ما يلمع من السحاب من برق الشيء بريقًا، هذا ما جرى عليه الجوهري وغيره، وهو المناسب هنا وإن أطلق الرعد على الملك أيضًا فهو مشترك بين الصوت المذكور والملك الثابت في الأحاديث، ففي بعضها: أنه ملك موكل بالسحاب بيده مخراق من نار يزجر به السحاب بسوقه إلى حيث شاء الله وصوته ما يسمع، وفي بعضها: أنه ملك ينعق بالغيث كما ينعق الراعي بغنمه، وفي بعضها: أنه ملك يسوق السحاب بالتسبيح كما يسوق الحادي الإبل بحدائه،
1 / 28