وتبيَّن في هذه التطبيقات أنهم قد يَردُّون القول أحيانًا؛ لأنه لم يسبق إليه، ثم يقبلون قولًا لم يسبق إليه، أو يأتون به، ويحتجون أحيانا بإجماع-خصوصًا في الخلاف- ثم ينقضون مثله في مسألة أخرى، بل قد يكون في نفس المسألة كما قال ابن تيمية عن ابن حزم أنه: "ذكر إجماعات كثيرة فيها نزاع لم يعلمه، بل فيها ما قد خالفه هو أيضًا" (^١).
وذكر أحد الباحثين في إجماعات ابن تيمية في كتاب الطهارة أنه "حكى إجماعًا في مسألة أثناء مناقشة الخلاف، ثم خالف فيه هو ﵀" (^٢)، ونقل ابن عثيمين الإجماع على أن رطوبة فرج المرأة ينقض الوضوء قبل خلاف ابن حزم ثم اختار بعد ذلك قول ابن حزم (^٣).
وهذا لا يُناقض ما سبق ذكره من أنهم يتهيبون الإقدام على قول لم يسبقوا إليه، فهم لا يقدمون إلا بعد تريث وتأمل
(^١) الرد على السبكي في مسألة تعليق الطلاق، لابن تيمية ٢/ ٦٢٤.
(^٢) موسوعة الإجماع، لأسامة القحطاني وآخرين ١/ ٧١.
(^٣) انظر: اللقاءات الشهرية، لابن عثيمين ٢/ ٢٧٠، لقاءات الباب المفتوح، لابن عثيمين، اللقاء (٢١٤)، ثمرات التدوين من مسائل ابن عثيمين، لأحمد القاضي، ص ٧١. مسألة (٥٣).