The Tadmurian Discourse
الرسالة التدمرية
Penerbit
المطبعة السلفية
Nombor Edisi
الأولى
Tahun Penerbitan
1399 AH
Lokasi Penerbit
القاهرة
Genre-genre
Akidah dan Kepercayaan
وَفِي حَدِيثِ أَبِي رَزِينٍ الْمَشْهُورِ، الَّذِي رَوَاهُ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ: لَمَّا أَخْبَرَ النَّبِيُّ ﷺ أَنَّهُ مَا مِنْ أحد إلا سيخلوا بِهِ رَبَّهُ. فَقَالَ لَهُ أَبُو رَزِينٍ: كَيْفَ يَسَعُنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَهُوَ وَاحِدٌ، وَنَحْنُ جَمِيعٌ؟ فَقَالَ: " سَأُنَبِّئُك بِمِثْلِ ذَلِكَ فِي آلَاءِ اللَّهِ! هَذَا الْقَمَرُ آيَةٌ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ كُلُّكُمْ يَرَاهُ مُخْلِيًا بِهِ، فَاَللَّهُ أَكْبَرُ ".
وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ مَنْ تَوَجَّهَ إلَى الْقَمَرِ وَخَاطَبَهُ إذَا قُدِّرَ أَنْ يُخَاطِبَهُ لَا يَتَوَجَّهُ إلَيْهِ إلَّا بِوَجْهِهِ مَعَ كَوْنِهِ فَوْقَهُ، فَهُوَ مُسْتَقْبِلٌ لَهُ بِوَجْهِهِ مَعَ كَوْنِهِ فَوْقَهُ، وَمِنْ الْمُمْتَنِعِ فِي الْفِطْرَةِ أَنْ يَسْتَدْبِرَهُ وَيُخَاطِبَهُ مَعَ قَصْدِهِ التَّامِّ لَهُ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مُمْكِنًا، وَإِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ مَنْ لَيْسَ مَقْصُودُهُ مُخَاطَبَتَهُ، كَمَا يَفْعَلُ مَنْ لَيْسَ مَقْصُودُهُ التَّوَجُّهَ إلَى شَخْصٍ بِخِطَابِ، فَيُعْرِضُ عَنْهُ بِوَجْهِهِ وَيُخَاطِبُ غَيْرَهُ، لِيَسْمَعَ هُوَ الْخِطَابَ، فَأَمَّا مَعَ زَوَالِ الْمَانِعِ فَإِنَّمَا يَتَوَجَّهُ إلَيْهِ، فَكَذَلِكَ الْعَبْدُ إذَا قَامَ إلَى الصَّلَاةِ، فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ رَبَّهُ وَهُوَ فَوْقَهُ، فَيَدْعُوهُ مِنْ تِلْقَائِهِ لَا مِنْ يَمِينِهِ وَلَا مِنْ شِمَالِهِ، وَيَدْعُوهُ مِنْ الْعُلُوِّ لَا مِنْ السُّفْلِ، كَمَا إذَا قدر أنه يخطاب الْقَمَرَ.
وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ قَالَ: " لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ رَفْعِ أَبْصَارِهِمْ فِي الصَّلَاةِ أَوْ لَا تَرْجِعُ إلَيْهِمْ أَبْصَارُهُمْ "، وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ رَفْعَ الْمُصَلِّي بَصَرَهُ إلَى السَّمَاءِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، وَرَوَى أَحْمَد عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِين: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَرْفَعُ بَصَرَهُ فِي الصَّلَاةِ إلَى السَّمَاءِ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ﴾ [المؤمنون: ١، ٢] فَكَانَ بَصَرُهُ لَا يُجَاوِزُ مَوْضِعَ سُجُودِهِ، فَهَذَا مِمَّا جَاءَتْ بِهِ الشَّرِيعَةُ تَكْمِيلًا لِلْفِطْرَةِ؛ لِأَنَّ الدَّاعِيَ السَّائِلَ الَّذِي يُؤْمَرُ بِالْخُشُوعِ وَهُوَ
1 / 32