السيرة الحلبية إنسان العيون في سيرة الأمين المامون
السيرة الحلبية إنسان العيون في سيرة الأمين المامون
Penerbit
دار الكتب العلمية
Nombor Edisi
الثانية
Tahun Penerbitan
1427 AH
Lokasi Penerbit
بيروت
Genre-genre
Sirah Nabi
وتكون هذه المرة الثانية محمل قول حليمة: فو الله إنه بعد مقدمنا بأشهر. وقول ابن الأثير بشهرين أو ثلاثة.
وأما في القدمة الثالثة وهي التي بعد شق صدره وتركها له ﷺ عند أمه كان سنه أربع سنين، وفيها كانت وفاتها على ما يأتي، وقيل خمس سنين قاله ابن عباس، وقيل ست سنين، ويكون بعض الرواة اشتبه عليه الأمر، وظن أن هذه القدمة الثانية التي قبل شق صدره هي الثالثة التي بعد شق صدره ﷺ فلزم الإشكال، فتأمل ذلك تأملا حميدا، ولا تكن ممن يفهم تقليدا، والله أعلم.
ووفدت عليه ﷺ حليمة بعد تزوجه خديجة تشكو إليه ضيق العيش، فكلم لها خديجة فأعطتها عشرين رأسا من غنم وبكرات، جمع بكرة: وهي الثنية من الإبل:
أي وفي رواية أربعين شاة وبعيرا اهـ.
ووفدت عليه يوم حنين فبسط لها رداءه فجلست عليه، أي فقد قال بعضهم:
لم تره بعد أن ردته إلا مرتين: إحداهما بعد تزوّجه خديجة: أي وعليه تكون هذه المرة هي التي قدمت فيها مع زوجها وولدها وأجلسهم على ردائه أي ثوبه الذي كان جالسا عليه كما تقدم، والمرة الثانية يوم حنين.
وفي كلام القاضي عياض: ثم جاءت أبا بكر ففعل ذلك: أي بسط لها رداءه، ثم جاءت عمر ففعل كذلك.
وفي كلام ابن كثير أن حديث مجيء أمه ﷺ إليه في حنين غريب وإن كان محفوظا، فقد عمرت دهرا طويلا لأن من وقت أرضعت رسول الله ﷺ إلى وقت الجعرانة: أي بعد رجوعه من حنين أزيد من ستين سنة. وأقل ما كان عمرها حين أرضعته ﵊ ثلاثين سنة وكونها وفدت على أبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما تزيد المدة على المائة.
وعن أبي الطفيل قال: «رأيت رسول الله ﷺ يقسم لحما بالجعرانة: أي بعد رجوعه من حنين، كما تقدم، والطائف وأنا غلام شاب فأقبلت امرأة، فلما رآها رسول الله ﷺ بسط لها رداءه، فقيل: من هذه؟ قيل: أمه التي أرضعته ﷺ» وفي رواية «استأذنت امرأة على النبي ﷺ قد كانت ترضعه، فلما دخلت عليه قال: أمي أمي وعمد إلى ردائه فبسطه لها فقعدت عليه» اهـ. وتقدم عن شرح الهمزية لابن حجر أن من سعادة حليمة توفيقها للإسلام هي وزوجها وبنوها.
وفي الأصل ومن الناس من ينكر إسلامها، وأشار بذلك إلى شيخه الحافظ الدمياطي فإنه من جملة المنكرين حيث قال: أي في سيرته: حليمة لا يعرف لها صحبة ولا إسلام، وقد وهم غير واحد فذكروها في الصحابة وليس بشيء، وكان
1 / 151