128

Al-Sahib and Caliph Abu Bakr Al-Siddiq

الصاحب والخليفة أبو بكر الصديق

Genre-genre

دور التربية في بناء الأمم والشعوب
الدرس العاشر والأخير: دور التربية في بناء الأمم والشعوب.
لا أعتقد أن أحدًا من الممكن أن يقبل بما حدث في السقيفة إلا إذا كان على درجة عالية راقية من التربية، فالجهد الضخم الذي بذله رسول الله ﷺ في تربية هذا الجيل سواء في فترة مكة أو في المدينة لم يصبح هباء منثورًا بموته ﷺ أبدًا، فمعجزة هذا الدين هي بناء الرجال، وليس من السهل أبدًا أن يتنازل رجل مثل سعد بن عبادة عن الخلافة وهو يقف في عشيرته وسقيفته ومدينته، وليس من السهل أن يفزع الفاروق من الخلافة فيبعدها عنه إلى الصديق ﵁، وليس من السهل أن يتمنى الصديق ﵁ أن لو حمل الأمر رجل غيره وكفاه تبعات الأمانة الثقيلة، وليس من السهل أن يتسابق الأنصار على بيعة قرشي، وليس من السهل أن يقبل أهل المدينة جميعًا وأهل الإسلام جميعًا برجل واحد دون اعتراض ولا تمرد.
هذا كله نتاج تربية، ولن يأتي هذا من فراغ ولن ينزل عليهم الورع فجأة.
وإذا أردنا أن نكون مثلهم فلابد من تربية جيل يعرف قيمة الدنيا ويزهد فيها، ويعلم قيمة الآخرة ويرغب فيها، لابد من تربية جيل يقدم رضا الله ﷿ على هوى نفسه، ويستجيب لشرع الله وإن تعارض مع مصلحته ورأيه، ولابد من تربية جيل يتنازل لأخيه عن أشياء يعتقد أنها قد تكون من حقه لا يتنازل عن ذلك إلا لله، ولا يرغب من وراء ذلك إلا رضا الله وجنته.
إن رُبي هذا الجيل فسيصبح أمر الخلافة والصدارة والمجد أمرًا يسيرًا إن شاء الله، وإنه ليسير على من يسره الله عليه.
كانت هذه دروسًا عشرة أسأل الله ﷿ أن ينفعني وينفعكم بها، وأن يجعلها في ميزان حسناتنا أجمعين.
وختامًا: فوداعًا يا صديق! ووداعًا يا خير الناس! بعد رسول الله ﷺ.
وداعًا يا صاحب! وداعًا يا خليفة! فكم من اللحظات السعيدة مرت علي وأنا أقرأ عن الصديق! وكم من الأيام والليالي مرت كدقائق قليلة وأنا أعيش معه في مكة والمدينة! وأكاد أجزم أني أراه وأعرفه، ووالله! يا صديق! إني أحُبك في الله، وأسأل الله أن يجمعنا جميعًا معك في الفردوس الأعلى مع حبيبك وحبيبنا محمد ﷺ.

12 / 15