Al-Sahib and Caliph Abu Bakr Al-Siddiq
الصاحب والخليفة أبو بكر الصديق
Genre-genre
إنكار الصديق حظ نفسه في تحسين صورته أمام الناس
أين حظ النفس عند الصديق في صورته أمام الناس؟ قد تشوه صورته أمام الناس فلا يعتبر إلا بمصالح الآخرين وإن كان على حساب صورته، وتعالوا بنا نرى الموقف اللطيف هذا: روى البخاري عن عبد الله بن عمر ﵄: (أن عمر حين تأيمت حفصة بنت عمر تأيمت من خنيس بن حذافة -يعني: مات عنها زوجها خنيس بن حذافة ﵁ وكان من أهل بدر- قال عمر: لقيت عثمان بن عفان ﵁ فعرضت عليه حفصة فقلت: إن شئت أنكحتك حفصة بنت عمر، فقال عثمان: سأنظر في أمري، قال عمر: فلبثت ليالي ثم لقيني فقال: قد بدا لي ألا أتزوج يومي هذا، يعني: رفض الزواج.
قال: فلقيت أبا بكر الصديق ﵁ وأرضاه فقلت: إن شئت أنكحتك حفصة بنت عمر، فصمت أبو بكر ﵁ وأرضاه فلم يرجع إلي شيئًا، فكنت عليه أوجد مني على عثمان، يعني: غضبت منه أكثر مما غضبت من عثمان ﵁، قال: فلبثت ليالي، ثم خطبها النبي ﷺ فأنكحتها إياه، فلقيني أبو بكر فقال: لعلك وجدت علي حين عرضت علي حفصة فلم أرجع إليك شيئًا؟ فقلت: نعم، قال: فإنه لم يمنعني أن أرجع إليك فيما عرضت علي إلا أني كنت علمت أن النبي ﷺ ذكرها فلم أكن لأفشي سر رسول الله ﷺ، ولو تركها النبي ﷺ لقبلتها)، الصديق لا يرى صورته، كان من الممكن أن يبشر عمر ﵁ وأرضاه أو أن يقول له: لو لم يتزوجها رسول الله ﷺ فسأتزوجها، لكنه لا يريد أن يفشي سر رسول الله ﷺ، فلا مانع إن كان ذلك على حساب صورته أمام عمر.
وروى البخاري عن أبي الدرداء ﵁ قال: (كنت جالسًا مع النبي ﷺ إذ أقبل أبو بكر آخذًا بطرف ثوبه حتى أبدى عن ركبته، فقال النبي ﷺ: أما صاحبكم فقد غامر -أي: خاصم- فسلم أبو بكر الصديق وقال: يا رسول الله! إنه كان بيني وبين ابن الخطاب شيء فغضبت ثم ندمت وسألته أن يغفر لي فأبى علي، فقال الرسول ﷺ: يغفر الله لك يا أبا بكر! قالها ثلاث مرات، ثم إن عمر ندم أنه لم يسامح أبا بكر الصديق، فأتى منزل أبي بكر فسأل: أثم أبو بكر؟ -يعني: أبو بكر هنا؟ - قالوا: لا، فأتى النبي ﷺ فسلم عليه، فجعل وجه الرسول ﷺ يتمعر -أي يغضب غضبًا شديدًا- حتى أشفق أبو بكر على عمر أن يناله ما يكره من رسول الله ﷺ، فجثا الصديق على ركبتيه فقال: يا رسول الله! والله! أنا كنت أظلم -ليس مهم صورته أمام رسول الله ﷺ، المهم ألا يؤذى عمر - فقال النبي ﷺ: إن الله بعثني إليكم، فقلتم: كذبت، وقال أبو بكر: صدق، وواساني بنفسه وماله، فهل أنتم تاركو لي صاحبي؟ فهل أنتم تاركو لي صاحبي؟)، قالها مرتين ﷺ، يقول أبو الدرداء: فما أوذي بعدها ﵁ وأرضاه.
4 / 9