Al-Sahib and Caliph Abu Bakr Al-Siddiq

Ragheb El-Sergany d. Unknown
78

Al-Sahib and Caliph Abu Bakr Al-Siddiq

الصاحب والخليفة أبو بكر الصديق

Genre-genre

اجتماع الأنصار في سقيفة بني ساعدة لمبايعة سعد بن عبادة وتعالوا نرجع إلى سقيفة بني ساعدة: اختار الأنصار سعد بن عبادة ﵁ وأرضاه وكان مريضًا ﵁ وأرضاه وجلس وهو مزمل بثوبه، يعني: متغطيًا بثوبه، ولا يكاد يسمع صوته، فأراد أن يتكلم بعد اختياره؛ لأنهم فعلًا اختاروه، ولكن لا زالت البيعة لم تتم، فلم يقدر على إسماع القوم جميعًا فكان يبلغ عنه ابنه الكلام ويتحدث ابنه إلى الناس، فقال سعد بن عبادة ﵁ وأرضاه بعد أن حمد الله وأثنى عليه بما هو أهله: يا معشر الأنصار! ونلاحظ في كلمته أن أبا بكر وعمر وأبا عبيدة لا زالوا لم يدخلوا، ولا أحد من المهاجرين موجود في السقيفة في هذه الخطبة. قال: يا معشر الأنصار! لكم سابقة في الدين وفضيلة في الإسلام ليست لقبيلة من العرب. ونلاحظ هنا أنه يرفع من شأن الأنصار فوق كل القبائل العربية بما فيها قبائل مكة وقريش. ثم فسر سبب ذلك في خطبته فقال: إن محمدًا ﷺ لبث بضع عشر سنة في قومه -يعني: أنه قعد ثلاث عشرة سنة في مكة يدعوهم إلى عبادة الرحمن وخلع الأنداد والأوثان- فما آمن به من قومه إلا رجال قليل، ما كانوا يقدرون على أن يمنعوا رسول الله ﷺ، ولا أن يعزوا دينه، ولا أن يدفعوا عن أنفسهم ضيمًا عموا به، حتى إذا أراد الله بكم الفضيلة ساق إليكم الكرامة. وانظر إلى كلام سيدنا سعد بن عبادة كم هو لطيف. يقول: حتى إذا أراد الله بكم الفضيلة ساق إليكم الكرامة، وهنا ينسب سعد بن عبادة الفضل إلى الله ﷿، ثم يكمل ويقول: وخصكم بالنعمة، فرزقكم الله الإيمان به وبرسوله والمنع له ولأصحابه والإعزاز له ولدينه، والجهاد لأعدائه، فكنتم أشد الناس على عدوه وأثقلهم على عدوه من غيركم. وطبعًا! كلام سعد بن عبادة كلام صحيح وكلام حقيقي، فالمهاجرون في بدر كانوا اثنين وثمانين أو ثلاثة وثمانين، لكن الأنصار كانوا مائتين وواحدًا وثلاثين، وهكذا في كل المشاهد كان الأنصار دائمًا أعدادهم أكثر بكثير من أعداد المهاجرين. ثم يكمل سعد بن عبادة خطبته فيقول: حتى استقامت العرب لأمر الله طوعًا وكرهًا، وأعطى البعيد المقادة صاغرًا داخرًا. يعني: أن العرب جميعًا سلموا القيادة للمسلمين بفضل الأنصار. قال: حتى أثخن الله ﷿ لرسوله بكم الأرض ودانت له بأسيافكم العرب. وهنا سعد بن عبادة ﵁ وأرضاه كأنه يشير إلى اعتقاده الراسخ أن العرب ستستهدف الأنصار بعد وفاة رسول الله ﷺ؛ لأن الأنصار هم الذين أرغموا العرب على الاتباع. ثم ختم سعد بن عبادة ﵁ وأرضاه خطبته بكلمة جميلة فقال: ثم توفى الله ﷿ رسوله ﷺ وهو عنكم راض وبكم قرير العين. ومع قصر الخطبة في كلماتها إلا أنها كانت تحمل معاني عميقة كثيرة، ويمكن القول إجمالًا: إن سعد بن عبادة ﵁ وأرضاه ذكر مفاخر الأنصار وأفضالهم وحب الرسول ﷺ لهم ووضع الأنصار بالنسبة للعرب، ذكر كل ذلك لهدفين رئيسين فيما يبدو لي: الهدف الأول: رفع الحالة المعنوية للأنصار، فهناك مصاب فادح وهو أنه لا يزال الرسول ﵊ لم يدفن بعد، فنفى ﵁ وأرضاه عنهم الإحباط واليأس، ودعاهم لاستمرار المسيرة كما بدءوها والثبات على أمر هذا الدين. الهدف الثاني الواضح: التدليل على أحقية الأنصار في الخلافة فيما يبدو لهم؛ من حيث إنهم هم الذين نصروا وآووا وقاتلوا العرب ومكنوا للدين. هكذا، هذه كانت خطبة سعد بن عبادة ﵁ وأرضاه في أول اجتماع السقيفة. وإجمالًا: الخطبة تعبر عن حكمة الصحابي الجليل سعد بن عبادة ﵁، ورضي الله عن الأنصار والمهاجرين وسائر الصحابة أجمعين.

7 / 3