The Life of the Prophet by Ibn Hisham
السيرة النبوية لابن هشام
Editor
طه عبد الرؤوف سعد
Penerbit
شركة الطباعة الفنية المتحدة
Genre-genre
Sirah Nabi
الأسْود بن مقصود يهاجم مَكَّةَ: فَلَمَّا نَزَلَ أَبْرَهَةُ المغَمَّس، بَعَثَ رَجُلًا مِنْ الْحَبَشَةِ يُقَالُ لَهُ: الأسْوَد بْنُ مَقْصُودٍ١ عَلَى خَيْلٍ لَهُ، حَتَّى انْتَهَى إلَى مَكَّةَ، فساق إليه أموالَ تِهامة مِنْ قُرَيْشٍ وَغَيْرِهِمْ وَأَصَابَ فِيهَا مِائَتَيْ بَعِيرٍ لِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ كَبِيرُ قُرَيْشٍ وَسَيِّدُهَا، فَهَمَّتْ قُرَيْشٌ وَكِنَانَةُ وهُذَيل ومن كان بذلك الحرم بِقِتَالِهِ، ثُمَّ عَرَفُوا أَنَّهُمْ لَا طَاقَةَ لَهُمْ به، فتركوا ذلك.
رسول أبرهة إلى مكة: وبعث أبرهة حباطة الْحِمْيَرِيَّ إلَى مَكَّةَ، وَقَالَ لَهُ: سَلْ عَنْ سَيِّدِ أَهْلِ هَذَا الْبَلَدِ وَشَرِيفِهَا، ثُمَّ قُلْ لَهُ: إنَّ الْمَلِكَ يَقُولُ لَكَ: إنِّي لَمْ آتِ لِحَرْبِكُمْ، إنَّمَا جِئْتُ لِهَدْمِ هَذَا الْبَيْتِ، فإن لم تتعرضوا دُونَهُ بِحَرْبِ، فَلَا حَاجَةَ لِي بِدِمَائِكُمْ، فَإِنْ هُوَ لَمْ يُرِدْ حَرْبِي فَأْتِنِي بِهِ؛ فَلَمَّا دخل حباطة مَكَّةَ، سَأَلَ عَنْ سَيِّدِ قُرَيْشٍ وَشَرِيفِهَا، فَقِيلَ له: عبد المطلب بن هاشم، فَجَاءَهُ. فَقَالَ لَهُ مَا أَمَرَهُ بِهِ أَبْرَهَةُ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ: وَاَللَّهِ مَا نُرِيدُ حَرْبَهُ، وَمَا لَنَا بِذَلِكَ مِنْ طَاقَةٍ، هَذَا بَيْتُ اللَّهِ الْحَرَامُ وَبَيْتُ خَلِيلِهِ إبْرَاهِيمَ ﵇ -أَوْ كَمَا قَالَ– فَإِنْ يَمْنَعْهُ مِنْهُ، فَهُوَ بَيْتُهُ وَحَرَمُهُ، وَإِنْ يُخَلِّ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ، فَوَاَللَّهِ مَا عِنْدَنَا دَفْع عَنْهُ. فَقَالَ لَهُ حباطة: فَانْطَلِقْ مَعِي إلَيْهِ، فَإِنَّهُ قَدْ أَمَرَنِي أَنْ آتيه بك.
أنيس يشفع لعبد المطلب: فَانْطَلَقَ مَعَهُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ، وَمَعَهُ بَعْضُ بَنِيهِ، حَتَّى أَتَى الْعَسْكَرَ، فَسَأَلَ عَنْ ذِي نَفر، وَكَانَ لَهُ صَدِيقًا، حَتَّى دَخَلَ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي مَحْبِسِهِ، فَقَالَ لَهُ: يَا ذَا نَفْر هَلْ عِنْدَكَ مِنْ غَناء فِيمَا نَزَلَ بِنَا؟ فَقَالَ لَهُ ذُو نَفْر: وَمَا غَناء رَجُلٍ أَسِيرٍ بيدَيْ مَلِكٍ يَنْتَظِرُ أَنْ يَقْتُلَهُ غُدوًّا أَوْ عَشِيًّا؟! مَا عِنْدَنَا غَناء فِي شَيْءٍ مِمَّا نَزَلَ بِكَ، إلَّا أَنَّ أنَيْسا سَائِسَ الْفِيلِ صَدِيقٌ لِي، وَسَأُرْسِلُ إلَيْهِ فَأُوصِيهِ بِكَ، وأعْظم عَلَيْهِ حَقَّكَ، وَأَسْأَلُهُ أَنْ يَسْتَأْذِنَ لَكَ على الملك، فتكلمه بما بدا لك، ويشبع لَكَ عِنْدَهُ بِخَيْرِ إنْ قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ. فَقَالَ: حَسْبِي. فَبَعَثَ ذُو نَفْر إلَى أنَيْس، فَقَالَ لَهُ: إنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ سَيِّدُ قُرَيْشٍ، وَصَاحِبُ عِير مَكَّةَ، يُطْعِمُ النَّاسَ بالسَّهل، وَالْوُحُوشَ في رءوس
١ وهو الأسود بن مقصود بن الحارث بن منبه بن مالك بْنِ كَعْبِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ كَعْبِ بْنِ عمرو بن علة. ويقال فيه: عُلَة على وزن عمر -ابن خالد بن مذحج بعثه النجاشى مع الفيلة والجيش، وكانت الفيلة ثلاثة عشر فيلًا هلكت كلها إلا "محمود" فيل النجاشي لامتناعه عن التوجه إلى الكعبة.
1 / 43